مقالات

كيف يمكن مواجهة حروب المخدرات الحديثة؟

بقلم: د. سهير المهندي

جرائم‭ ‬إرهابية،‭ ‬وجرائم‭ ‬قتل،‭ ‬واعتداء‭ ‬واغتصاب،‭ ‬وجرائم‭ ‬سرقات‭ ‬إلكترونية‭ ‬وغسيل‭ ‬أموال،‭ ‬وجرائم‭ ‬أمنية‭ ‬وجرائم‭ ‬تهريب،‭ ‬وأنواع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬العصر‭ ‬نشهدها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنها‭ ‬العامة‭. ‬جرائم‭ ‬العصر‭ ‬الغريبة‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تشمئز‭ ‬منها‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬وتقشعر‭ ‬منه‭ ‬الأبدان،‭ ‬وتبث‭ ‬الخوف‭ ‬والرعب‭ ‬وتزعزع‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬النفسي‭.. ‬تجعل‭ ‬تحركات‭ ‬الناس‭ ‬وعلاقاتهم،‭ ‬ومعاملاتهم‭ ‬جميعها‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬الحذر‭ ‬والخوف،‭ ‬ما‭ ‬ضاعف‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬النفسية‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬وجدان‭ ‬الأفراد،‭ ‬والمسيطرة‭ ‬على‭ ‬أفكارهم،‭ ‬وتغليب‭ ‬سلوكياتهم‭ ‬في‭ ‬التعاملات‭ ‬والمعاملات‭.‬

جرائم‭ ‬العصر‭ ‬استنزفت‭ ‬الطاقات‭ ‬التنموية،‭ ‬والتطويرية،‭ ‬والجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬تبذل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حاضر‭ ‬الأرض‭ ‬ومستقبل‭ ‬البشرية،‭ ‬وغطت‭ ‬على‭ ‬أخبارها‭ ‬إعلاميا‭.. ‬فلماذا؟‭ ‬وماذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الخفاء؟‭ ‬كيف‭ ‬تغيرت‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض؟‭ ‬وأين‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬وكرامة‭ ‬واحترام‭ ‬وتقدير‭ ‬الإنسان‭ ‬وما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ديننا‭ ‬الإسلامي؟‭ ‬تساؤلات‭ ‬كثيرة‭ ‬نحصرها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمون،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬الحرب‭ ‬الناعمة‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬الأدمغة‭ ‬الفكرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدخال‭ ‬أيديولوجيات‭ ‬فيروسية‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬العقول؟‭ ‬أم‭ ‬الحرب‭ ‬الناعمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الرقمية‭ ‬والتقنية‭ ‬التي‭ ‬توغلت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬وعقل‭ ‬وفرد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬دمرت‭ ‬المجسات‭ ‬العصبية؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬الحرب‭ ‬الفيروسية‭ ‬التي‭ ‬طغت‭ ‬على‭ ‬واقعنا‭ ‬ومجتمعاتنا؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬الحروب‭ ‬الصارخة‭ ‬القاتلة‭ ‬والعاصفة‭ ‬التي‭ ‬أثمرت‭ ‬بفسادها‭ ‬بعد‭ ‬حقبة‭ ‬طال‭ ‬زمانها‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬زُرعت‭ ‬بذورها‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1887‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬المقويات‭ ‬بهدف‭ ‬مكافحة‭ ‬الجوع،‭ ‬وانتشرت‭ ‬بآثارها‭ ‬السلبية‭ ‬المدمرة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأخذت‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬مهمة‭ ‬التصنيع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يصلها‭ ‬من‭ ‬تصدير‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وجوارها‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬الخليجية‭ (‬امبراطورية‭ ‬الكبتاجون‭ ‬‭ ‬الفينيتايلين‭) ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬المخدرة‭ ‬التي‭ ‬تدمر‭ ‬جيلا‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬وتبعثر‭ ‬جهودا‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬ومنها‭ ‬الجانب‭ ‬الصحي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أساس‭ ‬ديمومة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬

جهود‭ ‬وطنية‭ ‬ودولية‭ ‬مبذولة‭ ‬لكنها‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ ‬للتصدي‭ ‬للحرب‭ ‬الكابتوجونية،‭ ‬ومواجهة‭ ‬تأثيراتها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬لكون‭ ‬هذه‭ ‬الامبرطورية‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬ضمن‭ ‬الحروب‭ ‬الناعمة‭ ‬ارتبطت‭ ‬في‭ ‬بدايتها‭ ‬بالقنوات‭ ‬الطبية‭ ‬والعلاجية،‭ ‬وبعض‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية،‭ ‬ومنها‭ ‬الصرع‭ ‬وحالات‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬وحالات‭ ‬النوم‭ ‬المرضي‭ ‬المفاجئ،‭ ‬وحالات‭ ‬فرط‭ ‬النشاط‭ ‬عند‭ ‬الاطفال‭ ‬التوحديين،‭ ‬والمصابين‭ ‬بالتلف‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬خلايا‭ ‬الدماغ‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بعض‭ ‬السلوكيات‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يتناول‭ ‬حبوب‭ ‬الكبتاجون‭ ‬المدمرة‭ ‬من‭ ‬عمال‭ ‬المهمات‭ ‬الليلية‭ ‬وغيرهم،‭ ‬ومن‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬النقل‭ ‬والتوريد‭ ‬للعبور‭ ‬البري،‭ ‬حيث‭ ‬يتطلب‭ ‬عملهم‭ ‬السهر‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬للسفر‭ ‬ساعات‭ ‬أطول‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬التأثير‭ ‬المستقبلي‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬وعملهم‭ ‬ومسارهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وأرزاقهم‭ ‬نتيجة‭ ‬دخولهم‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬إدمان‭ ‬ودمار‭ ‬الكبتاجون‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تتجلى‭ ‬خطورة‭ (‬امبراطورية‭ ‬الكبتاجون‭) ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬حدا‭ ‬فاصلا‭ ‬بين‭ ‬الجوانب‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬والعلاجية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬الأكثر‭ ‬ضررا‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬ودمار‭ ‬مدروس‭ ‬ومخطط‭ ‬له‭ ‬سياسيا‭ ‬لتحقيق‭ ‬مقاصد‭ ‬غير‭ ‬مشروعه،‭ ‬إذ‭ ‬تتنوع‭ ‬أضرارها‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬لما‭ ‬تحدثه‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬يجعل‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬تبذل‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحماية‭ ‬والتوعية‭ ‬والمعالجة‭ ‬منها‭.‬

‭(‬امبراطورية‭ ‬الكبتاجون‭) ‬تستغل‭ ‬الصراعات‭ ‬السياسية‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬وحاجة‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬نزاعات‭ ‬أهلية‭ ‬لتتوغل‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬بداية‭ ‬على‭ ‬استيحاء،‭ ‬حتى‭ ‬تشعل‭ ‬نيرانها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬وسط‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وحرب‭ ‬سوريا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬النزاعات‭ ‬السياسية‭ ‬الحديثة‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬فكانت‭ ‬المصانع‭ ‬المنشأة‭ ‬تحت‭ ‬المظلة‭ ‬الصحية‭ ‬أو‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مدى‭ ‬حقيقتها‭ ‬ومن‭ ‬يرخص‭ ‬لها؟‭ ‬وما‭ ‬مدى‭ ‬الرقابة‭ ‬الأمنية‭ ‬عليها؟‭ ‬وما‭ ‬الكميات‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬لتقوم‭ ‬بتوزيعها؟‭ ‬وما‭ ‬مظلة‭ ‬التوزيع‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أساسها؟‭ ‬والآليات‭ ‬الاحترافية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬للتمرير‭ ‬بين‭ ‬الدول؟‭ ‬ومن‭ ‬القائمون‭ ‬عليها‭ ‬والداعمون‭ ‬لها‭ ‬لتحقق‭ ‬انتشارها‭ ‬وأهدافها‭ ‬المتنوعة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬العقول‭ ‬الشبابية‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬الفكر‭ ‬المستقبلي‭ ‬الذي‭ ‬يُستغل‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية،‭ ‬ودمار‭ ‬المجتمعات‭ ‬سياسيا‭ ‬وإشعال‭ ‬الحروب‭ ‬النفسية،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬المشاريع‭ ‬التطويرية‭ ‬والاستنزاف‭ ‬المالي،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬التنموية‭ ‬لإضعاف‭ ‬الطاقات‭ ‬المبذولة‭ ‬والإمكانيات‭ ‬المسخرة‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬البشرية‭. ‬أمور‭ ‬كثيرة‭ ‬حورت‭ ‬وفرعت‭ ‬الجهود‭ ‬وشتَّتت‭ ‬تركيز‭ ‬الجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬والجهات‭ ‬المتعاونة‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬لكثرة‭ ‬الأضرار‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬الجديدة‭. ‬والمشكلات‭ ‬التي‭ ‬تتوالد‭ ‬منها‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭.. ‬فهل‭ ‬من‭ ‬حل؟

نحن‭ ‬نتحدث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬وإحصاءات‭ ‬لوفيات‭ ‬الكورونا،‭ ‬ونرصد‭ ‬ونترقب‭ ‬ارتفاعها‭ ‬وهبوطها‭ ‬حتى‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقرر‭ ‬في‭ ‬اختياراتنا‭ ‬للخطط‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬أنفسنا‭ ‬وأبناءنا‭ ‬وكبارنا‭ ‬من‭ ‬أَضرار‭ ‬يحدثها‭ ‬فيروس‭ ‬أضاع‭ ‬منا‭ ‬أرواحا،‭ ‬وأصابنا‭ ‬بمصائب‭ ‬أحاطتنا‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬الخسائر،‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عظمى‭ ‬سقطت‭ ‬بسياساتها‭ ‬الإدارية‭ ‬وأضعفت‭ ‬قوتها،‭ ‬ومن‭ ‬سياسات‭ ‬تنموية‭ ‬غيرت‭ ‬بوصلة‭ ‬العمل‭ ‬فيها‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الصحية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها،‭ ‬وخسائر‭ ‬مالية‭ ‬انصبت‭ ‬على‭ ‬الحملات‭ ‬التوعوية‭ ‬والعلاجات‭ ‬الصحية‭ ‬والموارد‭ ‬الطبية،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬وفي‭ ‬مقابل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سلف،‭ ‬لم‭ ‬نقم‭ ‬برصد‭ ‬وحصر‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬أكبر‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬دمار‭ ‬أعظم‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬امبراطورية‭ ‬ناعمة‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬دقيقة‭ ‬ومدروسة،‭ ‬وتستغل‭ ‬ظروفا‭ ‬وأزمات‭ ‬دولية‭ ‬لتحقق‭ ‬نجاحاتها‭ ‬لتقضي‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الدول‭ ‬وعقولها‭ ‬المفكرة،‭ ‬لما‭ ‬تحدثة‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬في‭ ‬الأرواح،‭ ‬والأموال،‭ ‬والأرزاق،‭ ‬والعلاقات،‭ ‬ومشاكل،‭ ‬وقضايا‭ ‬دولية‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وأمنية‭ ‬واقتصادية‭ ‬ومجتمعية‭ ‬وفكرية‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭.‬

ومن‭ ‬نتائج‭ ‬الحروب‭ ‬الكبتاجونية‭ ‬عقول‭ ‬مخدرة‭ ‬وغير‭ ‬واعية‭ ‬تستغل‭ ‬لتكون‭ ‬فرصة‭ ‬للدعاية‭ ‬السوقية‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬العقول‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإعلانات‭ ‬الجاذبة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالجوانب‭ ‬الصحية‭ ‬والنفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والفكرية‭ ‬وغيرها‭ ‬مستغلة‭ ‬حاجة‭ ‬الناس،‭ ‬لكن‭ ‬الأثر‭ ‬الأعظم‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬العقول‭ ‬الواعية‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬عقل‭ ‬الإنسان‭ ‬خلق‭ ‬واعيا‭ ‬ذكيا‭ ‬لديه‭ ‬قدرات‭ ‬فكرية‭ ‬تحدد‭ ‬الصواب‭ ‬من‭ ‬الخطأ،‭ ‬فما‭ ‬سبب‭ ‬التأثير‭ ‬عليه‭ ‬ووقوعه‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬امبراطورية‭ ‬الكبتاجون؟‭ ‬وما‭ ‬المعطيات‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬إليها‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬للدخول‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬عقول‭ ‬البشر‭ ‬الواعية‭ ‬غير‭ ‬الجاهلة؟‭ ‬إنها‭ ‬الحاجة‭ ‬التي‭ ‬تشعل‭ ‬نيران‭ ‬الحرب‭ ‬النفسية‭ ‬لتكون‭ ‬مصدرا‭ ‬مساندا‭ ‬ومؤثرا‭ ‬لتبدأ‭ ‬سلسلة‭ ‬التأثير‭ ‬المدمر‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الداخلي‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬الدولي‭ ‬وخسائر‭ ‬بمليارات‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬المؤامرات‭. ‬

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الامبراطورية‭ ‬التي‭ ‬تشن‭ ‬حروبا‭ ‬ناعمة‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬منظمات‭ ‬وأفراد‭ ‬وشخصيات‭ ‬وأحزاب‭ ‬وتكتلات‭ ‬وغيرها،‭ ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أزمات‭ ‬لنكشف‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬أضرار‭ ‬تحققت‭ ‬تتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬وميزانيات‭ ‬طائلة‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬الخطط‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تتصدى‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الإمبراطوريات‭ ‬الناعمة‭ ‬وخلاياها‭ ‬الارهابية‭ ‬المدمرة‭ ‬لعقول‭ ‬البشرية،‭ ‬ولا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬عالمي‭ ‬حتى‭ ‬نستعرض‭ ‬أهم‭ ‬إنجازاتنا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احتفالية‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭ ‬معلن‭ ‬عنه‭ ‬اعلاميا‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والإعلانات‭ ‬الإعلامية‭ ‬اليومية‭ ‬لتتبع‭ ‬حجم‭ ‬وآثار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬لقياس‭ ‬حجم‭ ‬وضرر‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬أضرت‭ ‬بالعالم‭ ‬ولا‭ ‬تقارن‭ ‬بحجم‭ ‬الضرر‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬تحدثه‭ ‬امبراطورية‭ ‬الكبتاجون‭ ‬المتصاعدة‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬الجريمة‭ ‬وما‭ ‬يتفرع‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬متعددة‭ ‬تقع‭ ‬على‭ (‬النفس‭ ‬والمال‭ ‬والعرض‭ ‬والعقل‭) ‬الضروريات‭ ‬الخمس‭ ‬التي‭ ‬يحميها‭ ‬القانون‭.‬

إن‭ ‬مفتاح‭ ‬النجاح‭ ‬للمواجهة‭ ‬والتصدي‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬الإمبراطوريات‭ ‬الكبتاجونية‭ ‬المدمرة‭ ‬لمجتمعاتنا‭ ‬وجهودنا‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭: ‬وضع‭ ‬الآليات‭ ‬المشتركة‭ ‬والتعاونية‭ ‬وطنيا‭ ‬ودوليا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المشكلات‭ ‬والقضايا‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحملات‭ ‬التوعوية‭ ‬المستمرة‭ ‬والدائمة،‭ ‬والخطط‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬حاجة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التطورات‭ ‬العصرية‭ ‬والتنموية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العلمية‭ ‬والوظيفية‭ ‬والأسرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬كمتطلبات‭ ‬أساسية،‭ ‬ودراسة‭ ‬حاجة‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬وسد‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬ومتطلباتهم‭ ‬المعيشية‭ ‬الأساسية‭ ‬وغرس‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬المجتمعية‭ ‬والوطنية،‭ ‬والربط‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التنموية،‭ ‬ومواكبة‭ ‬أحدث‭ ‬التطورات‭ ‬العصرية‭ ‬لها،‭ ‬ودراسة‭ ‬الظواهر‭ ‬ومعرفة‭ ‬أهم‭ ‬مسبباتها‭ ‬وسرعة‭ ‬معالجتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكاتف‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬علميا‭ ‬وعمليا،‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬الوسطية‭ ‬لمواصلة‭ ‬المسيرة‭ ‬التنموية،‭ ‬ومعالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬والسياسية،‭ ‬ووضع‭ ‬الخطط‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬تنعكس‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬للتصدي‭ ‬لمختلف‭ ‬الخسائر‭ ‬التي‭ ‬أضاعت‭ ‬الجهود‭ ‬الفكرية‭ ‬والتنموية،‭ ‬ووضع‭ ‬التشريعات‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬والموحدة‭ ‬الحازمة‭ ‬لمحاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الإمبراطورية،‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أبرز‭ ‬المراكز‭ ‬البحثية‭ ‬دوليا،‭ ‬ووضع‭ ‬القوانين‭ ‬الصارمة‭ ‬التجارية‭ ‬والخاصة‭ ‬بالنقل‭ ‬والتوريد‭ ‬والجمارك،‭ ‬مع‭ ‬تحديد‭ ‬الحالات‭ ‬الصحية‭ ‬المستعصية‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬علاجات‭ ‬طبية‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مكوناتها‭ ‬الكيميائية‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬والكميات‭ ‬الموصي‭ ‬بها‭ ‬وحجم‭ ‬تناولها‭ ‬وفترة‭ ‬العلاج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬اعلاميا،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬احصاءات‭ ‬دورية‭ ‬بالحالات‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬إلى‭ ‬ضرر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الكبتاجونية‭ ‬وحالات‭ ‬التشافي‭ ‬منها‭ ‬والحالات‭ ‬المستعصية‭ ‬ومواقع‭ ‬وجودها‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬وضع‭ ‬الخطط‭ ‬والدراسات‭ ‬البحثية‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تتصدى‭ ‬لهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬المدمرة‭ ‬لمجتمعاتنا‭ ‬والتصدي‭ ‬لآثارها‭ ‬المفجعة،‭ ‬وتتبع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الحديثة‭ ‬والمتفرعة‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تسوق‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬وتوابعها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬المطورة‭ ‬المشتركة‭ ‬دوليا،‭ ‬واستخدام‭ ‬آلية‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وتفعيل‭ ‬الخوارزميات‭ ‬الذكية‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬مخططات‭ ‬سياسات‭ ‬الحروب‭ ‬الناعمة‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬تغييب‭ ‬العقول‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬امبراطورية‭ ‬الكبتاجون،‭ ‬وإغلاق‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المصنعة‭ ‬والمصدرة‭ ‬والموزعة‭ ‬للكبتاجون‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق