مقالات

تنهيدة حرية..نون النسوة التي هزمت الحرب…للدكتورة رولا خالد غانم

بقلم الكاتب: بسام داود

رواية”تنهيدة حرية”إنجاز رائع وإضافة مهمة للمكتبة العربية، وهي رواية اجتماعية وواقعية عالجت الكثير من المشاكل الاجتماعية في المجتمع بلغة سهلة وأسلوب شيق .
-أشارت الكاتبة في الرواية إلى نكبة عام ، 1948 وكيف قام الاحتلال بتهجير سكان المدن والقرى الفلسطينية وكيف هاموا على وجوههم في أصقاع الأرض .
-خرج المهجرون ولم يحملوا معهم إلا مفاتيح بيوتهم والوثائق التي تثبت ملكيتهم لأرضهم على أمل العودة القريبة على اعتبار ان اللجوء مؤقت.
-أهل سلمى التي تدور الرواية حولها هاجروا إلى مدينة رفح في قطاع غزة .
– تزوجت سلمى بعمر 16 ثم انتقلت مع زوجها الى الأردن .انخدعت بهذا الزوج الذي تبين أنه ظالم وأناني، وقد ظهر على حقيقته واتضح أنه ليس ثريا كما ادعى .أنجبت منه بنتين وولد (بتول ,غادة ,خالد) وعاشت معه عيشة معاناة وقهر؛ مما اضطرها لخلعه وترك أولادها عند جدتهم من أبيهم وهروبها إلى جهة مجهولة .
-تشتت الأبناء وانتقلوا من بيت لبيت؛ مما أثر على شخصيتهم فلم يعيشوا طفولتهم الطبيعية .
-انتقلت بتول من بيت جدتها في عمان لتعيش عند خالتها ثم خالها في قطاع غزة لتجد نفسها غير مرحب بها لتنتقل اخيرا لبيت أحد الأقارب في طولكرم لتجدهم اسرة طيبة كريمة، فقد عاملوها مثل ابنتهم اسراء وأرسلوها للمدرسة لتواصل تعليمها .
-وما إن وصلت الثانوية العامة حتى تعرفت على شاب اسمه حمزة؛ لتتعلق بحبه كما هو تعلق بحبها وأثر هذا على دراستها مما جعلها ترسب في الامتحان وتترك المدرسة وكان هذا قرارا خاطئا.
-شاءت الأقدار أن يقع حمزة في حبها في نفس الوقت الذي انضم فيه مع شباب المقاومة للقيام بعمليات فدائية ضد الاحتلال . فاحتار بين حبها وحب الوطن لكنه غلّب حب الوطن والتزم ببرنامج المقاومة، فقام بعملية فدائية كما هو مخطط لها أدت لمقتل وجرح عدد من الجنود ليقع أسيرا ويحكم عليه بالسجن المؤبد .
-بتول تندب حظها بعد سجن حبيبها وتشعر بأن الدنيا أقفلت أبوابها في وجهها ليتقدم إليها شاب اسمه “هشام” وحيد أمه الأرملة فترفضه في البداية فهي لم تشعر بميول نحوه، لكنها ارتبطت به بعد نصح البعض لها وبعد أن أوهمها بكلامه المعسول بأنه سيوفر لها حياة سعيدة لتكتشف بعد الزواج أنه عكس ما وعدها به فشخصيته ممسوحة من قبل والدته المتحكمة به ولا قرار له، فشعرت أنها في ورطة كبيرة مع هذا الشاب عديم الشخصية الذي أصبح بلا عمل؛ بسبب كسله، تعايشت مع هذا الوضع الصعب ومرت السنين وانجبت منه أربع بنات لتزيد مشاكلها معه ومع والدته، ليعايرونها بأنها لا تنجب إلا البنات . وجدت بتول نفسها في وضع لا يطاق رغم محاولتها التعايش معه وكان زوجها يعنفها ويضربها ويعايرها بأنها لا تنجب سوى الإناث، لترفع عليه قضية نزاع وشقاق وتخلعه وتتخلص من معاناته.
-لم تستسلم بل سجلت في دورات لتتعلم موضوع التنمية البشرية لتتفوق به وتصبح مدربة وفتحت على أثره مركزا للتدريب ونجحت نجاحا باهرا أدرّ عليها دخلا حسّن من وضعها ووضع بناتها .
-تمر السنين وتتم صفقة شاليط الجندي الاحتلالي الأسير لدى المقاومة في غزة ليتم بموجبها تبادل الأسرى وإطلاق سراح سجناء فلسطينين منهم حمزة ويخرج حمزة من السجن ويعانق الحرية ويتمكن من التعرف على عنوان بتول ويزورها في المعهد لتتفاجأ به وتروي له قصة زواجها الفاشل وطلاقها من زوجها بعد أن أنجبت أربع بنات؛ ليتفهم ذلك بكل هدوء دون أن يلومها على ماضيها بل يرحب بتعثر زواجها ؛ لأنه من حسن حظه ولو كان زواجا ناجحا لما ألقى بها القدر مرة اخرى بين أحضانه؛ فتدهش من قراره، وتسأله كيف ستتزوج من مطلقة عندها أربع بنات فيخبرها بأن المطلقة إنسانة لديها مشاعر وأحاسيس لكن مجتمعنا ينظر إليها نظرة مغايرة وبأنه لن ينجر خلف مجتمع متخلف، يقول: أنت حبيبتي وإذا حضر الحب تلاشت الأعذار ، ويعاهدها أن يبقى معها بقية سنوات عمره .
-يصطدم حمزة بجدار العادات والتقاليد خاصة مع أمه، لكنه يستطيع بذكائه وحنكته التغلب على كل الصعوبات ليخطب بتول ويتزوجها وبعد سنة يرزقهم الله بمولود ذكر أسموه مجاهد .
-أما غادة وخالد فقد تنقلا من بيت جدتهم إلى بيت زوجة أبيهم ثم رجعا لبيت جدتهم وقد واجهوا الكثير من المعاناة والقسوة والظلم ولم تكمل غادة دراستها وتفرغت لخدمة جدتها .ومع مرور السنين تتغير شخصيتها وتتطور لتصبح تدافع عن وجهة نظرها وتجد عملا في أحد المتاجر لبيع الملابس وتحصل على دخل حسن من وضعها ووضع اخيها قامت بتسجيل أخيها في نادي رياضي لتطوير هوايته في لعب الكرة التي يعشقها ليصبح مع مرور الوقت لاعبا مشهورا وقد رشحه المدرب للسفر إلى إسبانيا؛للانضمام لفريق مشهور هناك وينجح نجاحا كبيرا.
-أثناء عمل غادة في المحل التجاري تعرف عليها شخص متزوج اسمه يوسف يعاني من قمع زوجته له وقد تزوجها رغم أنها تكبره عمرا وذلك طمعا بمالها وقد أعجب بغادة وعرض عليها الزواج بشرط أن يتم بسرية حتى لا تعلم به زوجته لكنها رفضته وتمكنت زوجته من معرفة الامر فطردته من البيت وكشفت حقيقته بأنه كان فقيرا معدما وهي التي بنته وجعلت منه رجلا وأخيرا يعود إليها ذليلا لا يرفض لها طلبا .خالد يتفوق في إسبانيا بعد ان أصبح لاعبا مشهورا وطلب من شقيقته غادة أن تحضر عنده ليستقرا هناك ويعيشا بسعادة .
-أخيرا تتمكن سلمى من الوصول لعنوان ابنتها بتول وتتصل بها طالبة منها المسامحة والمغفرة وتطلب منها ان تلتقيا بعد هذه السنين الطويلة، تتردد بتول بالإجابة، لكن حمزة صاحب الاخلاق العالية يشجعها للقاء والدتها ويطلب منها أن تسامحها وتغفر لها.
وافقت بتول على ذلك والتقت بوالدتها هي وبناتها وقد سردت قصتها على مسامعهم بعد طلاقها من زوجها، وأخبرتهم بأنها تزوجت رجلا ثريا وأنجبت منه طفلا أسمته عائد وأصبح شابا وهاجر عند أشقائه في أمريكا,اما أما زوجها فقبل وفاته اشترى لها فيلا في حي عبدون في عمان وكان لديها صندوقا فتحته وأخرجت منه وصيتها التي تنص على منح جميع ما تملك لابنتها بتول وبناتها ومنح جزء لغادة وخالد أما عائد فقد تنازل عن حصته؛ لأنه أخذ عوضا عن المال حنان أمه واحتضانها له سنين طويلة والتي حرم منها إخوته.
لقد جاء في هذه الرواية ما يلي :
-حق العودة من الثوابت لا يمكن التنازل عنه واللجوء مؤقت.
-حب الوطن والتضحية من أجله .
-إذا وقع الحب الصادق بطلت الأعذار.
-صراع الأجيال القديمة والحديثة حول العادات والتقاليد فالجيل القديم متمسك بالعادات والتقاليد بينما الجيل الجديد يريد التغيير.
-ضرورة التعليم للمراة؛ لأنه يحفظ مستقبلها.
-أسباب الطلاق كثيرة منها: الزواج المبكر وعدم التعارف الجيد أثناء الخطوبة؛ مما يؤدي الى الخداع، وضعف شخصية الزوج وعدم استقلاليته، وتسلط الام الجاهلة على ابنها، وعدم التوازن بين حقوق الأم وحقوق الزوجة من قبل الزوج .
-نظرة المجتمع السيئة تجاه المطلقة .
-ضعف الثقافة الجنسية لدى الزوج، مما يعكس سلبا على الحياة الزوجية.
-تفضيل الذكر على الأنثى .
-تعنيف المرأة التي تنجب البنات .
مبارك للدكتورة رولا هذه الرواية المميزة وإلى مزيد من الإنجازات.
بسام داود
12\9\2025

إغلاق