اقلام حرة

مآل الاتفاق النووي “الإيراني_ الأمريكي

مآل الاتفاق النووي “الإيراني_ الأمريكي”.
بقلم: تمارا حداد… همسة نت
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع مجموعة “5+1” في 8 مايو 2018، تم الإقرار من الإدارة الأمريكية حُزمة عقوبات اقتصادية على طهران طالت العديد من القطاعات أبرزها قطاع النفط، وكما شملت العقوبات الأمريكية قطاعات إيرانية مثل قطاع السيارات والخدمات المالية والمصرفية والطيران المدني إلى جانب تجميد الأصول الإيرانية وتقييد قدرة الشركات الأجنبية على إبرام صفقات تجارية مع إيران وشملت العقوبات شخصيات إيرانية من بينها المرشد الأعلى “علي خامنئي” وحظر الحرس الثوري وتصنيفه ضمن سياق الإرهاب.
ولكن بعد الحرب الروسية _الأوكرانية ومجيء “بايدن” أصبحت الإدارة الاميركية تُطالب بتوقيع الاتفاق النووي ولكن ضمن سياق شروط أمريكية في ظل رفض “اسرائيل” إبرام هذا الاتفاق كونه سيضر بأمن اسرائيل القومي ضمن تصاعد القوة النووية لإيران وبالتحديد في إنتاج الصواريخ الباليستية برؤوس نووية، الأمر الذي يُبرز السؤال التالي هل الاتفاق النووي”الإيراني_الأمريكي” سيكون مآله التوقيع وبأية شروط ولصالح من؟
هذا السؤال يجعلنا نبحث عن شروط كل من إيران وأمريكا ودول الخليج والاتحاد الأوروبي واسرائيل، فشروط أمريكا والتي من أبرزها عودة إيران لوقف صناعة الصواريخ الباليستية برؤوس نووية وإيقاف الدعم لأذرع إيران في سوريا ولبنان واليمن وقطاع غزة وكافة مواقعها في المنطقة، وتصدير براميل الغاز والنفط بحسب شروط أميركية، والعمل على توقيع الاتفاق على مراحل وهو ضمنياً التخلي عن الاتفاق النووي والانسحاب منه في أي لحظة، كون الرئيس الأميركي “جو بايدن” لا يمكنه أن يتعهد بعدم الانسحاب لأن الاتفاق النووي تفاهم سياسي غير مُلزم وليس معاهدة ملزمة قانوناً.
أما الشروط الإيرانية تتمثل عودة أمريكا للاتفاق عام 2015 ورفع العقوبات الاقتصادية جميعها وعدم الحديث عن البرنامج الباليستي كونه الرافعة التي ترتكز عليها طهران في كل سياساتها العسكرية والإقليمية في المنطقة، وتريد إيران إقفال ملف مفتوح لدى الوكالة الطاقة الدولية الذرية يتعلق بالعثور على مواد نووية في مواقع إيرانية سرية غير مُصرح عنها، والتقدم في ملف تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة، وتسعى ايران للحصول على ضمانات بألا تتراجع “أي إدارة أمريكية سواء الجمهوريين أم الديمقراطيين” عن أي اتفاق يتم احياؤه، وكما أن إيران لن تتوقف عن تقديم الدعم لأذرعها في المنطقة سواء الحشد الشعبي في العراق أو حزب الله في لبنان أو اليمن عبر الحوثيين أو قطاع غزة من خلال الذراع العسكري لحماس” القسام” أو الجهاد الاسلامي أو حتى الأذرع الخفية في الضفة الغربية ومناطق 1948 والتي ازداد وطأة وجودهم خلال الفترة الماضية وستزداد في المرحلة المقبلة إن نشبت الحرب الاقليمية في منطقة الشرق الاوسط.
ماذا عن شروط “اسرائيل”:
” اسرائيل” لا تريد توقيع الاتفاق النووي نهائياً فهي تسعى بكل قواها بعدم توقيع الاتفاق وقد أشادت بانسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق عام 2018 برئاسة “ترامب”، وعبرت عن سعادتها بإعادة فرض العقوبات على إيران، حيث تعتبر “اسرائيل” أن التهديد الرئيسي لها هو إيران وسلاحها النووي وتواجدها في سوريا ولبنان ومعظم المنطقة، وتُعارض اسرائيل العودة الى الاتفاق المبرم عام 2015 والذي فرض قيوداً على برنامج الأسلحة النووية الايراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن طهران.
كما حالياً يشغل بال “اسرائيل” الموضوع الشائك حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان نظراً لبطء الوصول الى اتفاق رسمي حول ترسيم الحدود “فاسرائيل” غير معنية بترسيم حدود يُناسب المصالح اللبنانية بل تريد ترسيم الحدود وأخذ حقول الغاز والنفط دون إعطاء الحق اللبناني في أرضه وثرواته وهذا الأمر من المرجح أن يؤدي قريباً إلى حرب اقليمية.
فإذا دخلت لبنان في الصراع القادم فإنه سيشمل غزة وسوريا واليمن وبالتحديد أن حزب الله أعلن التعبئة العسكرية والأمنية لكافة أجنحته التابعة لمنظومة الصواريخ البحرية والبرية والجوية وفرق المشاة ناهيك عن تدريب القوى الاحتياطية لذلك وامتلاكه لصواريخ دقيقة بعيدة المدى، ناهيك عن أن اليمن عبر الحوثيين سيتم ضرب حيفا عبر صاروخها البحري الجديد “روبيج” سرعته 1100كم/ساعة(ماخ0.9) روسي الصنع ونطاقه الناري 80 كم.
الاتفاق الجديد سيُقيد إيران:
نص الاتفاق الجديد سيُقيد من جديد تخصيب إيران لليورانيوم لنسبة 3.67% ويقترح أيضاً آليات تضمن عدم تمكين إيران من استحدم أجهزة الطرد المركزي المتقدمة للتخصيب التي صنعتها مؤخراً.
هل دول الخليج ستقبل بتوقيع الاتفاق؟
البرنامج النووي يُقلق العالم بأسره وبالتحديد الدول العربية وأبرزها السعودية والإمارات ولذا طلبت تلك الأطراف أن تكون جزءاً من حوارات الاتفاق النووي وايران رفضت المناقشة إلا مع الأمريكان لأنه ما يهمها رفع الحصار الاقتصادي وهذا ما أقلق العرب بالتحديد في موضوع الصواريخ الباليستية الذي يهدد الأمن القومي لهم.
ماذا عن الاتحاد الأوروبي؟
الدول الاوروبية الأكثر قلقاً من البرنامج النووي الإيراني بسبب الصواريخ البعيدة المدى فهي مصدر قلق لأوروبا التي تصل مداها ما بين 1.500 و3000 كم وهذا يعني تطول جزءاً واسعاً من أوروبا تبدأ من بلغاريا حتى الحدود السويسرية _الفرنسية حيث ستكون في مرمى صواريخ الحرس الثوري الايراني.
لذا الإتحاد الأوروبي مع توقيع الاتفاق النووي بشروطه وما يهمها فقط تصدير النفط والغاز من إيران إلى أوروبا وإيجاد بديل عن الغاز الروسي الذي توقف بسبب الحرب الاوكرانية _الروسية. فعدم توقيع الاتفاق يعني استمرار العقوبات الاقتصادية على ايران وتراجع الصادرات الايرانية النفطية وغير النفطية الى دول الاتحاد والتي تقلصت إلى نسبة 90% لذا دول الاتحاد الأوروبي متمسك بالاتفاق النووي مع إيران وتبذل جهوداً من أجل إيجاد البدائل الكفيلة للابقاء على التبادل التجاري مع ايران بالتحديد في القطاع النفطي.
هل سيتم التوقيع؟
مصير الاتفاق النووي”الايراني_الامريكي”على المحك أمام التغييرات الدولية والاقليمية المختلفة وقد يصل الى طريق مسدود بسبب تدخل اسرائيل بعدم توقيع الاتفاق لترسيخ قوتها كقوى اقليمية في المنطقة بالتحديد ان اسرائيل معنية بان تكون القوة النووية الأولى في منطقة الشرق الاوسط وليس هذا فحسب وانما في العالم بشكل عام.
لذا ستعمل اسرائيل ضمن استراتيجية جديدة إما البقاء كما الوضع الحالي بضرب المواقع التابعة لإيران في المنطقة وتوجيه ضربات نوعية لأذرع ايران الاقليمية لمنع وصول أسلحة متقدمة إليها ووقف محاولات إيران للتوسع الإقليمي وإقامة بنية لتصنيع السلاح أو قواعد للصواريخ في مناطق قريبة من الحدود الاسرائيلية.
وإما اتجاه تل ابيب لفتح جبهات مواجهة مع ايران بشكل مباشر عبر تخريب أجهزة الطرد المركزية في المنشآت النووية الايرانية بعمليات استخباراتية وبتقنيات الحرب السيبرانية فاسرائيل هدفها الاستراتيجي هو منع ايران من الحصول على البديل النووي لتأمين وجودها وبقاء استمرار اسرائيل في منطقة الشرق الاوسط.
خلاصة: اسرائيل ستمنع ايران من الوصول للسلاح النووي أطول فترة ممكنة ومنع تمدد النفوذ الايراني إقليمياً وتجنب الحرب المباشرة مع طهران، ستعمل على خلق القلاقل في المنطقة وهذا ما شهدناه في العراق وسنشهده في لبنان واستمرار الضربات على الأذرع الايرانية إلى أن تنتهي الانتخابات الاسرائيلية في نوفمبر المقبل فإما حرب اقليمية أو استمرار الواقع الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق