نشاطات

قصة شابة دشنت موقعا إلكترونيا قيمته مليار دولار

عندما عرضت ميلاني بيركينز مشروعها الجديد وهي في غاية التوتر أمام أحد أثرياء “وادي السيليكون”، وكان عمرها حينها 22 سنة، اختارت أسلوبا جديدا لكنه يحمل مخاطر كبيرة.
تركت ميلاني دروسها الجامعية في موطنها بمدينة بيرث في استراليا لتذهب إلى بالو ألتو في كاليفورنيا من أجل اجتماع مع المستثمر المعروف في مجال التكنولوجيا بيل تاي.
وقرأت ميلاني ذات مرة أنه إذا أردت أن تبهر أحداً فعليك بتقليد لغة جسده، ولذا، ومن أجل أن تحصل على دعم لموقعها الإلكتروني الجديد المتخصص في مجال التصميم على الإنترنت، قررت أن تختبر تلك النظرية.
تقول ميلاني، وهي الآن في الثلاثين من العمر، إن الأمر كان مضحكا، لأن الرجل كان يتناول غداءه أثناء اللقاء، واضطرت هي الأخرى أن تستعرض مشروعها وهي تتناول الغداء وتقلد حركاته.

وتحولت فكرة ميلاني، التي سمتها “مستقبل النشر” في ذلك الوقت، إلى منصة تعرف اليوم باسم موقع “كانفا” الإلكتروني، والذي يهدف إلى إتاحة المجال للجميع لتصميم كل شيء على الإنترنت، بداية من بطاقات التهنئة، إلى المنشورات، والشعارات، والتقاويم المختلفة.
لم ينتبه تاي إلى أنها كانت تقلد حركاته، ولا يبدو أن فكرتها أعجبته، حسبما تقول. وتضيف “لا أعتقد أن فكرتي أعجبته نهائياً، لأنه كان مشغولاً على الهاتف طيلة الوقت”.
لكن تاي كان مهتماً بتعريف ميلاني إلى شبكة من المستثمرين والمهندسين والمطورين من “وادي السيليكون”، وقد استثمر بنفسه في وقت لاحق في موقع “كانفا”.
وحاليا تصل قيمة أعمال ميلاني، التي تتخذ من سيدني مقراً لها، إلى مليار دولار، بعد أحدث استثمار لها منذ وقت قريب.
ولدى الشركة الآن 10 ملايين مستخدم، من 179 بلداً، وتُنفَذ 10 تصميمات عبر موقعها كل ثانية تقريبا.
وليس ذلك سيئاً بالنسبة لعمل بدأ من منزل والدة ميلاني في بيرث.
كان ذلك في عام 2006 عندما كان عمر ميلاني 19 سنة، وكانت طالبة في الاتصالات والتجارة في جامعة “ويسترن أستراليا”، وكانت غاضبة جداً من الوقت الذي يتطلبه تعلم استخدام برامج التصميم التقليدية.
وتقول ميلاني “قد يستغرق الأمر فصلاً دراسياً كاملاً لتعلم الأساسيات، حتى أبسط المهام، فإرسال ملف من نوع ‘بي دي إف’ عالي الجودة مثلاً يمكن أن يتطلب تنفيذ 22 أمراً على جهاز الكمبيوتر”.
وفي وقت قد يتذمر أغلبنا من هذه الأمور بدلا من التفكير في حل ما، أوجدت ميلاني فرصة لتأسيس عمل مهم، وقررت أن تبدأ موقع تصميم على الإنترنت يكون سهلاً قدر الإمكان لمن يريد استخدامه.
وتقول “أدركت أن التصميم سيكون له مستقبل على الإنترنت، وسيكون أكثر سهولة”.
ولتختبر مدى نجاح فكرتها على مقياس أصغر لتطبيقها على الكتب المدرسية، أسست ميلاني وصديقها كليف أوبريشت موقع “فيوجين بووكس”، وهو موقع يسمح لطلاب الثانوية بتصميم كتبهم المدرسية على الإنترنت.
وأفضى هذا إلى نسخة تجريبية مما أصبح بعد ذلك منصة “كانفا” الإلكترونية، حيث خصصت هي وكليف غرفة في منزل والدتها واستدانت نقوداً من أقربائها من أجل دفع تكلفة الاستعانة بمصممين لوضع البرامج الخاصة بتلك المنصة الإلكترونية.

وبعد عدة سنوات، توسعت “فيوجن” لتصبح أكبر ناشر للكتب المدرسية في استراليا، ثم انتشرت في فرنسا ونيوزيلندا. وكان العمل ناجحاً لدرجة أن ميلاني قررت ترك جامعتها لتكريس وقتها كاملاً للعمل.
بعد إيمانها بأن شركة “فيوجن” يمكن أن تذهب أبعد من الكتب المدرسية، كانت رحلتها إلى كاليفورنيا في عام 2010 لتعرض فكرة “كانفا” على مستثمرين، ومنهم تاي.
تقول ميلاني إن “وادي السيليكون” كان صدمة حضارية كبرى بالنسبة لها بسبب ما تقول إنه اختلاف هائل بين استراليا والولايات المتحدة في مفهوم الترويج للنفس.
وتضيف “في استراليا، لا يتحدث الناس كثيراً عن إنجازاتهم، أما في وادي السيليكون، حيث تسعى للحصول على تمويل أو فريق من المهندسين، عليك أن تتحدث عن إنجازاتك”.
ربما استغرق الأمر ثلاث سنوات قبل أن تحصل ميلاني على التمويل من وادي السيليكون، وكان ذلك في جزء منه بسبب هذه الصدمة الحضارية. لكن في عام 2013، تأسست شركة “كانفا” بمبلغ ثلاثة ملايين دولار، وبدعم من إداري سابق في شركة غوغل، وهو كاميرون آدمز، الذي انضم إلى ميلاني وصديقها، كمؤسس مشارك معهم.
وتقول ميلاني إن الأمر كان يستحق الانتظار، وتضيف “ثلاث سنوات مضت بين عرض الفكرة على أحد المستثمرين وحتى تأسيس الشركة فعلياً، وهي فترة طويلة للغاية، وواجهنا الرفض مئات المرات أثناء محاولتنا. لكن أعتقد أن ذلك كان مفيداً أيضاً، فقد جعلنا نُحسّن من طريقة أدائنا كل مرة، ونضع استراتيجيتنا قبل أن نبدأ، لذلك عندما حصلنا على التمويل قمنا مباشرة بالتنفيذ بطريقة سريعة وفعّالة”.
وفي الجولات الاستثمارية المتعاقبة، شهدت “كانفا” زيادة تصل إلى إجمالي 82 مليون دولار، ولأن الموقع يقدم خدماته الأساسية بالمجان للمستخدمين، فإنه يحصل على المال من اشتراكاتهم لإتاحة الفرصة لهم للوصول إلى أدوات متقدمة أكثر في مجال التصميم الإلكتروني.
واليوم، يعمل أكثر من 200 شخص في “كانفا” التي تقع مكاتبها الرئيسية في سيدني، ومانيلا، ولديها مكتب آخر في سان فرانسيسكو.
وارتفعت عوائد “كانفا” في السنة المالية 2016- 2017 إلى أكثر من ضعفين، لتصل من 6.8 مليون دولار إلى 23.5 مليون دولار، بحسب موقع “فاينانشال ريفيو” الأسترالي المتخصص.
لكن الشركة خسرت كذلك 3.3 مليون دولار في تلك الفترة، ولم تحقق أية أرباح فعلياً، لأنها ركزت أكثر على التوسع السريع.
وتلعب ميلاني دور المسؤول التنفيذي الأساسي في الشركة، ويشغل صديقها كليف منصب مسؤول سير العمل، وما زال الاثنان يمتلكان أيضا شركة “فيوجن بوكس”، لكنهما عيّنا فريقاً من المديرين لإدارة هذا العمل.
ويقول دانييل لوغ، الأستاذ المساعد في أكاديمية “يو تي إس” للأعمال في سيدني، إن المسألة الأهم لميلاني، ولأي صاحب عمل جديد، هي معرفة ضرورة توزيع العمل وتكليف الفريق به.
ويقول لوغ “تعيين الأشخاص المناسبين للعمل أمر مهم للغاية، لأنه لا يمكن أن تتبع استراتيجية عنق الزجاجة بينما يكون اتخاذ القرارات في يد صاحب العمل وحده، وهذا تحدٍ صعب أحياناً يواجهه المؤسسون، فليس من السهل عليهم التخلي عن مسؤولية مشروعهم لغيرهم”.
وتقول ميلاني إن نمو مشروع “كانفا” جاء في أغلبه من تزكية الناس له بين بعضهم البعض، وتطمح أن تستمر الشركة في التوسع، وتقول “هدفي أن أتيح للعالم بأسره التصميم بسهولة” على الإنترنت.

المصدر : نبض الاناضول

كيت ستانتون وهايويل غريفث
صحفيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق