اقلام حرة

ذكريات ضابط فلسطيني

أثناء حصار الرئيس الشهيد القائد (ياسر عرفات)
(المحكمة العسكرية )

ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن المحاكمة العسكرية التي تمت برئاستي في المقاطعة / رام الله أثناء الحصار , وقد لامني الكثير من الإخوة الزملاء لماذا لم تكتب عن هذه القضية والتي لا يعرف عن تفاصيلها الكثير من الناس وإلي متي ستبقي هذه التفاصيل سراً .
بدايةً أقول أن المحاكمة العسكرية التي تمت في المقاطعة / رام الله تمت بطروف قاسية وصعبة جداً لا يمكن تحملها .
أذكر أن وزير خارجية أمريكا ( كولن باول ) زار المقاطعة أثناء الحصار المجرم للمقاطعة يوم 19/4/2002م وقد أبلغ الأخ الرئيس ابوعمار انه اذا اردتم فك الحصار عليكم وعلي محيط المقاطعة لابد من تسليم كل من فؤاد الشوبكي وأحمد سعدات والمتهمين بقتل الوزير الإسرئيلي (رحبئام زائيفي).
رد عليه الرئيس الراحل ابو عمار هذا شئ مستحيل ولن نسلم أحد لأنه لدينا محاكم وسجون فلسطينية ويمكن محاكمتهم اذا كانوا مذنبين , خرج (كولن باول ) غاضباً من هذا اللقاء وخرج الأخ ابو عمار أيضاً غاضباً .
فكان المخرج تشكيل محكمة عسكرية برئاستي ونائبي العميد / محمد ابو صلاح و العضو النقيب / منجد ابو غزال والمدعي العام النقيب / سليم المدهون , علي أن يكون ممثل الدفاع العميد / معاذ يونس ( سامح ) .
وقد صدر القرار ووقع من الأخ / ابو عمار يوم 19-4-2002م .
بالنسبة لي كان الموضوع حساس جداً وتمنيت أن لا أكون رئيساً للمحكمة لأنني سأحاكم مناضلين شرفاء دافعوا عن الأرض والقضية وقاموا بعمل وطني و بطولي , ولكن قبلت لأن الوضع كان أثناء الحصار سيئ للغاية بقدر لا يوصف حيث كان بالمقاطعة (480) عسكري ومدني وأجانب متضامنين مع الأخ ابو عمار داخل مقر المقاطعة حياتهم مهددة بالخطر .
وكنت كل ليلة اسهر مع الإخوة المتهمين بقتل الوزير الإسرائيلي (زئيفي) وكنت أقول لهم أنني أعتبر المحاكمة العسكرية هذه نقطة سوداء في تاريخي العسكري لكن مضطرين لذلك حتي لا يقوم الإسرائيليين بإقتحام المقاطعة وأخذكم بالقوة وذلك بعد أن قاموا بحصارها حيث أن تهديداتهم وقتها كانت جدية وكان إطلاق النار والنسف والتدمير في مقر المقاطعة نسمعه ونشاهده يومياً وقد تمت بعض الإشتباكات المحدودة مع القوات الإسرائيلية .
كنت دائماً أسهر مع الأخ ابو عمار ونتداول الأمر سوياً حتي نجد وسيلة بالقانون العسكري للقضاء الفلسطيني لتحديد المحكومية .
في يوم 28/4/2002م حضرت سيارات أمريكية وبريطانية لنقل كل من الإخوة فؤاد الشوبكي وأحمد سعدات والمتهمين بقتل الوزير الإسرائيلي زئيفي الي مدينة أريحا لوضعهم بسجن أريحا تحت إشراف القوات الأمريكية والبريطانية .
بنفس الليلة بعد المغادرة بنصف ساعة تقريباً تم فك الحصار جزئياً عن المقاطعة وفي يوم 1/5/2002م تم فك الحصار عن محيط المقاطعة , وأثناء الحصار كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الجنرال شارون يريد إذلال ابو عمار والشعب الفلسطيني بعملية السور الواقي , لكن الأخ ابو عمار كان صلباً وعنيداً الي أبعد الحدود .
المهم في الأمر أن الإخوة المتهمين بقتل الوزير الاسرائيلي كانوا متفهمين للمحكمة العسكرية ويعلمون أنها مسرحية للخروج من الأزمة القائمة والجميع يعلم ذلك .
كنت أزور الإخوة المتهمين بقتل الوزير (زئيفي) في سجن أريحا وايضاً ازور الأخ / فؤاد الشوبكي , والأخ / احمد سعدات بإستمرار كلما سمحت لي الظروف بذلك حيث أنني زرتهم اكثر من خمس مرات لكن للأسف بعدها بعام تقريباً إجتاحت القوات الإسرائيلية الغاشمة مدينة أريحا وسيطروا علي السجن وإعتقلوا الإخوة المناضلين الأخ / فؤاد الشوبكي والأخ / احمد سعدات والإخوة المتهمين في قضية قتل الوزير الإسرائيلي ( زئيفي ) لإعادة محاكمتهم في السجون الإسرائيلية .

مقالات ذات صلة

إغلاق