اقلام حرة
كتب دعوض قنديل
العرب و فلسطين و حنظلة !!!
لم تكن فلسطين على صغر حجمها و موقعها الجغرافي شرق المتوسط قد خلقت صدفة من عينات و نماذج صغيرة من قارات الأرض بصخورها و تربتها و طبيعتها و طقسها و مناخها بل أيضا سكانها و ثقافتها بعاداتها و تقاليدها و أغانيها الشعبية بحكمها و أمثالها و اختلاف أوانها و أجناسها و موقعها الوسط الذي يشكل عنق الزجاجة لمن يمر من الشرق إلى الغرب أو العكس إلا مقدمة للنبوءات و مهدا لنزول الديانات و حضنا دافئا للأنبياء و الرسل ليضيئوا شعلة النور و الهداية في منارة بوابة السماء لتلم التائهين و تجمع المتفرقين و ترحم المتعبين و ترقق قلوب الجبارين بتعاليم الكتب السماوية و أخلاق الأنبياء و التابعين.
هذه فلسطين التي إن ركبت رؤوس جبالها تظن أنك في مناخ اسكندنافي و إن فررت من البرد و نزلت قليلا طلبا للدفء فستجد نفسك في مصايف ربيعية طول العام و تأكد أنك لست في بلاد الفرنجة.
أما إن نزلت و شرَّقت فسيلفح وجهك دفء الأغوار بمزارعها و عيون مائها لتفيق و قدميك في ماء نهرها المقدس معمدا بطهارة مريم البتول و سماحة السيد المسيح, لتعلم أنك في فلسطين لا في منطقة استوائية و لا مدارية, و إن سحبت مياه نهرها في غفلة من الوعي فلن تجد نفسك إلا في أحضان بحرها الميت الذي يأبى أن يموت أحد فيه بالغرق و هذه الميزة لن تجدها في بحور الكون إلا هنا في فلسطين التي لا تأكل أبناءها و لا الأغراب .
أما إن اتجهت للغرب إلى سهلها الساحلي بمروجه و كرومه و مراعية بأغنامها الوادعة فأنت في النسخة الأصلية للأندلس لتقرأ في عيون نسائها و شيوخها أن من هنا مر عبد الرحمن الداخل صقر قريش و من هنا قص الجمال و لصقه هناك في اشبيلية و غرناطة و طليطلة, من هنا و من ثياب الفلاحات المطرزة بخيوط الحرير على ضوء القمر و شموع الحب و قصائد العاشقين, أخذ زخارف القصور هناك ليزعم أنها حضارة و ما هي في الحقيقة إلا نسخة مسروقة من فلسطين.
إياك ثم إياك أن تنزل جنوبا إلى صحراء النقب بلا ماء أو مظلة و الأفضل أن تذهب على ظهر بعير كي لا تكون عبدا للتكنولوجيا و اختراعات العصر لكن لا مانع أن تأخذ كاميرا و يمكنك أن تأخذ كلبا كي تبقي على حبل الوفاء و تأمن ضباع الصحراء, لا تنسَ أن تأخذ ديكا ليوقظك للصلاة كل صباح, و إن لم توهن هناك و لن توهن فاسترسل في السير إلى أم الرشراش على البحر الميت و لا تنس أن تسلم على العقبة فإن لنا فيها أهل و أقارب, و احذر أن تتغزل بصبية ترعى الأغنام , فالعادات صعبة هناك و العرف ثقيل و حق البدوية أصعب إن كنت ممن لا يلتزمون الصمت.
في القدس هناك, تشبَّث بالأرض, تجذَّر , لا ترحل, ستقابل كل الأحباب و كل الأديان, ابقَ مرفوع الرأس و قبِّل رجلي عجوز تجلس تنتظر الفرج في باب العامود, إن جئت إلى الصخرة فاسجد شكرا لله أنك ما زلت على قيد حياة ثم اذهب للأقصى و افتح كتب التاريخ و خزائن جن سليمان, لا تتلعثم و افتح عينيك و لا تنظر أسفل قدميك بل اصعد بالمعراج إلى أعلى قمة و اصدح بالآذان فأنت الآن أصدق إنسان.
اكسر كل الأقفال, أدخل في التاريخ و افتح خزن سليمان و اعلن أن الهيكل وهم و أيقظ جدك كنعان و عن كتفيه أنفض كل تراب الأرض و أظهر للناس جذورك و أخرج من جوف الأرض شهادة ميلاد أبيك الفينيق و اعلنها ثورة في وجه الطغيان.
هنا فلسطين, هنا اجتمع العرب و تفرَّقوا فأضاعوها, و من هنا إلى هناك جرينا خلفهم فأضاعونا, و منذ ذاك التاريخ و نحن نتيه بين الأدراج و بين ملفات الأنذال و تداول نكبتنا زاد التيه و زاد تشتتنا بين شعار يدعو للحرب و شعار يدعو للاستسلام ليزيد رصيد الأمة في الآثام و في النكسات , لن يُرفع رأسٌ أحنى ظهره لعبيد السلطان و جواري قصر المملوك القادم من أدنى طبقات الإنس, من تحت الأقدام.
يا حنظلة المسكين, أدر وجهك و انظر في شعث وجوه النخاسين و لا ترحم أحدا فالكل أثيم, هذا شيطان أخرس و ذاك يحمل شهادات الزور بمرتبة الشرف العربي و ذاك يحميه جواز أمريكي جاء ليغتسل بدمك في شهر إجازة من حاملة الموت تمخر أجساد الأطفال لتملأ أقلام الساسة بالأحبار ليذودوا عنا في غرف النوم و في ساحات سباق الخيل و في الحانات .
فما بال الفتية تلهث خلف الشاشات و في صالات الاستقبال و سباقات ستار أكاديمي و تنزيل السروال, مع كنتاكي , لم يعجبهم أبدا خبز البيت مُذ عرفوا للكورن فلكس و للأن دومي طعما و للكوكاكولا, و بعد أن صارت أحلام و هيفاء هنَّ الأحلام.
يا حنظلة المغدور من شركاء الدم لا تنظر خلفك, إن تنظر تصعق و ستندم و ستبكي بدل دموعك دم, ستخسر إن تنظر خلفك في تيه الزيف و بحر الخذلان, لكن لا مانع أن تنظر حولك و اصبر فالحِمل ثقيل, لا تذكر شيئا لا تفشي سرا, لا تطرق أبواب الأعداء طلبا للأمن من الأخوة السفهاء.
ستجد المجد يُداس على الطرقات , و تجد الشرف يُباع في الأسواق الحرة و بطاقات الفيزا و الدفع المسبق بتحويل رصيد من جوال, و تجد الكذب مع الغش مع التزوير 3 في 1 مثل الشامبو يرغو, يرغو و لا يصلح إلا لتنظيف الحمامات .
القسمة ضيزى و الدم يُسفك باسم الدين على الطرقات و الدين تشرذم بين النص الأصلي و بين تفسير الآيات, انقسم العرب إلى عربين ثم إلى أعراب و أغراب, من يملك مقبرة و محطة بنزين, يعلن مملكة و يصف الأموات و السيارات صفا, صفا و كما قال النواب الغرب يحب الترتيب, رتبنا كل الأوراق و بعثرنا الدين لأن الدين دين الله, فليحميه كما يحمي البيت و كما يحمي الأقصى المتروك لشركات التأمين.
و فلسطينك يا حنظلة, تاهت ما بين التطبيع و بين التلميع, و بين الغزو الفكري و بين التمويع, كثرت فينا المنابر و الأبواق, و قضيتنا انحصرت في المعابر و الأنفاق, و الهجرة صارت هدفا و طموحا لأوروبا و أمريكا و بلاد الواق واق, لم يعد الوطن يتسع لنا , كثر علينا الأمراء و أصبحنا ملكا للأجراء, إن تغفو تدفع و إن تصحو من نومك أيضا تدفع, إن تأكل أو تشرب تدفع, إن تنكح أو تسفح تدفع, أما في المعبر فإن تَخرُج أو تُخرِج تدفع, أساتذة في علم الفراسة, إن ينظر في وجهك يعرف ما يحوي جيبك و ستدفع رسوم العطس, و رسوم الشاي لنصف الكرة الأرضية تدفع, فالمعبر أجدر أن يُدفع له و يُسبَّح له و يُصلي شكرا لله على النعمة أن فُتح المعبر, فمن يعبر يدفع و من لا يعبر أيضا يدفع, فالدفع جدير أن يُدفع, فالمعبر قبلتنا و متنفسنا و الرئة المعطوبة فينا, و بقرتهم الحلوب.
لم تكن فلسطين على صغر حجمها و موقعها الجغرافي شرق المتوسط قد خلقت صدفة من عينات و نماذج صغيرة من قارات الأرض بصخورها و تربتها و طبيعتها و طقسها و مناخها بل أيضا سكانها و ثقافتها بعاداتها و تقاليدها و أغانيها الشعبية بحكمها و أمثالها و اختلاف أوانها و أجناسها و موقعها الوسط الذي يشكل عنق الزجاجة لمن يمر من الشرق إلى الغرب أو العكس إلا مقدمة للنبوءات و مهدا لنزول الديانات و حضنا دافئا للأنبياء و الرسل ليضيئوا شعلة النور و الهداية في منارة بوابة السماء لتلم التائهين و تجمع المتفرقين و ترحم المتعبين و ترقق قلوب الجبارين بتعاليم الكتب السماوية و أخلاق الأنبياء و التابعين.
هذه فلسطين التي إن ركبت رؤوس جبالها تظن أنك في مناخ اسكندنافي و إن فررت من البرد و نزلت قليلا طلبا للدفء فستجد نفسك في مصايف ربيعية طول العام و تأكد أنك لست في بلاد الفرنجة.
أما إن نزلت و شرَّقت فسيلفح وجهك دفء الأغوار بمزارعها و عيون مائها لتفيق و قدميك في ماء نهرها المقدس معمدا بطهارة مريم البتول و سماحة السيد المسيح, لتعلم أنك في فلسطين لا في منطقة استوائية و لا مدارية, و إن سحبت مياه نهرها في غفلة من الوعي فلن تجد نفسك إلا في أحضان بحرها الميت الذي يأبى أن يموت أحد فيه بالغرق و هذه الميزة لن تجدها في بحور الكون إلا هنا في فلسطين التي لا تأكل أبناءها و لا الأغراب .
أما إن اتجهت للغرب إلى سهلها الساحلي بمروجه و كرومه و مراعية بأغنامها الوادعة فأنت في النسخة الأصلية للأندلس لتقرأ في عيون نسائها و شيوخها أن من هنا مر عبد الرحمن الداخل صقر قريش و من هنا قص الجمال و لصقه هناك في اشبيلية و غرناطة و طليطلة, من هنا و من ثياب الفلاحات المطرزة بخيوط الحرير على ضوء القمر و شموع الحب و قصائد العاشقين, أخذ زخارف القصور هناك ليزعم أنها حضارة و ما هي في الحقيقة إلا نسخة مسروقة من فلسطين.
إياك ثم إياك أن تنزل جنوبا إلى صحراء النقب بلا ماء أو مظلة و الأفضل أن تذهب على ظهر بعير كي لا تكون عبدا للتكنولوجيا و اختراعات العصر لكن لا مانع أن تأخذ كاميرا و يمكنك أن تأخذ كلبا كي تبقي على حبل الوفاء و تأمن ضباع الصحراء, لا تنسَ أن تأخذ ديكا ليوقظك للصلاة كل صباح, و إن لم توهن هناك و لن توهن فاسترسل في السير إلى أم الرشراش على البحر الميت و لا تنس أن تسلم على العقبة فإن لنا فيها أهل و أقارب, و احذر أن تتغزل بصبية ترعى الأغنام , فالعادات صعبة هناك و العرف ثقيل و حق البدوية أصعب إن كنت ممن لا يلتزمون الصمت.
في القدس هناك, تشبَّث بالأرض, تجذَّر , لا ترحل, ستقابل كل الأحباب و كل الأديان, ابقَ مرفوع الرأس و قبِّل رجلي عجوز تجلس تنتظر الفرج في باب العامود, إن جئت إلى الصخرة فاسجد شكرا لله أنك ما زلت على قيد حياة ثم اذهب للأقصى و افتح كتب التاريخ و خزائن جن سليمان, لا تتلعثم و افتح عينيك و لا تنظر أسفل قدميك بل اصعد بالمعراج إلى أعلى قمة و اصدح بالآذان فأنت الآن أصدق إنسان.
اكسر كل الأقفال, أدخل في التاريخ و افتح خزن سليمان و اعلن أن الهيكل وهم و أيقظ جدك كنعان و عن كتفيه أنفض كل تراب الأرض و أظهر للناس جذورك و أخرج من جوف الأرض شهادة ميلاد أبيك الفينيق و اعلنها ثورة في وجه الطغيان.
هنا فلسطين, هنا اجتمع العرب و تفرَّقوا فأضاعوها, و من هنا إلى هناك جرينا خلفهم فأضاعونا, و منذ ذاك التاريخ و نحن نتيه بين الأدراج و بين ملفات الأنذال و تداول نكبتنا زاد التيه و زاد تشتتنا بين شعار يدعو للحرب و شعار يدعو للاستسلام ليزيد رصيد الأمة في الآثام و في النكسات , لن يُرفع رأسٌ أحنى ظهره لعبيد السلطان و جواري قصر المملوك القادم من أدنى طبقات الإنس, من تحت الأقدام.
يا حنظلة المسكين, أدر وجهك و انظر في شعث وجوه النخاسين و لا ترحم أحدا فالكل أثيم, هذا شيطان أخرس و ذاك يحمل شهادات الزور بمرتبة الشرف العربي و ذاك يحميه جواز أمريكي جاء ليغتسل بدمك في شهر إجازة من حاملة الموت تمخر أجساد الأطفال لتملأ أقلام الساسة بالأحبار ليذودوا عنا في غرف النوم و في ساحات سباق الخيل و في الحانات .
فما بال الفتية تلهث خلف الشاشات و في صالات الاستقبال و سباقات ستار أكاديمي و تنزيل السروال, مع كنتاكي , لم يعجبهم أبدا خبز البيت مُذ عرفوا للكورن فلكس و للأن دومي طعما و للكوكاكولا, و بعد أن صارت أحلام و هيفاء هنَّ الأحلام.
يا حنظلة المغدور من شركاء الدم لا تنظر خلفك, إن تنظر تصعق و ستندم و ستبكي بدل دموعك دم, ستخسر إن تنظر خلفك في تيه الزيف و بحر الخذلان, لكن لا مانع أن تنظر حولك و اصبر فالحِمل ثقيل, لا تذكر شيئا لا تفشي سرا, لا تطرق أبواب الأعداء طلبا للأمن من الأخوة السفهاء.
ستجد المجد يُداس على الطرقات , و تجد الشرف يُباع في الأسواق الحرة و بطاقات الفيزا و الدفع المسبق بتحويل رصيد من جوال, و تجد الكذب مع الغش مع التزوير 3 في 1 مثل الشامبو يرغو, يرغو و لا يصلح إلا لتنظيف الحمامات .
القسمة ضيزى و الدم يُسفك باسم الدين على الطرقات و الدين تشرذم بين النص الأصلي و بين تفسير الآيات, انقسم العرب إلى عربين ثم إلى أعراب و أغراب, من يملك مقبرة و محطة بنزين, يعلن مملكة و يصف الأموات و السيارات صفا, صفا و كما قال النواب الغرب يحب الترتيب, رتبنا كل الأوراق و بعثرنا الدين لأن الدين دين الله, فليحميه كما يحمي البيت و كما يحمي الأقصى المتروك لشركات التأمين.
و فلسطينك يا حنظلة, تاهت ما بين التطبيع و بين التلميع, و بين الغزو الفكري و بين التمويع, كثرت فينا المنابر و الأبواق, و قضيتنا انحصرت في المعابر و الأنفاق, و الهجرة صارت هدفا و طموحا لأوروبا و أمريكا و بلاد الواق واق, لم يعد الوطن يتسع لنا , كثر علينا الأمراء و أصبحنا ملكا للأجراء, إن تغفو تدفع و إن تصحو من نومك أيضا تدفع, إن تأكل أو تشرب تدفع, إن تنكح أو تسفح تدفع, أما في المعبر فإن تَخرُج أو تُخرِج تدفع, أساتذة في علم الفراسة, إن ينظر في وجهك يعرف ما يحوي جيبك و ستدفع رسوم العطس, و رسوم الشاي لنصف الكرة الأرضية تدفع, فالمعبر أجدر أن يُدفع له و يُسبَّح له و يُصلي شكرا لله على النعمة أن فُتح المعبر, فمن يعبر يدفع و من لا يعبر أيضا يدفع, فالدفع جدير أن يُدفع, فالمعبر قبلتنا و متنفسنا و الرئة المعطوبة فينا, و بقرتهم الحلوب.