الرئيسيةشعر وشعراء

قراءة نقدية لقصيدة “عيناكِ بحر” للدكتور عبد الله السلمي قراءة الدكتورة فاطمة ابوواصل آغبارية

عَيناكِ بَحْرٌ والجُفونُ ضِفافُ
وأنا يَتيهُ بقَلبيَ التَّطْوافُ

وكما بنَفْسَجُ رَوضةٍ أَحداقُها
يَصْطَفُّ جَنبَيها هُنا صَفْصَافُ

وجّهْتُ وجْهي وَالفؤادَ اِليهما
كمُدافعٍ رجَعَتْ هُنا الأطْرافُ

وَأَتِيهُ في سَطحِ المِياهِ بِقارِبي
ويَضِلّ فوقَ مِياهِها التَّطوَافُ

ووَقَفتُ فوقَ البَحرِ أندُبُ حِيلَتي
وصَرَختُ أين العَدلُ والاِنصافُ

أجْهَدتُ نفْسي مُتعِبًا أعضايَ ذي
ضَعُفتْ فَهل تُغنِي لِيَ الأكتافُ

أَبحَرْتُ كلَّ مَتاعِبٍ يا لَيتَها
نفِدَتْ فهل سَيَخونُني المِجْدَافُ

كَم مِن عَذولٍ لامَني او ناصِحٍ
لمَشاعِري هل ذا هُو الانصافُ؟

ويَخونُني دَومًا ويَخذُل نِيَّتي
مَن كان لي وأراهُ ذا أصْدَافُ

فاضتْ عُيوني بالدمُوعِ غَزيرَةً
حتَّى اعْتَراها مِن بُكايَ جِفافُ

البروفيسور الدكتور
عبد الله السلمي

—————

تندرج قصيدة “عيناكِ بحرٌ والجفون ضفافُ” ضمن الشعر الوجداني التأملي، الذي يتكئ على رمزية الطبيعة ليعبّر عن تجربة إنسانية عميقة، تتأرجح بين الحب والتيه، وبين الأمل والخذلان.

أولا المضمون

القصيدة تصور رحلة ذاتية داخل بحر من المشاعر، يواجه فيه الشاعر خيبات الحياة وتقلّباتها، متسائلًا عن العدل والإنصاف في زمن لم يعد يعترف بصدق النية ولا بصفاء المشاعر. تبدأ القصيدة برؤية رومانسية (“عيناكِ بحر”)، ثم تتحول تدريجيًا إلى حديث عن الإعياء النفسي والتعب من خذلان الأقربين.

ثانيًا: الصور واللغة

اللغة جزلة، نقية، ذات نفس كلاسيكي واضح، وتظهر براعة الشاعر في استخدام الصور المركبة مثل:

“عيناكِ بحرٌ والجفونُ ضفافُ”

“فاضتْ عيوني بالدموعِ غزيرةً / حتى اعتراها من بكايَ جفافُ”

الصور تمزج بين الجمال الطبيعي والانفعال العاطفي، مما يُكسب النص حيوية وشحنًا وجدانيًا مؤثرًا.

ثالثًا: الإيقاع والوزن

اعتمد الشاعر على الوزن الخليلي بإيقاع سلس ومنسجم مع السياق الشعري، فجاءت القافية (غافُ) موحية بالحزن والامتداد الصوتي، الذي يخدم الجو النفسي العام للنص.

رابعًا: الرمزية والدلالة
  • البحر: رمز للعمق والتيه والعاطفة الجارفة.
  • المجداف: رمز للجهد والإرادة.
  • الأصداف: قد ترمز للزيف الخارجي أو الأشخاص الذين يظهرون خلاف ما يبطنون.
خامسًا: ملاحظة فنية

رغم سلاسة النص وجمال صوره، قد تكررت بعض المفردات أو المعاني (مثل التعب والخذلان)، مما يمكن اختصاره لصالح التكثيف، دون أن يخل بالمعنى أو الإحساس العام.

خلاصة

القصيدة لوحة وجدانية عميقة، تتقاطع فيها الذات مع الطبيعة، لتعبّر عن إنسان معاصر أنهكته الحياة وخانته العواطف. وهي تحمل لمسة شاعر متمكّن، يتحدث من عمق التجربة وصدق الإحساس.

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق