مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكايا من القرايا ” الغانم أبو لؤي “

بقلم : عمر عبد الرحمن نمر

دار أبو مروح جيران دار أبو لؤي، وأبو لؤي من الناس الغانمين، قيمة وقدر، يساعد الناس، ويخدمهم… والناس كلهم يحترمون رأيه، ويقدرونه، وكلمته لا تسقط على الأرض… أبو مروح زلمي (إروش) شعنون، ميخذ هالدنيا بالصوت والزعبرة والجنونيّات، ودايماً يحلف طلاقات… ع النازلة والطالعة… وهو صوص ما بعرف يذبحه، لكن هذا من الجماعة اللي بقولوا عنهم ” بقطعوا الراس بفقّوسة ” أبو مروح ما بتفشش إلا بمرته الحزينة… ع الزغيرة والكبيرة بتلاقيه ببهدلها، وبعزّر عليها، وبسب عليها، ومرات – الله لا يجبره – بظربها… ودايماً صوته طالع ويقاتل، وزغاره الستة على المصطبة قطاطيم لحم… يا حرام بصيروا يعيطوا وأمهم تعيّط… وفي هذا الوضع المكهرب، كان يدشع الغانم أبو لؤي، كسيارة الدفاع المدني، يطفىء الحرائق، ويهدّي النفوس، ويبهدل الظالم أبو مروح… ولا تلبث أن تسكت الزوجة الصابرة كرمال تربي اولادها، علّهم يكبرون ويحترموها في شيبتها، ويقدّرون تعبها عليهم…

وأبو لؤي بالحج، تعرضت الحزينة أم مروح لأكثر من هجمة من الزوج التعيس، وكان سلاح الصبر هو السلاح الوحيد بين يديها… إلى أن كانت ليلة قاسية على العائلة… هجم عليها هجوم القادة الفاتحين، وضربها ضرباً مبرحاً، بدت آثاره في وجهها، وفي كسر في يدها… وطردها من البيت، والصغار يبكون… خرجت من بيتها إلى بيت أهلها باكية تولول… وأخذ الصغار إلى بيت أخته تتعهدهم… وعاد إلى البيت، وكأنه حقق انتصارات في معركته.

صدم الأهل عندما رأوا ابنتهم في هذه الحالة المزرية، وقفز أخوها حامد يتهدد ويتوعد ويريد كسر عنف الطاغية، إلا أن هدأه الأب، وهدأ روع ابنته… وفي الصباح الباكر أخذ ابنته إلى مُجبّر الكسور، وجبّر يدها…

كان الأب دائم التفكير في آلية حل المشكلة، فهو لا يريد طلاق ابنته، لأن الطلاق في عرف تلك الأيام كان عيباً، والمطلقة كانت تصبح خرّيفية يلوكها القاصي والداني… كان يريد الحل بأي ثمن، وعودة ابنته إلى بيتها وأطفالها، والصبر على القشلان زوجها، حتى تربي أطفالها ويكبروا… ولبلوغ هذا الحل السلمي أرسل وجيهاً من البلدة؛ علّه يردّ الزوجة إلى بيتها، لكن الزوج المتغطرس رفض الوساطة رفضاً قاطعاً دون إبداء الأسباب… وعزّز الأب الوفادة بوجيه آخر، وعاد كالأول بخفيْ حنيْن، وثالث… و… والغضيب مصرّ على عدم عودتها إلى بيتها، رغم ضغوط أخته، وتبرّمها من رعاية أطفاله.

وعاد الحج أبو لؤي من حجه المبرور، واستقبل زواره ومهنئيه أكثر من سبعة أيام بلياليها، ولما انفض الزوار، جاء والد الحردانة يقص عليه ظلم زوجها، وعنجهيته.

وانطلقا، فأتيا بها، ومشيا إلى بيتها، رأياه يجلس في ظل توتة كبيرة في حاكورة الدار، رآهم من بعيد، وكأنه خاف من الحج (أبو لؤي)، فأسقط في يده، وقال صائحاً، يوجه الحديث إلى والد الحردانة: وهذا منين جبتو؟ هذا رجل غانم، ودخلت الحردانة بيتها دون استئذان، وجلس الرجال الثلاثة يشربون الشاي تحت التوتة، وهدّد الحج أبو لؤي أبا مروح، إن سمع عنه شيئاً باطلاً، إلا يقص لسانه… وضحك… وضحكوا… ومرت الأيام المرّة، وكبر الأولاد، وهاي أم مروح معزّزة مكرّمة، الكل بدو رضاها، الاولاد والكناين والأحفاد… ومثل ما قال المثل “صبرت ونالت…”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق