الرئيسيةشعر وشعراء

طيف / حسن إبراهيم حسن الأفندي

مابال طيفك زارني أبكاني … يا أخت من عاشوا على التحنان
ورحلت نصف القرن نيّف فجأة … ماغاب ذكرك مرة وجفاني
خمسون عاما نيّفت في غفلة … وظننت أن العمر بعدك فاني
فغدوت في شيبٍ وألف نوازل … أحيا هوامش دنيتي وزماني
أصبحت شاعر قومه يبكي أسى … ويجيد سبك الشعر والأوزان
عوّدت عيني أن تجود بدمعها … جارت لآلامي وللأحزان
وظننت أن الشيب يُذهب ماجرى… فإذا بمأساتي تهز كياني
قتلوك من عُقد لهم مسمومة … وجرت دماء عفاف كالبركان
كم قد دفنا يومها من جثة … يا بئس ما عشنا مع الأكفان
ساروا إلى دنيا المقابر جملة … لا العقل أبقى جأشه وافاني
هي حكمة تخفى علينا إنما … حزن الصدور أقام في وجداني
كَمَنَتْ مرارته وعدتُ مراثيا … لم تُجْدِ من نفع ولا سلوان
أختاه لا أشكو لربي ما جرى … فهو العليم بباطن الإنسان
وهو المهيمن لا أشك للحظة … أن لو أراد يزيد في إيماني
فنزلت ساحته أجرجر خيبتي … أرجوه من صفح ومن غفران
فرضاء ربي غايتي في غربتي … كل الذي أرضاه قد أرضاني
أهُدى هُدى ما بال طيفك زائرا … بعد السنين مهدهدا أركاني
ما عاد في جسدي مكان سالم … يكفي لما لاقيت من أشجان
لم يبق للألم الممض مكانة … حتى أعود لما مضى وأعاني
لم أدر في ذكراك ألف هزيمة … نزلت بنفسي أثقلت بنياني
لم أدر أن ورودنا في لحظة … سبقت لتسكن برزخ الرضوان
عفّت عن الدنيا ومن صخب بها … تركت لشاعرها بلا عنوان
مالي أعايش للعقود جريحَها … والناس قد جُبلت على النسيان
من كان إنسانا أصاب تناسيا … ما كان أصعبه على إنساني
عشت الحياة بمرِّها وقساوة … وفقدت من أخت ومن أخوان
من عاش يلقى في الحياة مرارة … ذكرى تُهيّج كامن الأشجان
كم قد بكيت وما تفيد مدامعي … والشعر ما واتى مع الأحزان
قصُرت خطاي وما تُفيد مناحتي … والموت يدركني بكل أوان
شيب وضعف يلزمان ملامحي … وغدا ستطوى صفحتي وبياني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق