مكتبة الأدب العربي و العالمي

الأمثال الشعبية هي جزء التراث الشعبي .

حنان محمود ابوواصل

الأمثال الشعبية هي جزء التراث الشعبي .. ومراجع يومية لعلاج المشاكل أو التنفيس عنها على الأقل .. والأمثال الشعبية حكم ومأثورات فلسفية خرجت ببساطة من أفواه البسطاء .. وتناقلناها عبر الأجيال .. وتقال في مواقف معينة .. وتتسم في معظمها بالطابع الساخر .. وسر خلودها يرجع لأنها ليست بدعاً أو ّتقاليع وإنما صادرة من العقل والقلب للإنسان البسيط ، وهي خلاصة للتجارب الإنسانية الحية على مر العصور….!!!
ولا يوجد شعب من شعوب العالم إلا وله أمثاله والحكم . وأغلبيتها باللهجة المحكية الدارجة ، ومنها باللغة العربية الفصحى ، والقرآن الكريم زاخر بالقصَص والأمثال لسهولتها
وسلاستها وعمق معانيها وصدق مراميها…!!!

1- اللي بوكل من خبز السلطان بحارب بسيفه : هذا المثل يحض على الوفاء ، والإخلاص للجماعة ، وعدم التغريد خارج السرب ، فإذا أتيت قوما وأكرموك ، فلا تقابلهم بالغدر والخيانة ، بل إذا وقع عليهم مكروها عليك أن تجعل سيفك مع سيوفهم ، وهذا جزء من واجبهم عليك …
ولكن البعض يسيء استعمال هذا المثل كالذي ابنه في الجيش الإسرائيلي المحتل لأرضه القاهر لشعبه ، ولمّا هلك برصاص الأحرار ، رفض المصلون الصلاة عليه في المسجد ، وقف أبوه يبرر قائلا : (اللي بوكل من خبز السلطان بحارب بسيفه) فأساء لمعنى المثل النبيل ولمقاصده الخيّرَه ، وهذا ما يقال له : حق أريد به باطلاً …!!!

2- يا ما دقت ع الراس طبول : يقال للذي لا يهتز لصروف الدهر وضربات الزمن لكثرة ما ناله من ضرباتها ، ومثلها يقال (يا ما كسّر الجمل بطيخ) ، ويقال (اللي بده يسكر ما بعد اقداح) فقد اصاب الرأس إدمانا من كثرة ما دقت حوله الطبول ، ولم يعد يهتز أبدا ، والمثل فيه من نوع التحدي أيضا ، واللامبالاة لما يجري…!!!

3- الكسل لقليل الحيله عسل : الكسول الذي لا يحب العمل ، ويؤثر حياة الكلاب ، الجوع والنوم ، لأن الكلب لا ينام الليل بل النهار ، والنهار للكسب والرزق ، والليل للدعة والراحة ، ولكن الكسول يوصل الليل بالنهار ولا يكف عن النوم ، والكسول هو (قليل الحيلة) وهو الذي لا يستطيع فعل شيء أبدا ، فالكسل على قلبه مثل العسل …!!!

4 – إن ذبلت الوردة رحيتها بتظل فيها :للدلالة على أن الأشياء الأصيلة يزيدها الذبول والأفول قيمة ، لأنها تحتفظ بالأصالة في تركيبتها ، وتبقى رائحة الوردة وعبيرها وقيمتها فيها ، بأي حالة من حالاتها هي ، وهكذا الناس والجمال الحقيقي والذي هو جمال النفس ، والجوهر الذي يزداد قيمة كلما ازداد احتكاكا ، مثل العنبر وخشب الصندل والبخور الذي يخرج الحريق رائحه الطيبة ، ولا يستعمل إلا إذا احترق…!!!

5 – مفيش حلاوة من غير نار: يدل هذا المثل على رؤية الجمال الحقيقي للحياة ، والذي نحس حلاوته بعد الجهد والجهاد ، والتعب والمشقة ، ليصبح الأنجاز ذا قيمة في حياتنا ، أما إذا أتانا بسهولة ودون تعب ، يسهل علينا التفريط به ، ولا نألم لخسارته ، لأننا لم نتعب بتحصيله ، والمثل يحض على الكفاح والجهاد للاستمتاع بحلاوة الإنجاز ….!!!

6 – قدم السبت تلاقى الأحد قدامك : أي أن مصالح الحياة تقتضي التقديم للأخذ ، فإذا كنت لا تعطي ولا تقدم ، فكيف تطالب لتأخذ ؟؟
شعار الحياة (حك جحاش حك لي أحك لك) ، (اللي بقدم بيمينه بتلقى بيساره) ..وهكذا…والمثل يحض على العطاء وتقديم الخير والواجبات للناس ، ومن تعطيه يعطيك ، ومن تقدم له يقدم لك ، فلا تحلم أن تأخذ إذا كنت متقوقعا على نفسك وتحلم بالأخذ دون العطاء ، فالإنسان في الأصل مخلوق اجتماعي ولا يستطيع العيش لوحده …!!!

7- اللي أوله شرط آخره نور : المثل يحض على الأتفاق المسبق في أي صفقة ، أو عملية تجارية ، أو أي اتفاق بين اثنين لإنجاز عمل ما ، ولإتمامه حسب الشرط ، ولا يجوز لأحد أن لا ينجز الشرط أو الاتفاق المبرم لأنه سيُغرَم ، لأن ما أوله شرط آخره نور ، أو سلامة للطرفين بالعدل والعُرف والقانون ، والناقض هو الخاسر دائما …!!!

8 – الميه يتكذب الغطاس : للذي يزعم ما لا به من الصفات ، ويفاخر بغير الحق يقال (الميه بتكذب الغطاس) فالذي يزعم المقدرة على الغطس يقال له دونك والماء وأرنا قدرتك على ذلك ، فإن كان كذلك فبها وأنعم ، وإن لم يكن ، فليقف عند حده ، ومثلها يقال : (هذا الميدان يا حميدان) …!!

9 – الميه ما بتطلع في العالى : أي أن صفة الماء الأنحدار وليس الصعود ن وهذه ميزة ميزها الله بها وطبيعة من طبائعها ، تعامل الأنسان معها من الأزل ، والمثل يحض على التعامل مع الأشياء حسب طبيعتها للاستفادة من مزاياها ، والناس كذلك الأمر أيضا …!!!

10 – بحاربني في شارع وبصالحنى في حارة : تقال للذي يسيء لأخر أمام جمع كبير من الناس ، ثم يعتذر له أما جمهور أقل ، وفي هذا إساءة ، وعليه أن يقابح ويصالح ، أمام نفس المجموعة ، حتى يشهد الاعتذار من شهد الإساءة ، وتكون الأمور قد أخذت حقها…!!!

11 – أكل قتل قد عجل مبنشر: كانوا قديما عند اصلاح العجل المعطوب واخراجه من الجنط الحديدي ينهالون عليه بعد إفراغ الهواء بالفؤوس والأدوات المعدنية الثقيلة ، حتى يتم فصل الكاوتشوك عن الجنط ، وذلك المبتلى ضُرِّبَ أكثر من العجل المبنشر…!!!

12 – أكل ضرب قد جحش إخدر : نفس المعنى السابق ، إلا أنه استبدل هنا ب (الجحش الأخدر) وهو الجحش الكسول الذي لا يمشي إلا بعد الهاب جانبيه بالعصا…!!

13 – جبنا سيرة القط إجا ينط : يقال لمن إذا أتت سيرته ، رأيته وإذا به ماثلا أمامك ، لا تدري كيف …!!!

14 – بطلع من نقره يقع في دحديره : تقال للذي يخرج من مأزق أو مشكلة ، فإذا به يقع في مشكلة أكبر ، أو الذي يريد أن يغير من أسلوب حياته ويحسن من ظروفه ، فتزداد سوءا ، أو كالتي تتطلق أوتترمل من انسان سيء ، فتتزوج ما رجل أسوأ يرغمها الترحم على أيام الأول.. وهكذا ..!!!

15 – علمناهم الشحده سبقونا ع الأبواب : يقال هذا المثل فيمن يسبق معلمه ويتفوق عليه بما علمه إياه ، فهو قد علمه التسول والتذلل لكسب العطف وسرقة الجيب ، ولكنه تفوق عليه وسحب البساط من تحت رجليه …!!!

16 – يا ما في الجراب يا حاوى : يقال لمن تريد أن تلقنه درسا ، وأمام أول عصا ذاقها تألم وتأوه واهتز وارتج ، فتحذره أنه لم ير شيئا بعد لأنه : ياما سيرى ، وجراب الحاوي يحتوي على الأفاعي السامة القاتلة ، حيث يربيها ويدربها ويتعامل معها ولا يخاف سمومها ، لأنه حصّن نفسه ضدها ، وبإمكانه أن يخرج له كل يوم أفعى أشد ممن قبلها ..والمثل يضرب بشدة التحذير الجاد …!!!
17 – شو اللي رماك ع المر قال اللي امر منه : يقال المثل في باب تبرير القبول بالتعب والضنك والشقاء ، والرضا بتلك الحالة الصعبة أن سبب القبول بها هو الخوف مما هو أسوأ منها ، فهي نعيم بالنسبة لغيرها ، ولولا ما هو أسوأ ما قبل بالسيئ ، كالذي يتعاطى بعض الأدوية الكريهة وغير المستساغة ، ليرتاح من الألم الذي هو أوجع منها..!!
18 – كله عند العرب صابون : تقال للذي يستر العورة ويقيم الأود ويقضي الحاجة الملّحِة ، رغم عدم كفايته ، ومناسبته للوضع ، ولكنه شيء أفضل من لا شيء ، وكان بعض الأعراب عندما ينتهي من تناول طعامه يملأ يده بالتراب للغسول ويفركهما لإزالة الدهن والزفر بدل الصابون ، ومع أن التراب لا يؤدي مقاصد الصابون ، إلا أنه ( كله عند العرب صابون) …!!!
19 – الباب اللي بجيك لك منه الريح سده واستريح : أي اختصارا للمشاكل ، وابتعادا عن الدوامات التي تفسد حياتك ، ابحث عن السبب الرئيسي ، واقتلع الشر من جذوره ، وإذا كان الريح يجد بابك المفتوح فينفذ إليك من خلاله ، فأغلقه ، لترتاح ، ويقاس المثل على الجار والأبن والحماة والكنه ..والأشياء أكثر مما تعد وتحصى !!!
20 – لا طال عنب الشام ولا بلح اليمن : يقال هذا المثل لمن يريد الحصول على كل شيء فخاب ولم يحصل على شيء ، فقد يكون الطمع هو السبب ، وقد يكون سوء التقدير والتفكير هو السبب ، وقد تكون الرغبة بنوال القريب والبعيد معا للبعد الجغرافي عن اليمن وبلاد الشام ، وقد تكون أسباب أخرى لا يحيط المثل بها …!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق