الرئيسية

قال لي الطيب يمكنك رؤيتها موجودة في قسم الخدج السرير الثاني من جهة اليسار

عناق مواسي

قال لي الطيب يمكنك رؤيتها موجودة في قسم الخدج السرير الثاني من جهة اليسار… وقمت إليها متجلدة

رأيتها منزوعة الاجهزة وجسمها صغير جدا جدا … رأسها بحجم برتقالة صغيرة وأصابعها طويلة ويداها وسيقانها كأقلام رصاص … …
ولامستها بسبابتي… ونظرت لدقيتين ربما أقل…

وغادرتها

غادرت الغرفة التي لا يصدح منها سوى اصوات الاجهزة ونبض القلوب الصغيرة التي لم ترَ الحياة خارج الرحم بعد …

وعدت الى غرفتي وسريري … ودفنت راسي مجددا في وسادتي …. وأصوات الاطفال بحضن امهاتهم وبكاؤهم يصدح في مسامعي..
وأنا اريد اسكاتهم كلهم مرة واحدة … لا اريد ان اسمع أي شيء ولا رؤية أي طفل ولا أي ثدي متحجر من الحليب..

لكن الوسادة التي فوق راسي وحولي لم تنجح في كتم الاصوات كلها…

عندما حل موعد الزيارة … وجاءت امي الي بعلبة الكبدة المقلية وبراد القرفة ومعها حلو كثير….
ثم تلتها قريباتي ونساء اعمامي… وكل يحمل في يده هدية للمولودة الجديدة… الالعاب والحفاظات وقناني الحليب والملابس الزهرية الجميلة……

والكل يريد ان يرى الطفلة المولودة للتو…

وما ان تناول الجميع حلوان الولادة …حتى جاء يحمل بكلتا يديه كرتونة فيها شيء ابيض… اغلب الظن انها الطفلة

ثم انقلبت الفرحة في الغرفة الى صمت مريع وحزن… واحتارت امي ماذا تقولي لي.. غرغرت دموعي وحبست الباقي في رحمي… عميقاَ جداً جداً في أماكن سحيقة مظلمة بكيت..

توقظني في صباح اليوم التالي الممرضة في الخامسة صباحاً وهي تنادي
– والدات .. والدات … وقت الرضاعة
صحوتُ مذعورة .. ثم
تحسستُ صدري المتحجر وغرست وجهي في وسادتي وبكيت…

وعدت لبيتي بطني فارغة مع هدايا المولودة الجديدة وشعور الفقدان مرير الطعم..

وفي يدي مكتوب التسريح وتوصية طبية …

قصة بشرى… في الذكرى ال20 لعصفورتي في الجنة 25/10/2003

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق