مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الجان المسحور والأميرة بدور من التراث الشّفوي السّوري حبّ من نظرة واحدة (حلقة 1 )

يحكى في قديم الزّمان عن حطاب فقير إسمه أبو عليّ يعيش في بيت خشبي مع إمرأته ، ورغم مرور السنوات لم يرزقه الله بالذرية، وكان كلّ يوم يستيقظ باكرا، ويخرج للغابة لتحتطب، ثم يجمع الأغصان في جزمة وياخذها على السوق، فبيعها ،ويشتري بثمنه قفة فيها خضار وزيت ودقيق ، ويرجع لبيته، فتطبخ إمرأته ما تيسر ،ويتعشى معها ،وينام ،وهكذا كانت حالهما وقلما ذاقا اللحم أو لبسا، ثيابا جديددة ،وكانت المدينة بعيدة عن الغابة ،لذلك فالحطاب لا يحمل إلا ما يقدر عليه فوق ظهره ،وكلّ مرةّ كان يإنّ من التّعب ،لكن ماذا يفعل المسكين ؟ فما باليد حيلة . ذات صباح بقي نائما، ولم يدرك أن الشمس قد طلعت ،فهّزته إمرأته ،وقالت له إنهض يا رجل ،كفاك نوما ،وإذهب للغابة ، واسترزق الله .
فرك الحطاب عينيه ، ولبس تياب الشغل ثم تحامل على نفسه ،ورمى الحبل والفاس على كتفه، وسار كعادته إلى الغابة، وبدأ يقطع الأغصان ويجمعا حتى صار عنده كومة كبيرة، وأراد أن يحملها، فلم يقدر حتى على تحريكها فبحث عن أحد يساعده ،ودار في الغابة ،وهو ينظر هنا وهناك ،فلم يكن ليس هناك إنسان ولا حتى حيوان ،فجلس ووضع رأسه بين كفيه ،وفجأة سمع صوتا خشنا ، ولمّا إلتفت نحوه، شاهد ولدا واقفا قرب شجرة ، وقال في نفسه :لقد أتى بك الله، لكن لما اقرب منه ،وجده ضخما، ويستر نفسه بورق الشجر ،وبما أنه لا يوجد سواه قال له: إذا أعطيتك ملابس وطعام هل تساعدني في حمل الحطب للسّوق ؟
حرّك الولد رأسه بالإيجاب ،فأخذه الحطاب إلى البيت ،ولمّا رأته إمرأته، صاحت ،ويحك يا أبا عليّ، أين وجدت هذا الولد القذر ؟ قال لها :سخّني له الماء ،ودعيه يستحمّ، أما أنا فسأبحث له عن إزار يلبسه ،ثم أعطاه خبزا وزيتا فأكل، وقال له هيا إلى السّوق، كان الولد قويّا حمل على ظهره الحزمة الثقيلة ،ولمّا وصلا ،باع الرّجل الحطب بثمن جيد ،فحمله للحلاق وقص شعره ،واشترى له ملابس ،وقال له: من اليوم أنت ولدي ،وستشتغل معي ،وأعطيك غرفة في البيت تنام فيها ،صار الولد يقوم مع الحطاب كل صباح، وفي نصف النهار يرجعان ومعهم القفاف محملة بالخيرات وتحسّنت حال الرجل ،وصار يأكل ما تشتهيه نفسه ،واشترى حمارا ،لكن كلّ ما يسأل الولد عن قصّته لا يعطيه جوابا ،ولم يكن يتكلّم إلا قليلا ،وتعوّد أهل القرية على هذا الولد الغريب ،ولضخامته صاروا ينادونه :غول الغابة !!!
في يوم من الأيام طلعت بنات السّلطان على السّوق، وكان الحطاب و ولده واقفين يبيعان الحطب، جاء الحرس ،وصاروا يضربون الناس حتى يبتعدوا، ويتركون السّوق لبنات السّلطان. ،واختفى الحطاب في ركن مع الولد ،في تلك الأثناء وصلت عربة السلطان ، ونزلت ا منها بنات متل القمر يلبسن الحلى والحرير، وصرن يتجولن في السّوق ويشترين أغراضنّ، و الولد يتفرج عليهن ،ولما وقع نظره على الأميره الصغيرة بدور ،خرج من مخبئه ،وإقترب منها ،وجاء رجال أبيها ليبعدوه عنها ،لكن لم يقدروا على زحزحته من مكانه ، فتعجّبوا من قوّته الفائقة رغم صغر سنّه ،وفي الأخير خرج الحطاب، وسحبه من يده ،لكنه بقي ينظر للبنت بدور، وقد هام بها وطار عقله لجمالها، وبعد ما أنهت بنات السلطان الشّراء ركبوا العربة،ورحن للقصر،لكن الأميرة رفعت الستار وأطلت بدهشة على ذلك الولد وشاهدته وهو يشيعها بعينيه الحائرتين .
رجع الحطاب ،إلى البيت وكان والولد كئيبا على غير عادته ،ودمعته على خدّه، فأستغرب أبو علي من حاله ، وكفّ غول الغابة عن الأكل والشرب،ولاح عليه المرض،في اليوم الموالي قالت إمرأة الحطاب: والله إبنك عاشق فلقد سمعته يهذي بإسم فتاة !!! قص عليّ ماذا حصل معك منذ يومين ؟ فحكى لها الحطاب ماذا وقع ، ردت المرأة : ياه ،هو إذن عاشق لواحدة من بنات السّلطان !!! فسألته المرأة هل عشقت واحدة من بنات السلطان ؟ فهز براسه:،وأشار لها بإصبعه الصغير، فعرفت أنه يحب بنت الملك الصغيرة ،بقي الحطاب وإمرأته يفكران بحل لهذه المشكله الكبيره، فقال أبو علي: والله هذا الولد لم يقصّر معانا وسأحقّق له أمنيته مهما كلّف الأمر…

يتبع حلقة 2

من حكايا زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق