اخبار اقليميه
التوقعات بإنتصار الاسد تؤجج هستيريا الغرب
الحملة الهيستيرية التي يشنها الغرب ضد روسيا؛ مؤكدة أن بواعثها تكمن في الهزيمة الحتمية المرتقبة للمسلحين في حلب.
جاء في مقال الصحيفة:
للمعارك الدبلوماسية حول سوريا، والتي اتخذت مؤخرا طابع الاتهامات الشاملة لروسيا، صلة مباشرة بالمعارك الحقيقية.
فالولايات المتحدة وحلفاؤها يتوقعون انكسار المسلحين في منطقة حلب؛ ما ستكون له بالفعل عواقب أساسية، ليس على المنطقة وحدها.
هذا، وقد أصبح من الشائع الاعتقاد بأن معركة حلب مرتبطة فقط بحجم المدينة وموقعها الجغرافي.
نعم، لقد كان عدد سكان حلب قبل الحرب يتجاوز مليوني شخص. وكانت حلب العاصمة الاقتصادية للبلاد، إضافة إلى أهميتها الثقافية، فهي واحدة من أقدم مدن الحضارة الانسانية. وقبل اندلاع الحرب الأهلية عاشت حلب – عاصمة الشمال السوري – “عصرا ذهبيا” جديدا كما هو حال كل سوريا.
أما الآن، فأصبحت حلب كومة من الأنقاض، ويتراوح عدد من بقي فيها ما بين 300 و350 ألف نسمة، يعيشون في ظروف مهولة.
ومنذ البداية، وتحديدا في ربيع عام 2012، وضع “الجهاديون” وفصائل المعارضة نصب أعينهم مسألة إحكام السيطرة على هذه المدينة المهمة من الناحية السكانية؛ بهدف إنشاء “شريط” متكامل يتصل مع مدينة إدلب في شمال البلاد، ما كان سيسمح لهم بتشكيل ما يشبه “الحكومة” فيها وتلقي الدعم من الخارج رسميا. إذ إن هناك فارقا كبيرا بين حفنة من الساخطين والمحتالين تتخذ مطعما في أحد فنادق قطر مقرا لها، وبين “حكومة” تعمل في حلب ثاني كبريات المدن السورية.
وكان كل شيء يسير في هذا الاتجاه. لكن هذا المخطط فشل بسبب اصطدامه بالصمود غير المتوقع، الذي أظهرته بعض قطعات القوات الحكومية والقوات الشعبية المحلية، كما حدث في منطقة المطار وقاعدة كويريس الجوية.
إلى ذلك، فإن إحدى السمات الأساسية للحرب في سوريا هي “محدودية العناصر” لدى فرقاء الصراع كافة. لذا اعتمدت قواعد الاشتباك على الأعداد الصغيرة من التقنيات والمشاركين.
وكانت نتيجة ذلك نقل المحاربين من منطقة إلى أخرى، بحسب متطلبات ظروف المعركة.
في المقابل، كان باستطاعة مجموعة تعدادها عشرات من الأفراد أن تسيطر على تلة أو مرتفع استراتيجي وتحاصر سكان مدينة عدد سكانها مليون نسمة. ولقد حققت المعارضة المسلحة نجاحات أكثر من القوات الحكومية في تنفيذ هذه الاستراتيجية القتالية، واستطاعت جمع “القوى الضاربة” وتحريكها في الصحراء وقطع الطرق والإمدادات.
ولكن حرب الشوارع في مدينة حلب تتطلب حشد عدد كبير من المقاتلين، الذين جرى تجميعهم من الرقة وتدمر وحتى من محيط حمص وحماة. وكان حصيلة ذلك أن تجمَّع الآن في حلب أكبر عدد من مجموعات “الجهاديين” وفصائل المعارضة المسلحة المحاصرة بالكامل والمحرومة من أي منفذ للإمداد أو الفرار.
ولا ريب في أن دحر هذه المجموعات إن لم يكن يعني النصر للقوات الحكومية، فهو يعني بكل تأكيد – التغيير الجذري لمصلحة دمشق. وهنا من الممكن تفهم رغبة الأركان السورية للتخلص من هذه المسألة في إطار توجيه ضربة واحدة للمسلحين. فالحرب طال أمدها، وتدمير القوى الأساسية للمسلحين (الآن) هو فرصة مضمونة النتائج.
ومن الناحية العملية، فإن الاستفادة من هذه الفرصة أصبحت نتيجة “حتمية”. وقد أدرك الغرب وتركيا مؤخرا هذه الحقيقة، وهما تفاعلا مع الوضع بشكل فجائي غير متوقع انعكس في موجة عارمة من التدفقات السياسية والعسكرية لإنقاذ المسلحين.
فمن الواضح أن تحرير حلب سيؤدي إلى انهيار مخطط “الحزام الشمالي”، ويفتح الطريق أمام القوات الحكومية في اتجاه مدينة إدلب، وبالتالي الى الحدود مع تركيا.
وإن القضاء على جيب “الجهاديين” في شرق حلب سوف يؤدي الى إعادة التواصل مع المناطق الكردية-السورية وما يتبعه من نتائج لها أهميتها السياسية، لأن الاكراد لم يكونوا دائما براغماتيين في اختيار حلفائهم. ولكنهم، في إطار هذه المعادلة المفترضة، لن يكون لديهم أي خيار آخر سوى التحالف مع دمشق، وهذا بدوره يعني توجيه ضربة لمواقف الولايات المتحدة.
وإضافة إلى الأهداف العسكرية-الاستراتيجية التي يمكن تحقيقها في انتصار القوات الحكومية في حلب، هناك أيضا الجانب المعنوي الذي لا يقل أهمية؛ لأن المطلوب الآن إحداث تغيير جذري يمكن تلمُّسه باليد كإثبات مادي وإبرازه للمترددين وأمام العالم. إن عملية تحرير حلب يمكن أن تصبح “مستمسكا” على غرار عملية تحرير تدمر.
وبعد هذا، لن يدور أي حديث عن تنحي الرئيس بشار الأسد، وستذهب سياسة الغرب الاستراتيجية في سوريا أدراج الرياح. ولهذه الاسباب تحديدا دبت الهيستيريا الجماعية في أوساط الغربيين طيلة الأيام القليلة الماضية. وكنتيجة لهذه الأسباب بعمومها أصبحت معركة حلب مصيرية، ليس فقط لسوريا وحدها، بل للشرق الأوسط كله، حيث بات يشارك في معركة حلب كبار اللاعبين العالميين.