الرئيسية

قراءة في قصيدة”ينام الورد” لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم الناقدة٠ عيادة جابر

شاعر الأمة محمد ثابت

قراءة في قصيدة”ينام الورد” لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم الناقدة٠ عيادة جابر

——–

هي قصيدة تنضح جمالا مبنى ومعنى أكسبها اياه البحر الذي كتبت فيه وهو الوافر الجميل بتفعيلته الرشيقة وايقاعه الخفيف اللطيف الذي يطرب له السمع وتنتشي لحفيفه الأحاسيس وتذوب على خطوه المشاعر أما الحروف فكانت أنيقة رقيقة شكلت حدائق ورد في ربيع حالم بديع تفوح أنسامه

 

عطرا ويسكن ليله الغرام والهوى فتنشأ ألفة بين النجوم والعاشقين وتنبعث لغة بوح تكسر حواجز الزمان والمكان والأشياء حتى أن النجوم صارت قادرة على التغلغل في أعماق العاشقين واستشفاف أسرار الغرام والمغرمين.

 

لكن أين الشاعر من كل هذا؟ أين الشاعر المحب الولهان الذي أضنى الهوى فؤاده من هذه السكينة وهذا التواصل الروحي مع المحبوب والذي يرتقي بالعاشق الى دنيا السلام والانسجام؟.

 

ان الشاعر في هذه القصيدة بدا خارج دائرة هذا الانسجام الكوني فهو يعيش الغربة والألم والمعاناة وقد تواترت المفردات الدالة على ذلك كالسقام والهم والحمام والفناء وذهاب السلام.

 

لذا انبنت القصيدة على الشكوى والتبرم والضيق بسبب القطيعة وانعدام التواصل بين المحب والحبيب.

 

لكن المربك في هذه القصيدة هو هوية المخاطب”أنت” والعلاقة بينه وبين المتكلم المتألم.

 

ان كان المتكلم “هي” فالمخاطب “أنت” قد يكون الحبيب فعلا الذي لا يأبه للحبيبة ولا لعواطفها الجياشة فيكون الاهمال وانعدام الوصال سبيلا للشقاء والمعاناة حتى الموت. أوليس “من الحب ما قتل” كما قال الشاعر والأديب العربي “الأصمعي”؟ ألم يكن الحب سبيلا للجنون أحيانا عندما يجافي الحبيب حبيبه وتتقطع بينهما سبل الوصال؟ ولنا في حكايات جنون العشق والعشاق أكثر من مثال.

 

وان كان المتكلم “هو” فان المخاطب”أنت” يستحيل في تقديرنا وطنا وتستحيل الغربة حقيقة لا مجازا وتتضخم المعاناة أكثر لتتجاوز معاناة العاشقين القادرين على بث شكواهم لأنجم الليل فيخفف عنهم ألم العشق والشوق.

 

أما عشق الأوطان فهو عشق أزلي لا يقاوم. “فهو البدء وهو الختام” “هو الجرح بل الحمام” كما يرى الشاعر.

 

فاذا سكننا هوى الأوطان واستبد بنا فاننا سنحمل همه أينما ذهبنا. فهو الذي من ثمار حدائقه كم يعطينا وبين جفونه كم يؤينا وفي محراب عشقه كم يحمينا ولكنه أيضا ينشد هوى متجاوزا غير عادي للفوز منه بالرضى والوصل.

 

وهكذا يتجاوز الغرام والعشق في هذه القصيدة هوية “الأنت” المحدود الضيق الى هوية “الأنت” الأوسع والأشمل والأرقى والأنقى.

 

وهذا ليس بغريب على شاعر الأمة محمد ثابت الذي يرتقي بشعره في لعبة الضمائر هذه عن كل ماهو ذاتي الى كل ما هو انساني ليساهم في بناء ذات انسانية متشبعة بالقيم ابنسانية النبيلة الخالدة.

عيادة جابر

 

——-

 

يَنَامُ الْوَرْدُ قصيدة لشاعر الأمة محمد ثابت

——-

يَنَامُ الْوَرْدُ فِي خَدَّيكَ دَهْرًا

 

ومِنْ عَينَيكَ تَنْطَلِقُ السِّهَامُ

 

وفِي مِحْرَابِ عِشْقِكَ كَمْ أُلَاقِي

 

وقَدْ أفْنَى ولَا يَفْنَى السِّقَامُ

 

كَأنْسَامِ الرَّبِيعِ تَفُوحُ عِطْرًا

 

وأنْتَ الْجُرْحُ بَلْ أنْتَ الْحِمَامُ

 

وقَعْتُ وفِي غَرَامِكَ ضَاعَ عُمْرِي

 

وعِشْتُ الْهَمَّ وانْفَلَتَ الزِّمَامُ

 

وكُنْتُ قُبَيلَ حُبِّكَ فِي سَلَامٍ

 

وحِينَ أتَيتَنِي ذَهَبَ السَّلَامُ

 

لِمَاذَا لَسْتُ أحْظَى مِنْكَ وصْلًا

 

ومِنْ شَفَتَيَّ يَنْطَلِقُ الْهُيَامُ

 

نُجُومُ الَّليلِ تَعْرِفُ عَاشِقِيهَا

 

وتَعْرِفُ مَا يَبُوحُ بِهِ الْغَرَامُ

 

وطُفْتُ عَلَى مَدَارَاتِ اللّيالِي

 

لِأعْرِفَ مَا يُوَارِيهِ الظَّلَامُ

 

وجَدْتُّ النَّاسَ مِنْ عَينَيكَ صَرْعَى

 

وأنْتَ الْبَدءُ بَلْ أنْتَ الْخِتَامُ

 

أُحِبُّكَ والْهَوَى يُضْنِي فُؤادِي

 

وأكْرَهُ مَا يَجِيءُ بِهِ الْخِصَامُ

—–

قصيدة لشاعر الأمة

محمد ثابت

مؤسس شعبة

شعر الفصحى باتحاد كتاب مصر

مؤسس نوادي الأدب بإقليم شمال الصعيد الثقافي

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق