المثالية الغائبة و حقوق المرأة !!
قال تعالى: و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة. إن بحثنا عن ميثاق لحقوق المرأة فلن نجد أقوى و أجمل من هذه الآية, فنجد فيها أنفسكم , التماهي, الذات و الهوية. أزواجا, الشق الآخر, التوأمة. مودة , حب و عطف و احترام. و رحمة شفقة, حنان, احتواء و احتضان. لم يقل سبحانه و تعالى قصور أو أرصدة بنكية و سيارات فارهة و رفاهية و أثاث من حرير القز أو الوبر الطبيعي و الفراء, و لم يقل موائد في فنادق خمس نجوم نأكل من طرف أطباقها ثم نتركها بعد أن نحاسب عنها, لأن السعادة و القناعة تنبع من داخلنا و لا تصنعها العوارض الخارجية و إن كانت لحظية كرغوة الصابون, لذلك أنت هو أنت صانع سعادتك التي تتأثر بارتفاع منسوبها من المؤثرات الخارجية التي لا تعطيك السعادة إلا إن كانت تربتها الخصبة في داخل و من ضمن قناعاتك التي تعطيك الرضا و راحة البال. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها ) ؟ و قال صلى الله عليه وسلم: خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة, لم يقل العقارات و العمارات و لم يقل السفر و الرحلات, و لم يقل حفل و تبذير و بهرجة بتكلفة دولة فقيرة في عيد استقلالها. السؤال المُحرج, من أين جاءت هذه الثقافات الغريبة و التي رفعت نسبة حالات الطلاق و الخلافات الزوجية و العنوسة بل شجعت الكثيرين و الكثيرات على العزوف عن الزواج أو التأخر فيه خوفا بحجج واهية و مبررات تتنافى مع الدين الذي قال على لسان نبيه: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) . و هذا يدل على المبادرة بالزواج لكن الكثيرون لم يتزوجوا و لم يصوموا و لم يغضوا البصر و بقوا في اضطرابات نفسية و عاطفية , و ما تفعله أنت تجد له طرفا في الجهة المقابلة يُحرم تلقائيا بضياع فرصة زواج أو تعطيلها. الجواب المؤلم, لن أقول من ضيق الحال لأن الكثيرون من الفقراء يتزوجون و هم أقرب من العدم لأن القصة ليست وحدها المال الذي هو جزئية من بقية المنظومة لكن القناعات و الثقافات الكاذبة التي جاءتنا عن طريق الإعلام الذي يحرض على البذخ اللامبرر كالمسلسلات الخليجية و كذلك الرذيلة كالمسلسلات التركية و المكسيكية المدبلجة التي يكثر فيها الحمل الزنا والحمل السفاح و الحب و الخيانة الزوجية الخالية من الغيرة على الشرف و كأن الأمر عاديا و من الحرية الشخصية للأفراد ليصبح أيضا عاديا في ثقافتنا من كثر ما تردد في بيوتنا ليشاركنا جلساتنا العائلية و كأنه ضيف عزيز يجب احترامه, و كذلك من البدائل الإلكترونية التي حولت العالم من قرية صغيرة إلى غرفة نوم ضيقة لتنقلنا من حياة الشراكة إلى خصوصيات الخصوصيات التي تغنينا عن الشراكة بين رجل و امرأة بزواج شرعي ما دام الوصول للغرض سهل و بلا ثمن مادي يكون الأمر فيه في غاية السرية إن صدقت الأطراف و بقي الشركاء على العهد و حفظوا الأمانة. و هنا نسأل أين حقوق المرأة التي حفظتها العادات و التقاليد و العرف و الدين الذي انتهت صلاحيته في عقول من حملوا الميكروفونات و وقفوا أمام الكاميرات في استوديوهات الفضائيات و أجهزة الرقابة على المصنفات و البرامج الفنية و البث الذي يضخ في عقول الأجيال على مدار الساعة الذي يعيُّش المرأة في عالم لا ينطبق مع الواقع و لا مع الإمكانيات المتاحة حسب الشريحة الاجتماعية و مستوى دخل الفرد مما جعل المرأة تعيش في مدينتها الفاضلة الوهمية التي بنتها طبقا لمواصفات وسائل الإعلام و إعلانات الشاشات عندما تتخيُّل كل واحدة منهن نفسها سندريلا تنتظر أميرها الذي لن يجيء لأنه أضاع عمره و هو يبحث لها عن حصان أبيض !!