الرئيسية

الحج زمان والآن.. الاحتفاء بعودة الحجاج زمن الفلكلور والأهازيج التراثية

احمد الشنباري
بعد عودة حجاج بيت الله الحرام من الديار الحجازية، مؤدين فريضة الحج، ومودعين رسول الله عليه الصلاة والسلام، يبقى استقبالهم وعودتهم ببهجة وفرحة شيئاً حتمياً، فلا ألعاب نارية ولا إطلاق نار ولا حتى الكتابة على الجدران كانت في ذلك الوقت، فقط الفلكلورالفلسطيني والأهازيج التراثية هي ما كانت تفرض نفسها على مشهد يجسد قيمة الحج وحجاجه، مراسل “دنيا الوطن” تطرق للبحث عن كيفية الاحتفاء بذهاب وعودة الحجاج قديماً.

ليتني معكم، خذوا حذركم في الطريق، دعواكم الطيبة، كم يوماً بقي، هي العبارات التي لازمت أهل الحجاج في فلسطين، سواء في الماضي أو الحاضر، لتبدأ المشاعر المتضاربة ما بين فرحة القيام بذاك الفرض، وبين لوعة الفراق.

تبدأ تلك المشاعر بغزو القلوب منذ البداية، ذلك لأن قوافل الحجاج  قديما كانت تتنقل على ظهور الإبل، فتجتاز الطرق الوعرة التي تبدأ من مدينة دمشق حيث تتجمع قوافل بلاد الشام، وتتجه جنوباً إلى المدينة المنورة ومن ثم إلى مكة المكرمة، مسافات طويلة يسلكها الحجاج براً، ما كان يعرضهم للمشاق والمهالك التي لم تكن تخيفهم بقدر محبتهم لأداء فريضة الحج، إلى أن وصل الأمر للسفر عبر سفن تقلهم.

مراسل “دنيا الوطن” شمال القطاع التقى بكبار السن الذين عاشوا الأيام الجميلة، فمن جهتها الحاجة دلال الشنباري، والتي عاشت بعضاً من تلك الأيام قالت: “إن التراث الفلسطيني كان له حضور في توديع الحجاج، فالأهالي ينشدون، والأقرباء والجيران يشاركونهم الفرحة، فيدعون لهم بالعودة والسلامة من كل شر، يحملونهم أمانة الدعاء لهم والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنشدت الحاجة بعض الأناشيد التي كان يرددها أهالي الحجاج.

ناموا ناموا يا عيني ما تنام على بير زمزم نصبوا الخيام

مرق هالبدوي متوشح بلثام هذا محمد عليه السلام

ع بير زمزم توضى الرسول .. في ابريق الفضة مع البنور

حجي يا حجه ريحتك روائح .. من نور النبي ودم الذبائح

حجي يا حجه ريحتك مليحه من نور محمد ودم الذبيحة

من ورا الكعبة دوري حجه ياام شعور .. ربي لا يغنيني ولا يغيبني شهور

من ورا الكعبة طوفي ياام الحزام .. ربي ما يجيب عاقه ولا تغيبي زمان

من ورا الكعبة طوفي ياام الهيبات .. ربي ما يجيب عاقه ولا تغيبي ساعات

بيعي حاجاتك يالله يا حجه .. وامشي خطواتك ع بلاد حجاتك

بيعي ذهبتاك يالله يا حجه بيعي ذهباتك .. محمد طلابك والله يا حجه محمد طلابك

أما الحاجة عائشة، والتي روت لنا سفر والدتها عبر سفينة كانت تقف في عرض بحر غزة، ويُنقل لها الحجاج بقوارب صغيرة مشيرة إلى تجمع أهالي الحجاج على الشاطئ؛ ليبدأ تلويح الوداع بأيديهم حتى يتلاشوا عن البصر وتنشد لمراسلنا.

حجنا طاح البحر في يده كيله .. يا رب ترده سالم لهالعيلة

حجنا طاح البحر في يده شربه .. يا رب ترده سالم من هالغربة

حجنا طاح البحر في يده ابريق .. يا رب ترده سالم من هالطريق

وعن الماضي القريب قالت:

وقفوا لها التكسي في باب دارها .. واصبروا عليها تتودع صغارها

وقفوا التكسي في باب عتبتها …. واصبروا عليها تتودع جارتها

وفي السياق قالت الحاجة آمنة سليمان: “إن استقبال الحجيج يدخل فيه اقامة الولائم والعزائم بأكلات فلسطينية، فيقومون بتحضير الغنم للذبح، وكانت من العادات عند وصول الحاج أن تذبح الأغنام فرحة بعودته، ومن لحمها تطبخ الولائم وتوزع كميه منها على الفقراء والمحتاجين.

من جهته، المؤرخ م. محمود الزعانين صاحب كتاب “بيت حانون تاريخ وحضارة” لـ “دنيا الوطن” قال: “لا ينتهي الفلكلور الفلسطيني الخاص بحجاج بيت الله الى مجرد الذهاب، بل يمتد إلى أن يعود الحجاج إلى بيوتهم سالمين، فمهما كانت حرارة الوداع قاسية، فإن حرارة الاستقبال تكون أشد وأقوى ابتهاجاً وفرحاً بالقادمين”، مضيفاً: “ما إن يعلم أهل البلدة باقتراب موعد قدوم ركب الحجيج، حتى يعمدوا إلى تزيين الحارات والميادين والدواوين العامة بالأنوار والزينات المختلفة الأشكال والألوان.

وأشار إلى أنه “بتعليق سعف النخيل وقصفات شجرة السرو واليافطات التي يظهر عليها اسم الحجاج، والتمني له بأن يكون حجه مبروراً وسعيه مشكوراً على مدخل المنزل، فكان الناظر من بعيد يعرف أن هذا البيت عاد أهله من الديار الحجازية.

ويردف الزعانين: “كان المعتقد السائد حينها بأن التزيين بسعف النخيل هو نوع من التيمن بالرسول عليه السلام، وهنا يشار إلى هجرة الرسول واستقبال أهل المدينة له بهذا النوع من الشجر.

مقالات ذات صلة

إغلاق