مقالات

فقط كن أنت بقلم /د. جلال الطويهري

في زحمة الأصوات، في ضجيج الطرق المزدحمة بأفكار الناس وظلالهم، ينسى الإنسان أحياناً صوته الداخلي، ذاك الصوت الهامس الذي يقول له: “كُن أنت.”

لكل إنسانٍ حكاية مكتوبة على ملامحه، وبصمة لا تشبه سواه، وشغف يضيء في عينيه كلما اقترب من حقيقته. أنت لست مُطالباً أن تكون نسخة مكرّرة من أحد، ولست مُضطراً أن تسير في طرقٍ رُسمت لغيرك. إن أعظم ظلم يمكن أن ترتكبه بحق نفسك، أن تُسلّم زمامك لرياح الآخرين، أن تمشي في صفوفٍ لا تُشبهك فقط لأن العالم قال: “هكذا يجب أن تكون.”

ما يفعله الناس، ما يقولونه، ما يحكمون به عليك، ليس إلا انعكاساً لذواتهم هم؛ مخاوفهم، رغباتهم، تجاربهم التي مرّوا بها. لا تجعل مرآتهم تُغطي ملامحك. لا تسمح لصورهم أن تُطفئ صورتك الأصلية.

امشِ على طريقك، ولو كان وعراً. اتّبع شغفك، ولو بدا غريباً. فالقلب يعرف طريقه أكثر مما تظن. قد تتعثر، قد يسبقك الآخرون، لكنك في النهاية ستصل إلى حيث أنت مُقدر أن تصل… بسلام.

السلام الحقيقي ليس في أن تُرضي الجميع، بل في أن تُرضي ذاتك. أن تستيقظ كل صباح وأنت تشعر أنك على وفاق مع نفسك، أنك لم تخن حقيقتك، ولم تُساوم على روحك.

تذكّر دائماً: العالم لا يحتاج نسخاً مكرّرة، بل يحتاج أن يُضيء كل إنسان بشعاعه الخاص. فلتكن أنت شعاعك، ولتكن قصتك، ولتكن نفسك… كما أنت.

إغلاق