مقالات

انتفاضة سياسية.: بقلم: عدنان مجلي رئيس الكونغرس الفلسطيني الاقتصادي العالمي

بقلم: عدنان مجلي رئيس الكونغرس الفلسطيني الاقتصادي العالمي

عندما غادرت بلدتي طوباس، للدراسة في الخارج، مطع الثمانينات، كانت البلاد تدار من قبل الحكم العسكري الاسرائيلي…

كان في البلدة مركزا للشرطة يديره شرطي محلي اسمه ابو داهش، وكان مرهوب الجانب، وكانت المدارس والمستشفيات وداوئر السير والاراضي وغيرها من الدوائر الحكومية تدار من قبل الحكم العسكري الاسرائيلي…

اليوم، اعود الى البلاد، وهي تدار من قبل السلطة الفلسطينية، السلطة التي اسست بموجب اتفاق اوسلو التاريخي، لتكون مرحلة انتقالية على طريق التحول الى دولة بعد عدة سنوات، لكن هذا لم يحدث…

ما حدث بالمقابل، هو انقلاب اسرائيلي على اتفاق اوسلو، بهدف منع اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبقاء السيطرة الاسرائيلية على الارض خدمة لمشروع استيطاني يشمل غالبية مساحة الضفة الغربية، وفي مقدمتها القدس الشرقية..

واليوم، تحمل لنا الرياح القادمة من واشنطن انباء غير سارة عن تحرك امريكي لتحويل الخطة الاسرائيلية الى واقع: سيطرة اسرائيلية تامة على كامل الارض، وحكم ذاتي فلسطيني على السكان مرتبط بكيان فلسطيني في غزة، يمكن تسميته دولة او حتى امبراطورية…

وتأتي الاجتياحات الاسرئيلية شبه اليومية لمدينة رام الله، مركز السلطة الفلسطينية، لتذكرنا جميعا بالواقع القهري الذي يشكل اليوم المشروع السياسي الوحيد لدولة اسرائيل، ومن خلفها ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب: سلطة فلسطينية مسؤولة عن السكان، وسيطرة اسرائيلية تامة على كامل الارض.

في الماضي القريب، كان الشعب الفلسطيني ينتفض على الخطط السياسية الرامية الى تصفية قضيته، لكن اعتقد ان المطلوب اليوم هو انتفاضة سياسية فلسطينية… انتفاضة تشارك فيها القوى السياسية الحية بهدف افشال هذا المشروع، انتفاضة سياسية تقوم على اعادة توحيد البلاد واعادة احياء المؤسسات السيادية الفلسطينية من خلال اجراء انتخابات عامة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس…

نعم، اعادة توحيد البلاد، وقيام الشعب بانتخاب ممثليه، هو الضمانة الوحيدة لحماية الوطن، وافشال ما يعد له في الخفاء والعلن…

ان وجود برلمان منتخب، يراقب حكومة منتخبة، ويرسم طريقها في مواجه خطط الاحتلال، ويحجب الثقة عنها ان هي حادت عن الطريق، هو الضمانة الوحيدة لحماية الوطن والمشروع الوطني، ومجابهة الاعداء بقوة الشعب، فالشعب الذي اسقط عشرات المؤامرات السابقة قادر على اسقاط هذه المؤامرة والمؤامرات اللاحقة، لكن هذا يتطلب منا ان نعيد للشعب صوته المفقود، ودوره الغائب المغيب، وهذا لا ياتي الا عبر انتفاضة سياسية، انتفاضة تقوم على اعادة توحيد البلاد واحياء مؤسساتها السيادية من خلال طريق واحدة هي الانتخابات الحرة..

د. عدنان مجلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق