رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك الأردن للعام 2017
أبدى جلالة الملك في حديث مسهب وتفصيلي تناول الملفات الإقليمية والدولية، تفاؤلاً واضحاً مبنياً على معطيات ودلائل ومؤشرات أن العام 2017 سيكون عاماً مختلفاً داخلياً على صعيد حل الكثير من المشكلات والملفات التي تواجهنا فضلاً عن الاحتمالات الماثلة لإيجاد حلول سياسية للأزمة السورية والأوضاع في العراق بل وأيضاً في ليبيا وإن كان جلالته يمنح الأولوية لمحاربة الإرهاب الذي يشكل خطراً على الجميع وأن تكون الحرب على الإرهاب وفق منهج شمولي وجاد وأن الأردن الذي ألحق خسائر فادحة في عصابة داعش في الغارات التي شنها سلاح الجو الملكي على مراكزه ومعسكراته في الجنوب السوري يوم الجمعة الماضي لم تكن الوحيدة بل تم الاعلان عنها في مناسبة ذكرى الشهداء الذين قضوا دفاعاً عن الأردن وحماية لشعبه..
لهذا يؤكد جلالته حريصاً على التذكير بأن العدو «الارهابي» لا حدود له ولا ساحة وحيدة له بل انه يتحرك في ساحات عديدة وهذا أبلغه جلالة الملك للرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي التقاه جلالته في زيارة العمل الاخيرة التي قام بها للعاصمة الاميركية واشنطن مذكراً جلالته الرئيس الاميركي (غير التقليدي كما وصفه جلالته) بانه يجب العمل في حربنا ضد الارهاب وعصاباته على الجبهات كافة، اذ لا اختلاف او فرق بين داعش والنصرة أو بوكو حرام أو حركة الشباب في الصومال او الفليبين وغيرها من المناطق المنكوبة بارهاب هؤلاء الخوارج..
ولم تغب بالطبع مسألة نقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة أو القضية الفلسطينية عن جدول أعمال جلالته في العاصمة الاميركية حيث أعاد جلالته التأكيد والتذكير بحقائق ومعطيات يجب اخذها في الاعتبار عند التفكير بهذا الموضوع وبخاصة تبعات وتأثير هذا القرار على المنطقة وعلى العرب والمسلمين خارج اميركا وخصوصاً داخلها مع اشارة جلالته الى ان هناك في اميركا وفي الكونغرس خصوصاً، أناس غير مرتاحين لاتخاذ قرار كهذا، ولم يعرف أحد حتى الان ان كان قرار الرئيس الاميركي في هذا الشأن نهائياً أم لا.. رغم بعض المؤشرات والانباء والتحليلات التي تتحدث عن تريث تبديه ادارة ترامب مع تأكيد جلالته انه اوضح للادارة الاميركية ان قراراً كهذا يمنح ذخيرة للارهابيين وخطابهم الظلامي.
كذلك الحال في ما بذله جلالته من جهود في مسألة انقاذ حل الدولتين الذي سيتأثر ليس فقط في قرار نقل السفارة الى القدس بل ويسهم في دفن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وتصبح الاوضاع اكثر خطورة مما كانت عليه عندما جمدت المفاوضات، بعد ان مضت حكومة اسرائيل في مخطط توسيع وزرع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وفي القدس وهو ما تمضي فيه الان زاعمة ان لديها ضوء أخضر.
من هنا يمكن التفاؤل والثقة ازاء ما عبّر عنه جلالة الملك في عبارة مختصرة عندما ابدى ارتياحه لاوضاعنا الداخلية هذا العام سواء على صعيد المساعدات التي توقع جلالته ان ترتفع أم في فتح الحدود مع العراق وارتفاع معدلات التبادل التجاري وفتح اسواق جديدة كانت كينيا تجربة ومثالاً ناجحين في النظر الى اسواق جديدة في افريقيا وآسيا لم نكن ننظر اليها في السابق مع التركيز بالطبع على دور القطاع الخاص أم في الاستثمارات الجديدة والتي بدأتها الهند والصين.
فضلاً عما لفت اليه جلالته من ان علينا احترام بلدنا وتطوير مؤسساتنا وبما يمنح الجيل الجديد فرصة لاظهار كفاءاته وأخذ دوره في نهضة الأردن طارحاً جلالته سؤالاً جوهرياً آن الأوان لان يجيب الجميع عليه وهو: هل نحن جاهزون للتغيير؟ وإن كانت لدى جلالته ثقة بالمستقبل وبخاصة في اعادة القول اجابة على اسئلة الزملاء بأنه العام 2017 سيكون مختلفاً عما سبقه وسيعرف الشعب وسيرون ويلمسون هذا الاختلاف بدءاً بمكافحة الفساد الذي يجب ان يتوقف وليس انتهاء بما يعنيه تطبيق قانون اللامركزية الذي لم يكن فقط لتطبيق اللامركزية الادارية بل وايضاً اعطاء المحافظات الحرية الكاملة لتخطيط ما تريد من مشروعات وتحديد اولوياتها وفق احتياجات ومطالب المواطنين فيها..
الحديث مع جلالته بصراحة ووضوح شابه بعض العتب إن لم نقل الغضب الذي ابداه جلالته ازاء عدد من الملفات وبخاصة في شأن ما وصفه أحد الزملاء بالمطبخ الاعلامي، عندما قال جلالته ان كثيراً من المسؤولين يبدون حماسة في هذا الشأن ثم لا يلبث الفتور يطغى على هممهم وتبقى الامور على حالها، لكن جلالته ابدى تفاؤلاً رغم ذلك عندما كشف لنا عن «ان لدينا فريقاً جديداً وسترون اسلوباً جديداً» في معرض حديثه عن مركز الأزمات الذي سيساعدنا كثيراً مبدياً ارتياحه بوجود استعداد لدى الجميع للتنسيق في ما بينهم.