مقالات

الأدب بين العربية والإنجليزية بقلم/ إلهام عفيفي

اختلف تعريف الأدب عبر العصور فبين قائل أنه أحد أشكال التعبير الإنساني عن مجمل عواطف الإنسان وأفكاره وخواطره وهواجسه بأرقى الأساليب الكتابية التي تتنوع من النثر إلى النثر المنظوم إلى الشعر الموزون لتفتح للإنسان أبواب القدرة على التعبير عما لا يمكن أن يعبر عنه بأسلوب آخر، واخر يربط الأدب باللغة لتنتج الثقافة المدونة بهذه اللغة فيتم حفظه ضمن أشكال الأدب وتجلياته والتي تتنوع باختلاف المناطق والعصور وتشهد دومًا تنوعات وتطورات مع مر العصور والأزمنة، وقد لخص وليم هازلت هذا المفهوم في قوله (إن أدب أي أمة هو الصورة الصادقة التي تنعكس عليها أفكارها).
والأدب هو فنُّ التعبير بالكلمة الجذابة التي تثمر نصوصًا نثرية أو شعرية تتميز بحلاوة المفردات التي تعبر عن إنسانية المضمون لتتحول إلى قيمةً باقية بقاء الزمن، ويُطلق لفظ الأدب أيضًا على مجموع هذه الآثار المُنْتَجة في بلد ما، أو لغة ما، كالأدب العربي، والأدب الإنكليزي، والأدب الفرنسي، أو على مجموع الآثار المنتجة في عهد معيّن كالأدب الأموي، والأدب العباسي، والأدب الأليصاباتي (نسبةً إلى الملكة أليصابات أو أليزابيث الأولى).
إن من صنع ويصنع هذا الإرث الإنساني العظيم هو الكاتب الحقيقي الذي يملك موهبةٌ أصيلة، وثقافة رفيعة، وتفكير متجدد، وحسّ مرهف، وخيال مبدع، ولغة سليمة يجيد غزل مفرداتها ليصنع نصوصًا، تُقَوِمُ مجتمعًا فتطوره.
فإذا تطرقنا للأدب العربي نجد له تاريخًا ضاربًا في القدم، يزدحم بالتطور عبر العصور التاريخية التي مر به، ويزهو بأعلام من الشعراء والكتاب قديما وحديثًا، وتتنوع اغراضه بين الشعر والقصة، والمسرحية والمقامة والمقال، والأشكال المختلفة كالموشحات، كما يعلو ويهبط حسب زمنه هبوطا وصعودا واندثارا في بعض الفترات.
فإذا حاولنا توسيع الدائرة لتشمل العلاقة بين الأدبين العربي والإنجليزي والمقارنة بينهما بهدف تحليل واستكشاف التشابهات والاختلافات بين النصوص الأدبية التي تكتب باللغتين، فقد تركز هذه التحليلات على عناصر كل جنس أدبي والموضوعات التي يتناولها والأساليب التي يستخدمها، بالإضافة إلى العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية التي أثرت على النص، كما يمكن أن يتعلق الأمر أيضًا بمقارنة النصوص من النواحي اللغوية والنحوية والصرفية وتحديد ما إذا كان هناك تأثير متبادل بين اللغتين في بناء الجمل والتعبير.
وحين نقارن بين الأدب العربي والأدب الإنجليزي، نجد إنهما يتناوبان التأثير في بعضهما البعض عبر التاريخ، فنجد أن الأدب العربي أسبق في الزمن لكن الأدب الإنجليزي شهد عدة قفزات متتابعة في مسار تطوره، تتنوع الأساليب والأنماط والموضوعات التي يغطيها كلا النوعين، إلا أن الأدب العربي يتميز بالتعبير عن الشعور والإحساس، بينما الأدب الإنجليزي يتميز بالتركيز على الحكمة والمعرفة، وبشكل عام يشمل الأدب العربي الشعر والنثر والخطابة والقصة والرواية والمسرح، بينما الأدب الإنجليزي يشمل الشعر والنثر والدراما والرسائل والروايات والقصص المصورة.
يتمتع الأدب العربي بتاريخ غني يعود إلى آلاف السنين، مع أعمال بارزة في النثر والشعر والدراما، بينما بدأ الأدب الإنجليزي الحديث في العصور الوسطى وأخذ يتطور بمرور الوقت، أنتج كلا التقليدين أعمالًا ومؤلفين مبدعين، وعلى الرغم من وجود اختلافات ملحوظة في الأسلوب والشكل والموضوعات، إلا أن هناك أيضًا العديد من أوجه التشابه والروابط بين الاثنين، على سبيل المثال، أنتج كلا التقليدين أعمالًا تستكشف موضوعات الحب والهوية والأعراف المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل كلا الأدبين من خلال الأحداث التاريخية والتأثيرات الثقافية والحركات الفنية.
وبشكل عام، على الرغم من وجود اختلافات بين الأدب الإنجليزي الحديث والأدب العربي، إلا أن هناك أيضًا العديد من القواسم المشتركة ونقاط المقارنة.
أهم الفروقات بين الأدب العربي والأدب الإنجليزي
تناول الأدب العربي والأدب الإنجليزي مجموعة متنوعة من الفنون القولية، وعبرا عن أفكار ومشاعر إنسانية لا حصر لها، وبما أن الطبيعة البشرية موجودة في كل مكان، وتتسق في جوانب كثيرة، ولكنها تختلف في درجة الاحتفاء بفنون معينة والإعراض عن غيرها لاختلاف البيئة الإنسانية باختلاف المناطق، فتظهر بعض الفنون في عصر ما ثم تختفي بعد ذلك لتظهر غيرها لتغطي موضوعات لم تكن معروفة من قبل، لتحظى دون غيرها باهتمام حماسي وبارز.
وحيث يمكننا البدء اعتبار أن الفارق الأوّل بين الأدب العربي والأدب الإنجليزي هو اللغة المستخدمة في كلا النوعين؛ ولكن هنالك فوارق أخرى تعتمد على عدّة عوامل وهي:
• اختلاف المحتوى الذي يقدّمه كلا الأدبين العربي والإنجليزي؛ فكل منهما عبارة عن مرآة تعكس واقع المجتمع الذي يعيش به، فالأدب العربي يعكس ثقافة العرب والتي تختص بالإسلام وعادات وتقاليد العرب، أمّا الأعمال الأدبية الإنجليزية فتعكس ثقافة الإنجليز على مرّ العصور.
• ثقل واتساع اللغة العربية الفصحى، والتي تعد أصعب من اللغة الإنجليزية البسيطة، وتعتبر اللغة العربية الفصحى لغة بليغة التعبير ويوجد بها العديد من الصور البلاغية، على عكس اللغة الإنجليزية التي تعتبر ركيكة مقارنةً مع العربية الفصحى.
• اللغة العربية استخدمت لغة واحدة فقط، وهي مشتقّة من لغة القرآن الكريم في أعمالها الأدبية، أمّا في الأدب الإنجليزي فاختلفت اللغة وتطوّرت على مدى العصور، وجمعت حديثًا بين اللهجتين الأمريكية والبريطانية.
• الأعمال الأدبية في الأدب العربي تمثّل الواقع بشكل أكبر وتستخدم القليل من الخيال، أمّا في الأدب الإنجليزي يستخدم عنصر الخيال بكثرة؛ خاصّةً عنصر الرعب في الروايات الطويلة، وهذا ما لا نجده كثيراً في الروايات العربية.
والخلاصة أن الأدب العربي والإنجليزي لهما الأهميّة ذاتها، وفي كل أجناسهما اشتهر مجموعة من الكتّاب والروّاد، ولكن الفارق الجوهري بينهما هو اللغة والبيئة والثقافة التي تعكسها الأعمال الأدبية المنتجة في كل منهما.


وكما قال شاعر الأمة
محمد ثابت
الشعر العربي الجاهلي كان علم أقوامٍ لم يكن لهم من علوم غيره
فإذا أردت إن تتعرف على تاريخ العرب فالتمسه في الشعر العربي
وإذا أردت أن تعرف قبائل العرب وأنسابهم وآبارهم وأيامهم ( معاركهم) فالتمس كل ذلك في الشعر العربي
———————-
إلهام عفيفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق