التقيته ظُهر اليوم في سجن “هداريم”، بعد لقاء معتز في سجن عسقلان، قابلني بابتسامته البريئة التي ترافقني منذ اللقاء الأخير؛ عانقتُ الأسير ناصر حسن عبد الحميد أبو سرور عبر الحاجز الزجاجيّ الباهت، أمسك كلٌّ منّا سمّاعته وقال معاتبًا: “طوّلت الغيبة”، وعاتبته بدَوري لماذا لم يبعث لي بقصيدته “خُذني إلى حيفا” التي كتبها إثر لقاء سابق بيننا وسمعت بأمرها من كلّ الأسرى الذين التقيتهم منذ شهر آب، وقلت له: “وحدِه بوحدِه”!
تحدّثنا عن مشروعه الشعريّ، فهو يكتب السجن، يروي مصطلحاته، شعوره وأحاسيسه وموسيقاه حاضرة، يؤمن بالصورة والفكرة؛ أخبرته عن موافقة صديقي الأديب فراس على مراجعته لغويًا، وظافر بالنسبة للوحة الغلاف والناشر الذي ينتظره؛ مشروعه الروائي؛ تحدّثنا عن الشأن الفلسطيني وكأنّ الجميع في سبات جماعيّ وأُصبنا بفيروس من البلادة! كيف تصير القراءة فعلًا جبانًا من شحّ الخطاب؛ حدّثني عن علاقته بمزيونة التي تشكّل أجمل وجود نسائيّ في حياته وسيرورة وصيرورة تحوّلها من علاقة أم بابنها لعلاقة أب بابنته! وحيفا تحلّق في سماء الغرفة!!!
“خُذْني إلى حَيْفا سَأَلْتُكَ مَخْجولاً ودَفَنْتُ
رَأْسي
خُذْني إلى حَيْفا أستعيدُ ذاكِرَتي
وأَغْفِرُ لي حينَ
نَسيتُ
دُوارَ البَحْرِ
وَكَوْمةَ الصَخْرِ
وحينَ رَسَمْتُ على جداري مدينةً
تُشْبِهُها
شُلَّتْ يَدايَ
وَبِئْسَ الذاكِرين ”
ابن مزيونة
لك عزيزي ناصر أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة، نلتقي قريبًا في حيفانا كما تواعدنا!
حيفا 19 شباط 2020