اقلام حرة
عندما يغيب المنطق … يرتفع الصراخ بقلم: د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
“المنطق هو الطريقة المنظمة للوصول بثقة إلى الاستنتاج الخاطئ”( عمرو صبحي )
“المنطق مقيد بالعقل وليس العقل مقيدا بالمنطق”( عباس محمود العقاد )
“لا يوجد ما يتماشى مع المنطق مثل التنصل من المنطق” (بليز باسكال)
المنطق هو دراسة صور الفكر وطرق الاستدلال السليم، وفي المقام الأول يدرس في تخصصات الفلسفة والرياضيات وعلم الدلالة وعلم الحاسوب، ويعتبر أرسطو أول من كتب عن المنطق بوصفه علم قائم بذاته، وسميت مجموعة بحوثه المنطقية اورغانون، فكان في نظر أرسطو القياس هو صورة الاستدلال، ولكن بقيام النهضة الأوروبية ونهضة العلوم الطبيعية أصبح المنطق علم مختلف نوعا ما عن منطق أرسطو فظهر منطق الاستقراء الذي كان رائده فرانسيس بيكون واستكمله بعد ذلك جون ستيوارت ميل. وهناك أيضاً جانب المنطق الرياضي الذي ابتدأه ليبنتز وعدله برتراند راسل الذي ربط الرياضيات بالمنطق وجعلها امتداد له.
ويأتي علم المنطق في طليعة العلوم العقلية التي أفرزتها الحضارة الإغريقية، وفي طليعة العلوم التي انتشرت انتشاراً واسعاً لدى الحضارات الأخرى. وأرسطو (الفيلسوف الإغريقي) أول من هذّب علم المنطق ورتب مسائله وفصوله وأول من ألف فيه ولذلك سمي بـ (المعلم الأول) وتعرف مجموعة مؤلفاته بـ (الأورغانون) وتضم الكتب التالية:
• كتاب المقولات
• كتاب التحليلات.. نشأة علم المنطق
• كتاب التحليلات الثانية
• كتاب الجدل
• كتاب العبارة
• كتاب السفسطة
• كتاب الخطابة
• كتاب الشعر
وعرف القدماء علم المنطق بأنّه: آلة قانونيّة تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ، وأرادوا بقولهم آلة أن علم المنطق هو من العلوم الآليّة، وبقولهم قانونية أنّ علم المنطق مكوّن من قوانين وقواعد عامة. وقد عُرّف علم المنطق كذلك بأنه:علم متعلّق بالمعقولات الثانية، وإن لم يكن علماً بالمعقولات الأولى . ولكن يبدو أنّ هذا التعريف معقّد هو الآخر، مع أنّه بالغ في الدقّة أيضاً، ونحن إنما نطرح هذين التعريفين لكي يستفيد منهما المتخصصون والباحثون في هذا العلم الهام، وهو العلم الذي يدرس القواعد والقوانين العامة للتفكير الإنساني الصحيح.
أهم المراحل التاريخية التي مرّ بها هذا العلم هي:
1. أرسطو طاليس (384- 322 ق.م) : لقد كان أرسطو الفيلسوف الإغريقي أول من هذّبَ علم المنطق ورتب مسائله وفصوله، وأول من ألف فيه وتعرف مجموعة ملفاته بـ الارغون، وهي تضم الكتب التالية:(كتاب المقولات – كتاب العبارة – كتاب التحليلات الأولى – كتاب التحليلات الثانية – كتاب الجدل – كتاب الفلسفة)، ويضاف إليها: (كتاب الخطابة – كتاب الشعر). لقب أرسطو بـ (المعلم الأول)، وذلك بسبب اهتماماته في خدمة هذا العلم. ولقد ترجمت كتب أرسطو في المنطق إلى العربية في القرن الثاني الهجري، وقيل في القرن الأول، من قبل النقلة السريان وأشهرهم إسحاق بن حنين (ت 950 م وهو الذي ترجم كتاب المقولات(.
2. فرفريوس من أهالي مدينة صور الساحلية الواقعة في جنوب لبنان 233- 304 ق.م : ألف فرفريوس كتابه الموسوم بـ إيساغوجي وهي كلمة يونانية تعني (المدخل) وهو الاسم الثاني لهذا الكتاب، لأنه يبحث في الكليّات الخمسة، ونقله إلى العربية أبو عثمان الدمشيقي في القرن التاسع الميلادي، واختصره أثير الدين المفضل بن عمر الأبهري (ت 663 هـ.ق = 1264.
3. لقي علم المنطق العناية الفائقة في العالم الإسلامي، وأشهر من أولى المنطق تلك العناية من فلاسفة العرب وأعلامهم أبو نصر الفارابي ولُقِّب لذلك ب- (المعلم الثاني).
4. ينسب إلى جالينوس ت سنة 160م أنه أضاف الشكل الرابع إلى الأشكال الثلاثة.
5. تبع الفارابي في اهتمامه بالمنطق الشيخ الرئيس ابن سينا .
6. قام أبو حامد الغزالي بمزج علم المنطق بعلوم المسلمين، حتى صار من مقدّمات الاجتهاد عند الكثير منهم.
غاية علم المنطق:
• حاجتنا إلى دراسة هذا العلم شيء ضروري لا بد منه لأجل أن يكون تفكيرنا العلمي صحيحاً وذا نتائج مقبولة.
• بتعلمنا قواعد المنطق نستطيع أن ننقد الأفكار والنظريات العلمية فنتبين أنواع الخطأ الواقع فيها ونتعرف أسبابها.
• نستطيع أن نميز المناهج العلمية السليمة التي تؤدي إلى نتائج صحيحة من المناهج العلمية غير السليمة التي تؤدي إلى نتائج غير صحيحة.
• نستطيع أن نفرق بين قوانين العلوم المختلفة وأن نقارن بينها ببيان مواطن الإلتقاء والشبه ومواطن الاختلاف والإفتراق.
• إن القيمة الدراسية لعلم المنطق هي بتوفره على تكوين قدرة التفكير السليم في البحث والنقد، وتقييم الآراء والأفكار وتقدير الأدلة والبراهين في مختلف مجالات الفكر الإنساني.