ســـــيـف الـــدولـــــــة
==========——–الشاعر حسن منصور
يــا ذاهِبـيـنَ إلَى حَـلَــبْ هــذا الْحَـريرُ معَ الْقَصَبْ 1
تُـهْـــدونَـــهُ لِـمُــجــاهِــدٍ تُهــدونَـهُ مَـلِـكَ العَـــــربْ
تَلْـقَـــونَهُ فـوقَ الْحِصان ــ ورأْسُـهُ بيـنَ الشُّـهُــبْ
وقدِ انْتَـضى سَـيْفـاً كَما يَـبْـدو لِسـانٌ مِــن لَهَــبْ
أوْ مِـثـلَــما يَبْـدو شُعــاعٌ ــ نافِـذٌ بـيـــنَ السُّــحُــبْ
صَـقْــرٌ يُـحَـلِّــقُ عـالِـيـاًوالـعَـيْنُ تَخْـتَـرقُ الْحُـجُــبْ
يَـنـقَـضُّ صــاعِـقَـةً فَـلا هــوَ يَـنْـثَـنـي أوْ يـضْـطَــربْ
****
أوْ رُبَّــمــا تَـلْـقَــوْنَـــهُ يَـتـقــدَّمُ الْـجـيـشَ الـلَّـجِـــب
مُـتـوجِّـهــاً نَحوَ الشَّمـالِ ـ بِهِـمّـةِ النّـمِـرِ السَّـغِـبْ 2
والـــرّومُ تَـحــتَ حِـــرابِــهِ يَـتَــنـــاثَـرونَ إِذا ضَـــرَب 3
مـثـلَ الْهَشيمِ إذا اسْتـقَـرَّ ـ أَمـامَ عـاصَفــةٍ تَهُـــبّ
تَهـوي الْحُــصـونُ أمامَــهُ والشّهـمُ يُسعِـدُهُ الْهَـرَب 4
وَمَــنِ اسْـتـعــدَّ لِحَـربِهِ فالسّـيفُ في يَدهِ خَـشَـب
وفُـــؤادُهُ يَغْـــدو هَـــواءً لَــمْ يَقِـــرَّ ولَــــمْ يَـثـُــبْ
****
أوْ رُبَّـمــا في مَـجْـلِــسٍ فـــيـهِ الـفـصــاحـةُ والأَدَبْ
مِـــنْ حَـــولِـهِ العُــلَمــاءُ والأُدَباءُ، يـا نِـعْـمَ الصَّحِـب!5
مِن حـوْلــهِ الشُّعَـراءُ قـد نـثَـروا الّـلآلِئَ والــذَّهَــب
ونَبِـيُّ شِــعــرٍ لا يَزيــغُ ـ لِسـانُـهُ الـفَـطِـــنُ الــذَّرِب
طلبَ القَوافِي فاسْتَـجـابَتْ لا تـــَنِـدُّ عَــنِ الطّـلَـــب 6
في مَجْلسٍ مِـن حَــولِه الأنْغـامُ شَهــدٌ مُـنْسَـكِـب 7
لكـــنَّـهُ لــيسَ الّـــــَذي يـنْـسى الـوَقـــارَ إِذا طَــرِب
****
أوْ ربَّــمـــا تَـلـقَــــوْنَــه في مَجــلـسٍ لا يَحْـتَـجِـــب
وقـدِ اسْـتـقــرَّ وحَـوْلَـه الأتْبـاعُ مِـن شَـتّى الــرُّتَـبْ
والقَـلــعَـةُ الشّــمّاءُ دُنيــا بالْــمَــواكِـبِ تَصْـطَـــخِـب 8
غــادونَ فـيـهــا رائِـحـــونَ، فَـقـــادِمٌ أوْ مُـنْـقَـــلِــــبْ
لا يَـهــدأُونَ فَــذا يُـبــايِـعُــــه وَهـــــذا يـَـرْتَـقِـــــــب
لا يعْــرِفـونَ سـوى البُـطــولةِ والشّـهـــادةِ مِـنْ أَرَب
وإذا دَعـا داعي الـوَغى قالـوا: نَـعــمْ! حَــقٌّ وَجَـــب!
****
أوْ مَـجْـلِسٍ فـيه الفَـوارِسُ ـ تعْــتَـلي الْخَـيلَ النُّـجُـب 9
يَبْلــو الـرِّجـالَ وَمـا انْتَـشـى بِالــرّاحِ يـوْمــاً أوْ شَـرِب 10
وأمـــامَـــهُ جَــرّوا الْـحَــديدَ كـأَنّـهُـــمْ جِــــنٌّ يَـثِـــبْ 11
نَحـــوَ الثّـغــورِ تَســـابَقــوا وَالـكُـلُّ أقْـســمَ أنْ يَـــذُبّ
لا يَـنْـكُــصــونَ عـنِ الـرَّدى والْـحــرْبُ نـــارٌ تَـلـتَـهِـــب
ويَقــودُهــمْ سـيْفٌ على هـامِ الأَعــادي يَنـْسَـحِـب
في الــرّوْع يَـمْــضي باسِمــاً بِدمِ الفَوارِسِ مُخْـتَضِب 12
****
يا سَـيفُ بَـعـدَكَ لا سُيـوفَ ـ ولا حَــمِــيَّةَ للْغَـــضَـب
مَنْ لِـلثُّـغــورِ يَصـونُـهــا ويَـردُّ عــنْهـا الْـمُــغْــتَـصِــب؟ 13
مَـنْ لِلـجُـيوشِ يَـقــودُهــا ويَذودُ عـنْ عِــرْضٍ ثُـلِـبْ؟!
كُلُّ السّيـوفِ تَـثـلَّــمَـتْ بلْ أغْــربَتْ فـيها الـشُّــطَـب
كَــثُـرَ الكَــلامُ فــلا نَــرى إلاّ رَنـيــنــاً مِـن خُـــطَـــب
والــرّومُ في طــولِ الـبلادِ ـ وعَــرْضِها فَـعلوا العَـجَب
والْـحُــرُّ في عُـقــــرِ الـدِّيـارِ مُــكَـــبَّـلٌ أو مُـــغْـــتَـرِب
****
يا فـارسـاً عَــبَـرَ الـزَّمــانَ عَـلى جَـــوادٍ مُــنْـتَـصِـــب
لَم يَكْــبُ يَومـاً في الطّريقِ ولَـم يَضِـلَّ ولَــم يَـخِِــبْ
قدْ أقْـفـرَتْ ساحُ الـوَغى هــيْهـاتَ يَرْجِـعُ مـا ذَهــب!
تَـرْنــو إلــيـكَ عُــيـونُـنــا وقُـلــــوبُــنــا دوْمــاً تَـجِـــب
إنّـا نَـراكَ كَـمـــا نَـرى نَـجْــمــاً بَـعــيـداً لَــم يَـغِــــب
مــازالَ لَــمْــعُ ضِـيـائِــه ذِكْــرى تُعــانِـقُـهــا الْـهُــدُب
فـلَـعــلَّ ضَــوْءَكَ ذاتَ يــومٍ تَـنْـجــلي فـــيهِ الكُــرَب.
********************************************
الشاعرحسن منصور
[من المجموعة السابعة، ديوان: (وقفة على الطريق) دار أمواج 2014م. ص58 ]
هوامش:
1-إشارة إلى اللحن الشّعبي :(يا رايحين عَ حلب )
2-كان سيف الدّولة الحمداني يقود الجيوش بنفسه في مواقعه العديدة الظّافرة ضدّ الرّوم
3-إشارة إلى قول المتنبّي:
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة كما نثرت فوق العروس الدّراهم
4- إشارة إلى قلعة الحدث وهرب الدّمستق كما في قصيدة المتنبّي التي مطلعها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
5- كان مجلس سيف الدولةعامراً بالعلماء والأدباء والشعراء
6-نبيّ الشعرهوالمتنب (أحمدبن الحسين)القائل:(أنام ملء جفوني عن شواردها.)
7- كان الفيلسوف الفارابي من روّاد مجلس سيف الدولة وهو مشهور بالموسيقى.
8- هي قلعة حلب المشهورة.
9- إشارة إلى قصيدة المتنبي:
شديد البعد من شرب الشّمول ترنج الهند أو طلع النّخيل
10- ومن القصيدة ذاتها:
وميدان الفصاحة والقوافي وممتحن الفوارس والخيول
11- إشارة إلى قول المتنبي:
أتوك يجرون الحديد كأنهم سروا بجياد ما لهنّ قوائم
12- إشارة إلى قوله:
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضّاح وثغرك باسم
13- الثّغور: هي الحدود الشمالية للدولة الإسلامية مع دولة الروم.