منوعات
كتب محمود جودة في رثاء الراحل بسام الاقرع
كانت تُقاتل كي تسافر لتضع ابنتها على سلم الطريق، كطبيبة في القصر العيني بمصر، وكان لها ما أرادت، وصارت تُقاتل هذه المرة كي تعود ولو للحظة.
على الطرف الآخر في غزة، حيث دفئ الأماكن ورائحة الزوج والأسرة، هناك وهي غائبة في صنع المستقبل، باغت النوم الطويل زوجها صاحب القلب الطيب، ذاك الذي تشهد له كل الأفئدة وساحات العِلم والعمل .. ومات بسام الأقرع.
مات دون أن تستطيع دينا الأمل إسماعيل – زوجته – أن تمازحه وتقول له: قوم بلاش كسل، منا سايبتك قبل السفر زي الفل، قوم وقلي إنك بتضحك علينا.
مات دون أن تُقبله قُبلة الوداع الأخير، بعد أن قبلته قُبلة الوداع المؤقت حين سافرت، لأنها صارت ممنوعة عنه، ومفصولة بحدود من الذل، ومعبر.
مات الرجل، دون أن تسبل عيناه يد حبيبته، دون أن تمسد بناته على شعر رأسه، مات بهدوء اليقين، وهي تتابع جنازته عبر الصور.
هذه غزة في أبئس صورها، غزة التي حرموا أهلها حقهم في الحزن والبكاء والحضن الأخير.