مقالات

*رسالة إلى إبنتي..* ابو طارق الحواس

*بسم الله .. والحمد لله..*
والصلاه والسلام على خير خلق الله..
وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد..
*غـارق في بحـور العلـم مـجتازٌ شواطئها*
*وآخر في ضحضاح ماءٍ يَخشىٰ من البللِ*
*هكذا الإنسان..!!*
فمنهـم من آلَ على نفسه خـوض غمار الحياة..!!
ومنهم من رضي أو إكتفى وقوفاً عند أول الدرجات..!!
فمن آلَ على نفسه خوض معترك الحياة..
وسبر غور العلم والعلوم والعلماء في شتى المجالات..
وجاهد النفس والنفيس في سبيل ذلك..
لتحقيق الأهداف والأمنيات..
عسى أولئك أن يكونوا من المفلحين المهتدين..
أصحاب الدرجات العلا.. اللذين ينهلون من كوثر المعرفة.. ليزدادوا علماً وقرباً من الله..
ذلك أنهم أبوا أن يتوقفوا عند أول سُلَّم الدرجات..
وآثاروا الحياة السرمدية على الحياة الفانية..
بل خطو خطوات مباركات ليرتقوا أعلى سُلَّمِ الدرجات..
ويحققوا بعون الله أفضل الأُمنيات والمكرمات..
حيث قال الله تعالى بشأنهم:
*{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}*
نعم أخي أُخَيَّة.. إنها الدرجات.. والفضل والعطاء من الله بالمكرمات..!!
فإما جنة عرضها الأرض والسماوات..
وإما والعياذ بالله.. نارٌ وويل تهوي به دركات..

حقاً إنَّ من تعلم العلم إبتغاء وجه الله..
مهما كان عِلمهُ.. وفيما كان مجاله..
في الهندسة.. في الطب.. في الأدب.. في الشريعة..
شرطَ أن يعود بالنفع والفائدة على البشرية..
ليكون نبراساً له في الدنيا.. وأجراً له في الأولى والآخرة..
من كان كذلك.. جعله السبيل في سَيرَ حياته وحتى مماته..
طالباً للعلم.. متفانياً في إكتساب العلوم والمعرفة..
يُسَخِّرُ وافرَ علمه وعلومه على إختلافها..
معلومةً صغيرةً كانت أم كبيرة..
يجعلها في طاعة الله.. ومنفعة للمجتمع الذي يعيش..
وإن تقاضىٰ عليها الأجر والمال في الدنيا فلا بأس..!!
لكن الثواب والأجر في الآخرة عند الله أعظم..
وكان هذا دأب الصالحين وديدنهم في الدنيا..
يسعون لبث علمهم وعلومهم لنفع الآخرين..
والنهوض بالأمة من مستنقع الجهل والظلمات..
إلى قيادة الأمم وتحرير العقل من الإنغلاق والتَّبَعِيات..
حيث شكر الله لهم سعيهم إذ يقول تعالى:
*{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا}*
اللهم إجعل سعينا في رضاك..
وهيئ لنا طريقاً صالحاً بين يداك..
واغفر لنـا ذنوبنا وإسرافنا يـوم نلقاك..

*هذه المقدمة والنصيحة..*
وقبل وبعد أداء القسم للخريجين..
أُهديها ناصحاً لإبنتي وحاجزتي عن النار..
*سلاف الروح.. وريحانة الفؤاد..*
*بمناسبه تخرجها من الجامعة.. الهندسة المدنية..*
حيث بحور العلم شتىٰ لا حدود لها..
وأنهار الحياة متشعبة لا يسلكها إلا العارفون..

لذلك أوصيك صغيرتي وفلذة كبدي..
أن لا تكتمي علماً.. إذا إستعلموك الناس عنه..
وأن لا تترفعي وتستعلي على الناس بعلمك..
واجعلي نفعك يصل للآخرين دون مِنَّة..
كحرصك على إستجرار النفع لك..
وابتغي بما آتاك الله من علم.. مرضاته ورضاه..
وليكن عملك وعلمك خالصاً لوجه الله..

هذا ما ذَكَّرتُ به نفسي.. قبل أن أُذَكِرُكِ بنيتي..
وارجو أن نكون جميعاً أهلاً لذلك ومثلاً يحتذى..

مبارك مبارك مبارك عزيزتي..
فهذا يومٌ من ايام الله المشهودة..
مَنَّ الله عليَّ أن ختم لي بِكِ صغيرتي..
وأعانني حتى أصلَ بكم شاطئ الأمان..
جعلني الله وإياكم أبنائي الأعزاء..
من الصالحين المصلحين.. ومن ورثة جنة النعيم..
اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين..
وفي الختام……
أسأل الله العظيم.. أن أكون قد وُفِقتُ لِحمل الأمانة.. وأداء الرسالة..
فأنتم جميعاً أبنائي الأفاضل.. قرة عيني وفلذة كبدي..
راجياً لكم من الله.. حسن التوفيق وعظيم النجاح..
والفوز بالجنة والنجاة من النار..

وبهذه المناسبة الطيبة..
لكم مني هذه الأبيات.. مع خالص حبي..

يا ساكني قلبي لا تهجروا السَّكَنا
إني لكم إلفاً حتىٰ والقلب منشغلا
أرى الأوصاد دوماً في قلبي مُفَتَّحَةٌ
هل للخروجِ سبيلٌ ام لعودةِ الأملا
إني بكم عزيزاً إذ الأشواق تهجرني
وأنا دليلكم للخير لو كان بي عِلَلا
أفرحنا في الدار صارت لا مثيل لها
قطاف غرسٍ بحمد الله أثمرت عسلا
يومَ التَّخَرُج يا سلافُ قد نَذَرتُ لكم
أبقىٰ وفياً حتىٰ تُلاقِي نَفسِيَ الأجلا

مع تحيات..
والدكم الذي نذر نفسه معلماً لكم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق