اخبار العالم العربي

وداعا كوكب حمزة .. فنان الشعب

الإعلامي هاني الريس

تعرفت على الفقيد الفنان العراقي والعربي الكبير كوكب حمزة قبل أكثر من أربعة عقود تقريبا في لقاء عابر في العاصمة السورية دمشق التي كان صدرها يتسع دائما لاحتضان آلآلاف من المناضلين العرب والاجانب من كل بلدان العالم الذين ضاقت بهم سبل العيش في أوطانهم الاصلية بسبب آرائهم السياسية ولم تتسع إلا لمحاربتهم وتشريدهم، وذلك عندما كنت ورفاقي البحرينيين المناضلين في صفوف الجبهة الشعبية في البحرين نعيش حياة المنافي القسرية ونعمل من أجل القضية الوطنية البحرينية، وقال وقتها انه كان في زيارة قصيرة للعاصمة السورية دمشق التي كان يتردد عليها بين فترة وأخرى، وكان الرجل في حديثة الخاطف معي حول البحرين متدفقا بمعرفة حقائق الاوضاع المآساوية التي تعيشها البحرين في ذلك الوقت وشد على يدي في مواصلة النضال السياسي ضد الظلم والاستبداد .

وفي اواخر العام 1989 جمعتني الصدفة مع كوكب حمزة في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن التي احتضنتنا كلاجئين سياسيين ومنحتنا حق اللجوء السياسي ووفرت لنا الحماية الدولية من الاضطهاد، ومن وقتها ربطتنا علاقة اخوية حميمية استمرت تحث الخطى من دون انقطاع حتى قبل رحيله المفاجىء إلى جوار ربه راضيا مرضيا في 2 نيسان/ ابريل 2024 .

كوكب حمزة الذي عشق الفن والسياسة معا ولحن لنجوم الطرب في العراق وغيرها من بلدان الوطن العرب قصائد شعرية اسعدت الناس بطربهم وعذوبة أصواتهم السحرية وأدخلت البهجة في قلوبهم في زمن القهرو الردة العربية ومحاولات نظام البعث العراقي قمع الحريات المدنية وتشويه الحركة الثقافية ومحاربة المعارضين السياسيين والمثقفين والفنانين والكتاب والشعراء بسبب آرائهم المناهضة لسياسات النظام البعثي، كان رمزا فنيا يحتدى به في العراق وسائر الوطن العربي المفرد بانتاجه الغزير في الحانه الموسيقية والثقافة الفنية .

لقد كان كوكب حمزة الفنان والانسان الذي لم يتعب من انتاج المميز في اللحن بسعة افقه الفني والوطني ووفائه وتفانيه من أجل سعادة الناس ونشر البهجة والفرح في قلوبهم، ظل طوال عمره المديد وبالرغم من كبر سنه الذي بلغ الثمانين من العمر رجل ممتلىء بحيوية الشباب وعنفوان العطاء الفني، وقد عرف كيف يؤثر في اجيال من المطربين العراقيين والعرب ويكتشف نجوميتهم ويصعد باسمائهم في سماء عموم العالم العربي، وبالاضافة لذلك كان دائما نصير الانسان المقهور رجلا أم امراة عراقيا كان أم بحرينيا أم عربيا أم أمميا.

ويبقى أبو اسامة كوكب حمزة، الغائب الحاضر في قلوب من عرفه وتعرف عليه انسانا عاطفيا ودودا متواضعا متعاونا ومتضامنا مع البسطاء والمسحوقين وبحرا زاخرا بالعطاء وهامة شامخة بعنفوان في ميدان الفن ورمزا بارزا من رموز الحركة الثقافية والوطنية العراقية .

رحم الله الفنان الكبير كوكب حمزة وغفر له واسكن روحه الطاهرة فسيح جناته مع الخالدين

هاني الريس
6 نيسان/ أبريل 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق