اخبار العالم العربي
عراقية: داعش جعلنا نعي ازدواجية فهمنا للإسلام
بغداد – بقلم دعاء يوسف:
“أشعر بالخوف من مدينتي، مسقط رأسي”، قالت رسل علوان، 43 عاماً، وهي من مدينة تكريت ولكنها تعيش الآن في أربيل، بعد سقوطها بيد تنظيم داعش عام 2014.
مدينة سلبتني حياتي
وأضافت في حديث لموقع (إرفع صوتك) “رغم تحريرها من قبل الجيش العراقي، إلا أنني لم أستطع التفكير بمسألة العودة إلى مدينتي والسكن في منزلي أنا وابنائي الثلاثة”.
وتتساءل رسل التي تسكن الآن برفقة أبنائها وأخيها في بيت للإيجار بأربيل “لماذا أعود؟ وكيف يمكنني العودة بعدما فقدت زوجي هناك في رحلة النزوح عام 2014؟ لا يمكنني حتى التفكير بالعودة إلى مدينة سلبتني حياتي كلها”.
وترى رسل أن من أكثر الاضرار التي أحدثها داعش في العراق هي التي دفعت كل واحد منا إلى الخوف من أن يكون الآخر منظماً للجماعات المتطرفة أو لتنظيم داعش. “لقد فقدنا الثقة فيما بيننا. من الصعب تصديق أن الحياة ستكون طبيعية في المدن التي تحررت من سيطرة داعش لأن الأفكار التي يؤمن ويعمل بها هذا التنظيم ما زالت موجودة”.
وتتابع “أخاف من متطرفي هذه المدينة على ابني الذي يبلغ 16 عاماً من عمره، لا أريد فقدانه مثل أبيه. لأننا نعارض تواجد تنظيم داعش في البلاد. كما أن أغلب المنظمين إليه قد كانوا مجهولين”.
شوه صورة الإسلام
“داعش جعلنا نعي حقيقة معنى الازدواجية الحاصلة في فهمنا للإسلام والتعاليم الدينية التي نستند عليها بصورة تبدو مختلفة عن الواقع”، قال زهير راضي، 35 عاماً.
ويضيف “عندما تعرضنا لقتل وتهجير وطرد أطياف وكيانات تختلف عن ما جاء به تنظيم داعش باسم تطبيق تعاليم الدين، اكتشفنا وهْم تصديق فتاوى شوهت صورة الإسلام برمته”.
ولهذا يشعر زهير الذي يدير مشتلاً لبيع نباتات الزينة في بغداد، بأن هذه التعاليم ليست حقيقية، “لأنها أظهرت صورة الدين الإسلامي أمامنا وكأنه للقتل والخراب فقط”.
وأشار إلى أن الدين الإسلامي ينبذ الكراهية والعنف ويسعى لنشر السلام بين مختلف الطوائف والأديان في المجتمع، “خطاب تنظيم داعش لا يمثل تعاليم الدين الإسلامي الحقيقي بل إن داعش قد دفع الناس للتفكير أن تعاليم الإسلام غير إنسانية”.
فراغ أمني كبير
أما علي فؤاد، 49 عاماً، فيرى أن ظهور داعش الإرهابي كان قد كشف حقيقة مهمة وهي أن البلاد تعاني من فراغ أمني كبير.
كما ويعرب علي الذي يدير ورشة لتصليح السيارات، عن قلقه من بقاء الحال الأمني كما هو عليه الآن، “لقد صار موتنا مسألة لا تقلقنا. بسبب حوادث التفجيرات الإرهابية وظهور داعش أو غيرهما من الأمور. لم نعد نفكر بأهمية الحياة. هذا ما فعله الإرهاب بنا”.
وأضاف أن “ممارسات داعش قد أثرت بشكل سلبي على معنوياتنا ونفسياتنا تجاه الأزمات الحاصلة، وصرنا لا نثق كثيراً بقدرة الحكومة وسياستها على توفير الاستقرار في البلاد”.
وأشار إلى أن بقاء الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش، وسيطرته على بعض الأراضي العراقية، وتدمير شكل الحياة فيها، وقتل كل من يعارضه؛ هو نتيجة للاختراق الأمني في البلاد. “معاناتنا هي أزمة أمنية بالدرجة الأساس. نحن بحاجة للأمن حتى نتخلص من تنظيم داعش وغيره”.
حالة طوارئ
ويعتقد سعد كريم، 21 عاماً، أن ظهور تنظيم داعش أحدث أضراراً كبيرة منها سياسية واقتصادية واجتماعية.
وقال سعد الذي ما زال يدرس الهندسة في الجامعة التكنولوجية ببغداد في حديث لموقع (إرفع صوتك)، إننا “نعيش في حالة طوارئ بسبب الإرهاب الذي أثر على حياتنا بشكل سلبي”.
وأضاف “من الممكن بسهولة أن يتم اعتقالي الآن بتهمة الإرهاب أو الانتماء لتنظيم داعش؛ لأن القانون لا ينفذ بصورة صحيحة بسبب نظام المحاصصة في البلاد وكل ما يخدم استخدام القوة والعنف لضعف الدولة وإدارتها”.
ويتابع “ولا يمكن للكثير من الشباب اليوم إيجاد فرصة عمل تتناسب مع تخصصاتهم العلمية؛ لأن السياسة الآن تسعى لادخار الوظائف لجماعاتها وأحزابها الحاكمة”.
ويشير إلى أن ظهور هذا التنظيم فسح المجال للفساد الحكومي بكافة أشكاله، “لأننا في حرب ولا يهتم الحكومة الآن إلا بمسألة تحرير المدن من سيطرة داعش والقضاء عليه”