أخبار عالميه

كيف ولماذا انتهجت روسيا تصدير متطرفيها الى سوريا

انتهجت روسيا، طيلة عدّة أعوام، على عقد صفقة مع متشدّدين إسلاميّين مواطنيها، ممّن كانوا مطلوبين لديها بسبب محاولاتهم لإقامة دولة إسلاميّة، تقضي بالتّوقّف عن مطاردتهم ومحو ملفّاتهم الجنائيّة وتبديل هويّاتهم واستصدار جوازات سفر جديدة لهم، مقابل السّفر إلى سورية!

قبل أربعة أعوام كان سعدو شرف الدينوف على قائمة المطلوبين لدى السّلطات في روسيا، وكعضو في جماعة إسلاميّة محظورة كان يتخفّى في الغابات بشمال القوقاز ويراوغ دوريّات الشّرطة شبه العسكريّة ويحيك المؤامرات لشنّ هجمات ضدّ موسكو.

لكن مصيره شهد فيما بعد تحوّلًا كبيرًا. وقال شرف الدينوف (38 عامًا) إنّه في كانون الأوّل/ديسمبر 2012 تلقّى عرضًا غير متوقّع من ضباط مخابرات روسيّ: إذا وافق على مغادرة روسيا فلن تعتقله السّلطات وستعمل في الحقيقة على تيسير مغادرته.

وقال شرف الدّينوف في مقابلة أجريت في بلد خارج روسيا ‘كنت مختبئًا، وكنت أنتمي لجماعة مسلّحة محظورة وكنت مسلّحًا’، لكنّه قال إنّ السّلطات عرضت عليه اتّفاقًا وأضاف ‘قالوا: نريدك أن ترحل’.

وافق شرف الدينوف على الرّحيل. وبعد أشهر قليلة منح جواز سفر جديد باسم جديد وتذكرة ذهاب بلا عودة إلى إسطنبول. وبعد فترة وجيزة من وصوله إلى تركيا عبر الحدود إلى سورية، وانضمّ لجماعة إسلاميّة بايعت فيما بعد تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش).

وتعرفت رويترز على هويّة خمسة متطرّفين روس آخرين يقول أقاربهم ومسؤولون محليّون إنّهم غادروا روسيا أيضًا بمساعدة مباشرة أو غير مباشرة من السّلطات وانتهى بهم المطاف في سورية. وقال شرف الدّينوف إنّ طرق الرّحيل اتّبعت نمطًا متشابهًا. ويقول أقارب إسلاميّون ومسؤولون حاليّون وسابقون إنّ موسكو أرادت التّخلّص من خطر الهجمات الإرهابيّة في الدّاخل لذلك غضّ مسؤولو المخابرات والشّرطة الطّرف عن مغادرة الإسلاميّين المتشدّدين للبلاد. وتقول بعض المصادر إنّ المسؤولين ذهبوا إلى حدّ تشجيع المتشدّدين على المغادرة.

وذكر أقارب من رحلوا ومسؤولون حاليّون وسابقون إنّ تلك الخطّة استمرّت قائمة حتى عام 2014 على الأقلّ. وتشير الحالات التي تمّ رصدها إلى أنّ تلك الخطّة تمّ الإسراع بتنفيذها قبل الألعاب الأوليمبيّة الشّتويّة التي أقيمت في منتجع سوتشي الرّوسيّ عام 2014 لأنّ السّلطات الرّوسيّة خشيت من أنّ المتشدّدين من داخلها قد يستهدفون ذلك الحدث الدّوليّ.

وانتهى المطاف بكلّ المتشدّدين الرّوس السّتّة الذين حدّدتهم رويترز في سورية، ويقاتل أغلبهم في صفوف جماعات متشدّدة تقول روسيا الآن إنّهم ألدّ أعداءها. والسّتّة يمثّلون نسبة ضئيلة من عدد المتطرّفين الذين غادروا روسيا خلال تلك الفترة. وقال مدير جهاز الأمن الرّوسيّ، ألكسندر بورتنيكوف، في جلسة للجنة مكافحة الإرهاب الوطنيّة في أواخر العام الماضي، إنّه بحلول كانون الأوّل/ديسمبر 2015 غادر نحو 2900 روسيّ للقتال في الشّرق الأوسط. وأشارت بيانات رسميّة إلى أنّ ما يربو على 90% منهم غادروا روسيا بعد منتصف عام 2013.

وقالت إيكاترينا سوكيريانسكايا، كبيرة المحلّلين في مجموعة الأزمات الدّوليّة وهي هيئة مستقلّة تهدف لحلّ الصّراعات ‘اللّغة الرّوسيّة هي اللغة الثّالثة التي يتمّ التّحدّث بها داخل تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) بعد العربيّة والإنجليزيّة. روسيا هي أحد الموردين المهمّين للمقاتلين الأجانب.’

وأضافت ‘قبل دورة الألعاب الأوليمبيّة لم تمنع السّلطات الرّوسيّة المغادرة، وغادر عدد كبير من المقاتلين روسيا. كانت هناك مهمّة محدّدة وقصيرة الأجل لضمان أمن الألعاب الأوليمبيّة. غضّوا الطّرف عن تدفّق الشّباب المتطرّف’ على الشّرق الأوسط.

وتقاتل موسكو الآن الدّولة الإسلامّية (داعش) وجماعات مسلّحة أخرى في سورية، يقول الكرملين إنّها تشكّل تهديدًا لأمن روسيا والعالم. وبرّر الكرملين حملته التي شنّ فيها ضربات جويّة على سورية بالقول إنّ هدفها الأساسيّ هو سحق تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش).

وتنفي السّلطات الرّوسيّة إدارتها في أيّ وقت من الأوقات لبرنامج لمساعدة المتشدّدين على مغادرة البلاد. وتقول إنّ المتشدّدين غادروا بإرادتهم ودون مساعدة من الدّولة. وألقى المسؤولون ومن بينهم بورتنيكوف، مدير جهاز الأمن الرّوسيّ، وكذلك السّلطات في شمال القوقاز، باللوم في مغادرة المتطرّفين على من يقومون بالتّجنيد لصفوف الدّولة الإسلاميّة (داعش) والدّول الأجنبيّة التي تعطي المتطرّفين ممرًّا آمنًا إلى سورية ومناطق أخرى.

وقال المتحدّث باسم الرّئيس الرّوسيّ، فلاديمير بوتين، ديميتري بيسكوف ‘السّلطات الرّوسيّة لم تتعاون أو تتعامل على الإطلاق مع الإرهابيّين. لم يكن التّفاعل مع الإرهابيّين ممكنًا من الأساس. يتمّ القضاء على الإرهابيّين داخل روسيا. لقد كان الأمر دائمًا على هذا النّحو وهو كذلك حاليًّا وسيبقى على هذا النّحو في المستقبل.’

وقالت وزارة الخارجيّة الرّوسيّة إنّ مزاعم مساعدة وكالات إنفاذ القانون الرّوسيّة للمتشدّدين ‘لا أساس لها’. وأضافت أنّ تلك الوكالات تتّخذ العديد من الإجراءات لمنع المتشدّدين من المغادرة ولمحاسبة من عادوا. وذكرت أنّ روسيا فتحت المئات من القضايا الجنائيّة المتعلّقة بقتال مواطنين روس في سورية ولذلك فمن ‘الغريب’ الاعتقاد بأنّ المسؤولين سهّلوا مغادرة المتشدّدين من روسيا.

ورفضت وزارة الدّاخليّة التّعليق قائلة إنّ جهاز الأمن الرّوسيّ هو المنوط بالقضيذة. ورفض جهاز الأمن الرّوسيّ في داغستان، التّعليق على الفور.

فائدة مشتركة

السّماح للمتشدّدين بمغادرة روسيا كان خيارًا مريحًا بالنّسبة للمتطرّفين وللسلطات على حدّ سواء. فقد قاتل الجانبان بعضهما البعض في منطقة شمال القوقاز ذات الأغلبيّة المسلمة ووصلا لطريق مسدود.

فقد أصاب الإرهاق الجماعات الإسلاميّة التي تقاتل لإقامة دولة مسلمة في المنطقة بعد سنوات من الملاحقة، وفشلت في تحقيق أيّ انتصارات هامّة على قوّات الأمن. كما أصيبت السّلطات بخيبة الأمل لأنّ المتشدّدين المتحصّنين في مخابئ جبليّة بعيدة أو يحميهم المتعاطفون معهم، تمكّنوا من تجنّب الاعتقال.

وفي عام 2013 بدأ الإسلاميّون في التّهديد بمهاجمة الألعاب الأولمبيّة في سوتشي، وبثّوا مقاطع فيديو لتهديداتهم على الإنترنت. ومثل هذا الهجوم قد يحرج روسيا في حدث يهدف لإبرازها على السّاحة الّدوليّة، فأمرت موسكو بحملة قمع.

وقال ضابط متقاعد من القوّات الخاصّة الرّوسيّة، قضى أعوامًا في أرض المعركة في شمال القوقاز، إنّ السّلطات الاتّحاديّة مارست ضغوطًا على المسؤولين المحليّين للقضاء على التّمرّد قبل ألعاب سوتشي. وأضاف ‘قالوا لهم قبل دورة الألعاب الأولمبيّة إنّ أيّ فشل لن يغتفر ومن يفشلون سيقالون. ضيّقوا الخناق عليهم’.

والاقتراب المبدئيّ من شرف الدّينوف جاء من مسؤول سياسيّ في قرية نوفوساسيتلي في داغستان، وهي منطقة في شمال القوقاز. وأصبح ذاك المسؤول الذي تقاعد منذ ذلك الحين همزة الوصل بين شرف الدّينوف وأجهزة الأمن الرّوسيّة. وأكّد هذا المسؤول رواية شرف الدّينوف لرويترز.

واستغرق الأمر من شرف الدّينوف عدّة أشهر ليقرّر قبول الاتّفاق. وفي النّهاية قرّر أن يضع ثقته في المسؤول المحليّ الذي كان يعرفه منذ طفولته.

ويروي شرف الدّينوف أنّ الوسيط اصطحبه إلى مدينة خاسافيورت، والتي كان ينتظره فيها مسؤول محليّ كبير في جهاز الأمن الرّوسيّ. وقال شرف الدّينوف إنّ على الرّغم من منحه ضمانات لسلامته بقي متشكّكًا ولذلك أخذ مسدّسًا وقنبلة يدويّة في جيبه على الرّغم من الاشتراط عليه المجيء دون سلاح.

ولم يحاول شرف الدّينوف قبل ذلك مغادرة روسيا لأنّه اعتقد أنّه قد يعتقل أو يقتل. ومغادرة روسيا بشكل علنيّ كانت مستحيلة لأنّه كان على قائمة المطلوبين للاشتباه في ضلوعه في تنفيذ تفجير. وإذا اعتقل وتمّت إدانته كان سيواجه عقوبة تتراوح بين السّجن ثماني سنوات ومدى الحياة.

لكن شرف الدّينوف قال إنّ ضابط جهاز الأمن الرّوسيّ أبلغه أنّ بإمكانه مغادرة روسيا وأنّ الدّولة ستساعده على الرّحيل.

وقال شرف الدّينوف في كانون الأوّل/ديسمبر ‘قالوا اذهب إلى أيّ مكان تريده يمكنك حتّى الذّهاب والقتال في سورية’. وتذكّر أن دورة الألعاب الأولمبيّة ذكرت أثناء التّفاوض. وأضاف ‘قالوا شيئًا مثل نريد مرور الأولمبياد دون حوادث، ولم يخفوا أنّهم كانوا يرسلون آخرين أيضًا إلى خارج البلاد.’

اسم جديد

كان لشرف الدّينوف أسبابه الخاصّة لمغادرة روسيا. نشبت توتّرات بينه وبين الأمير المحليّ الذي كان قائد الجماعة المنتمي لها. وقال إنّه عندما أبلغ أمّه بعرض جهاز الأمن الرّوسيّ بكت أمامه كي يوافق لأنّها كانت تتمنّى ألّا يظلّ هاربًا بعد ذلك.

واحتاجت الخطّة المزيد من الأدوات الحكوميّة وقال المسؤول المحليّ الوسيط إنّ شرف الدّينوف احتاج جواز سفر جديدًا لمغادرة روسيا.

وقال المسؤول السّابق ‘لأنّه على قائمة المطلوبين لم يستطيعوا إرساله للخارج.’

وقال شرف الدّينوف إنّه تسلّم جواز سفر جديدًا عندما وصل إلى مطار مينيرالني فودي، في جنوب روسيا، في أيلول/سبتمبر 2013 عندما رافقه موظّف في جهاز الأمن الرّوسيّ في سيّارة لادا فضيّة اللون معتمة النّوافذ، وكان مع جواز السّفر تذكرة سفر ذهاب بلا عودة إلى تركيا.

وعرض شرف الدّينوف على رويترز جواز السّفر الذي قال إنّ الحكومة الرّوسيّة أعطته له. ويحمل الجواز اسمًا وتاريخ ميلاد مختلفين قليلًا عن البيانات المسجّلة عن شرف الدّينوف في القائمة الرّسميّة للمتشدّدين المطلوبين. وظهر شرف الدّينوف في الصّورة حليق اللحية بينما كان يلطلقها. وقال إنّه حلق لحيته من أجل جواز السّفر الجديد.

لم يتسنّ التّحقّق من أصل جواز السّفر، لكن جيران شرف الدّينوف والمسؤول السّابق الذي عمل وسيطًا أكّدوا هويّته وكيف حصل على الوثائق. وطلب شرف الدّينوف عدم نشر الاسم الجديد المسجّل في جواز السّفر الذي يتعامل به كهويّته الجديدة.

ونفى مسؤولون بالأمن في شمال القوقاز مساعدة الإسلاميّين المتشدّدين على مغادرة البلاد لكنهم يتّفقون على أنّ غيابهم ساهم في حلّ مشكلات أمنيّة بالمنطقة. وقال محمود عبد الرّشيدوف، عضو لجنة لمكافحة الإرهاب في ماخاتشكال، عاصمة داغستان ‘بالطّبع رحيل متشدّدين داغستانيّين بأعداد كبيرة جعل الموقف في الجمهوريّة أفضل.’

وأكّد ضابط بأجهزة الأمن شارك في المفاوضات مع المتشدّدين من قرية نوفوساسيتلي أنّ عددًا قليلًا من المقاتلين ‘ألقوا السّلاح وخرجوا’ من مخابئهم قبل أن يسافروا في وقت لاحق إلى سورية. وأضاف قائلًا ‘أوقفنا مقاضاتهم بعدما ألقوا السّلاح.’

وقال إنّ بعض القضايا استمرّت لسنوات قليلة لكنّها لم تكن مرتبطة بدورة ألعاب سوتشي وقال إنّ الأمن لم يساعد أيّ شخص على المغادرة.

وأضاف ‘إذا كانت (السّلطات) لم تتّخذ ضدّهم أيّ إجراءات وفقًا للقانون، فإنّهم يملكون نفس الحقوق كأيّ مواطن روسيّ. بمقدورهم الحصول على جواز سفر ومغادرة البلاد.’

وقال الضّابط إنّه لم يعرف قضيّة شرف الدّينوف.

اختفاء مفاجئ

قال شرف الدّينوف إنّه عندما وصل إلى سورية كان تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) يشهد صعودًا لكنّه لم يكن يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي. وانضمّ الرّجل إلى جماعة صغيرة يطلق عليها جماعة صبري مع مقاتلين آخرين من روسيا وبلدان سوفيتيّة سابقة. واستقرّت الجماعة في الدّانا قرب حلب وسيطر التّنظيم على أراض مجاورة.

وقال شرف الدّينوف إنّ الجماعتين كانتا تربطان بعلاقات وديّة. وانضمّت جماعة صبري فيما بعد إلى تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) لكن شرف الدّينوف قال إنّه ترك القتال في ذلك الوقت وغادر سورية. ورفض الإفصاح عمّا إذا كان قد تعرّف في سورية على مقاتلين آخرين من داغستان أم لا.

ووصلت رويترز على نحو مستقلّ لتفاصيل عن خمسة متشدّدين آخرين غادروا سورية في ظروف مشابهة لشرف الدّينوف. والخمسة إمّا قتلوا أو سجنوا أو لا يزالون في سورية، ويتعذّر الوصول إليهم.

وقدّم أقارب وأصدقاء ومسؤولون محليّون تفسيرات لأحوال الرّجال الخمسة الذي يتشابهون في كثير من الظّروف ومنها أنّهم جميعًا من داغستان وكان للسلطات الرّوسيّة سببًا وجيهًا لرفض منحهم وثائق سفر ومنعهم من مغادرة البلاد. ولكن وفقًا لما ذكره الأقارب والمسؤولون المحليّون، فقد سمحت السّلطات لكلّ منهم بالرّحيل.

أحد الرّجال الخمسة الذين غادروا روسيا هو محمّد رمضانوف، وهو من قرية بيريكي. وقال ضابط بالشّرطة المحليّة إنّه أصدر أوامر في 2014 لمراقبة رمضانوف ومتشدّدين آخرين مشتبه بهم في إطار سياسة أمنيّة جديدة قبل استضافة دورة الألعاب الأولمبيّة في سوتشي.

وقال إنّه تلقّى أوامر بوضع المتشدّدين المحتملين على قائمة مراقبة والاتّصال بهم مرّة كلّ شهر. وأوضح في تصريحات بمكتبه وهو يعرض على مراسل رويترز ملفّ رمضانوف على جهاز كمبيوتر ‘إذا لم يردّوا على الاتّصال فيتعيّن علينا أن نجدهم.’

وقال الضّابط إنّه خلال الاستعدادات لاستضافة دورة الألعاب الأولمبيّة وضع رمضانوف على القائمة لأنّه شخص ‘يعتنق معتقدات إسلاميّة غير تقليديّة إذ أنه ينتمي للوهابيّة.’

وعند هذه النّقطة قال والده سوليبان رمضانوف إنّ ابنه ألقي القبض عليه بتهمة حيازة متفجّرات في منزله لكن أطلق سراحه في وقت لاحق وفرضت عليه الإقامة الجبريّة في منزله.

وقال والده وضابط الشّرطة المحليّ، إنّه رغم وضعه رهن الإقامة الجبريّة تمكّن رمضانوف من مغادرة روسيا ومرّ على تفتيش جوازات السّفر في مطار موسكو الدّوليّ ومعه زوجته وابنه في أيّار/مايو 2014.

وذكر والده أنّه ظهر فيما بعد في سورية. ولم يعلّق مسؤولو الحكومة على قضيّة رمضانوف.

وقال سوليبان رمضانوف إنّه تلقّى رسالة في الثاني من كانون الثّاني/يناير عام 2015 من شخص قال إنّ ابنه قتل في صفوف الدّولة الإسلاميّة خلال قتال ضدّ القوّات الكرديّة قرب مدينة عين العرب (كوباني) السّوريّة على الحدود التّركيّة.

وذكر والد متشدّد آخر أنّ السّلطات سمحت لابنه بمغادرة البلاد بناءً على اتّفاق، وقال المسؤول السّابق الذي عمل وسيطًا في قضيّة شرف الدّينوف إنّ متشدّدين اثنين آخرين حصلا على مساعدة لاستخراج جوازي سفر.

وقال سكّان ومسؤولون إنّه بمجرّد وصول متشدّدين روس إلى سورية، فإنّهم شجّعوا غيرهم من بلداتهم على اللحاق بهم. وقال الضّابط المحليّ إنّ نحو 28 شخصًا من قرية بيريكي، التي يقطنها ثلاثة آلاف شخص، توجّهوا إلى مناطق في الشّرق الأوسط، تقع تحت سيطرة الدّولة الإسلاميّة (داعش). وقال إنّ 19 منهم أدرجوا في روسيا على قوائم ‘المتشدّدين’.

وفي نقطة للشرطة داخل القرية رأى مراسل لرويترز ملفًّا على كمبيوتر يتعلّق بعشرات المتشدّدين المشتبه بهم. وكان الملفّ باسم ‘واه’ وهو الاختصار الذي تستعمله الشرطة لكلمة ‘وهابيّين’.

وأظهرت بعض الصّور مجموعات من الشّباب الملتحين من بيريكي وقرى مجاورة وهم يحملون أسلحة. وقال الضّابط إنّ الصّور التي عثر عليها أو أرسلت عبر الإنترنت أظهرت الرّجال في سورية والعراق.

تيمور جمال الدّينوف

قدّم تيمور جمال الدّينوف، وهو من قرية دشميكينت في داغستان، طلبًا للحصول على جواز سفر دوليّ في أيلول/سبتمبر 2014. ويقول شقيقه أرسن إنّ طلبه رفض بسبب نفقة مستحقّة عليه لزوجته السّابقة.

وفي الشّهر التّالي وضعته الشّرطة على قائمة تضمّ وهابيّين. وقالت أسرته إنّه خضع لعمليّات فحص أمنيّة دوريّة.

وقال شقيقه إنّه بعد أسبوعين من ذلك تمكّن من مغادرة البلاد بجواز سفر صدر حديثًا. وقال ضابط شرطة محليّ إنّ جمال الدّينوف عبر الحدود بصورة قانونيّة. ويقول أرسن جمال الدّينوف إنّه لا يفهم إلى الآن كيف تمكّن شقيقه من السّفر.

وقال أرسن إنّ متشدّدين زملاء لشقيقه أبلغوه برسالة من سورية في أواخر كانون الأوّل/ديسمبر 2015 بمقتل شقيقه قرب كوباني القريبة من الحدود التّركيّة، وذلك في نفس الوقت تقريبًا الذي قتل فيه المتشدّد الرّوسيّ محمّد رمضانوف هناك.

ولم يدل مسؤولو الحكومة بأيّ تعليق على الأمر.

يوسف شرف الدّينوف وأحمد دنجاييف

قال المسؤول المحليّ السّابق الوسيط في قضية سعدو شرف الدّينوف إنّ يوسف شرف الدّينوف وأحمد دنجاييف، من قرية نوفوساسيتلي في داغستان، وإنّهما كانا من ضمن المجموعة نفسها مثل سعدو شرف الدّينوف.

وقال المسؤول السّابق إنّ دنجاييف وشرف الدّينوف (لا صلة بينهما وبين سعدو) وافقا على صفقة مع جهاز الأمن الرّوسيّ لوقف القتال في مقابل عدم إلقاء القبض عليهما وإنّهما بعد وقت قصير قرّرا مغادرة روسيا.

وقال المسؤول المحليّ السّابق إنّه ساعدهما في الحصول على جوازي سفر. ولا بدّ من موافقة جهاز الأمن على أيّ جواز سفر يصدر في روسيا.

وبحسب مصادر متعدّدة في قريتهما وشخص كان معهما في سورية، غادر الرّجلان روسيا في صيف 2013 ووصلا إلى سورية من تركيا، وقاتلا هناك في صفوف جماعات إسلاميّة مسلّحة.

وقال أشخاص عرفوا يوسف شرف الدّينوف إنّه أصيب في القتال حول كوباني، ومات في مستشفى على الجانب التّركيّ من الحدود.

وذكر أصدقاء وأقارب دنجاييف أنّه غادر سورية قبل أن تنضمّ الجماعة الإسلاميّة التي قاتل معها إلى تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) وعاد إلى روسيا حيث حكم عليه بالسّجن بمقتضى قانون يحظر على الرّوس الانخراط في قتال في الخارج يضرّ المصالح الرّوسيّة.

وقال ضابط الأمن المشارك في الاتّصالات مع المتشدّدين من نوفوساسيتلي ‘افترضت أنّهم يمكن أن يتوجّهوا إلى سورية. كان ذلك حقًّا يكفله القانون لهم، وحتّى إذا عرفنا أنّ شخصًا ما يمكن أن يذهب إلى سورية، ما الذي يمكن أن نفعله؟’

ولم يعلّق المسؤولون الحكوميّون على الأمر.

أحمد علي جادييف

لا يزال ممكنًا رؤية صورة لأحمد علي جادييف على اللوحات القديمة التي تحمل صور المتشدّدين المطلوبين في داغستان. وقريته جيمري معقل لنشاط الإسلاميّين المتشدّدين. وفي كانون الثّاني/يناير هذا العام كانت هناك وحدة من الشّرطة مدجّجة بالأسلحة تمنع الغرباء من دخول القرية.

وقال محمّد والد علي جادييف إنّ ابنه وضع على قائمة إرهابيّين مطلوبين لكن تلقّى عرضًا من السّلطات في 2008. وأضاف أنّ ابنه وثلاثة متشدّدين آخرين سمح لهم بالحصول على جوازات سفر دوليّة ليغادروا روسيا جوًّا إلى أيّ مكان يريدونه. واختاروا سورية.

وفسّر علي جادييف الكبير الاختيار الذي وقع عليه ابنه بقوله إنّ ابنه سبق أن درس في سورية.

اقرأ أيضا: الاتفاق الأوروبي التركي مهدد وتراجع كبير بعدد اللاجئين
وقال إنّ السّلطات كانت أمام اختيار ‘أن تقتلهم أو تسجنهم أو ترسلهم إلى حيث يريدون’. وقال إنّه لا يعرف إن كان ابنه انضمّ لاحقًا للقتال في سورية، لأنّه فقد الاتصال به بسبب آراء الابن المتطرّفة.

وأكّد مسؤول محليّ في جيمري أنّ علي جادييف سمح له بالسّفر إلى الخارج مقابل الاستسلام.

ولم يعلّق المسؤولون الحكوميّون على الأمر.

مئات المتطرفين الشيشان في سوريا لارتكاب المجازر
مئات المتطرفين الشيشان في سوريا لارتكاب المجازر

مقالات ذات صلة

إغلاق