الانوثة بين اليوتوبيا
والدستوبيا
بانيلوب تنسج غدرا
إنّ المرأة على مدار الشّعر كائن شعريّ ،تربة صالحة للابداع تلهم الشاعر ما به يكون.
هي الشّطر الخصيب تزدان في الصورة وشاعرنا صيّاد صور بأبهى الحلل.
فيمتاح من الطبيعة عبقها والقها وتكون معاريج القصيدة عبرها الى عوالم أسنى..
وهنا تتقاطع النّصوص مع أخلية الرومنطقيين ورؤاهم وحركاتهم الآبقة من الواقع المجحف.
إذ يقول
تعالي نرسم الأحلام
فوق شفاهك الورد
وأغزل من ضيا عينيك
آمالا من السّعد.
عوالم اثيريّة تتعالق مع القداسة وتنتشل الذات من حياة آسنة ،وترتسم اليوتوبيا بكلّ فضائلها.
لكنّ اللّعنة تحلّ بسبب نزقها وتتوحشّ للصّورة ويغدو الحرف عيّيا امّا المبدع فشحّاذ يحرقه السؤال المعلّق بلا جواب
قائلا فهل اخلصت في بعدي؟
حتى بحور الشّعر تبدو عاجزة عن الاحاطة بها كيانا متقلّبا . وتبعا لذلك ترتسم صور وحشيّة وعالم الدستوبيا وشعريّة القسوة
وبقوانين العدول والانزياحات الشعريّة نشهد معركة حامية الوطيس ، تتراءى لنا حرب لم يذكرها تاريخ المعارك ،انّما هي ايّام من عمر مهدور وهنا يكون التوصيف والتسريد حركة ضديدة للتّشريد وكأنّ الكمال للحرف طقس والعالم نقص ، رياح وانواءوظلمات مابعدها أنوار ،اشلاء وقتيل ونار لا تعدم الفتيل.وفي الكون الشّعري إبادة للحرف ومحرقة للحبّ.واية ذلك قوله
دمي بكفيك كالشلال قاتلتي
وليس الجناس ترصيعا للصّورة وانّما هو وجه للمنتاقضات تضرب في غور وجود متناقض كالبرديّ والبرْد والبرد ،والوعد والرّعد كلّها سواسية بلاتلاوين بلا اختلافات في المعنى كما يفترض ذلك التّعريف البلاغي بما انّ الجناس اصطحاب الدّال دون المدلول.
ويقوى سلطان المفارقات بالطبّاق في وحدة تضادّ مدلولي كالبرد والحرّ.وكي تكون الإبانة واقعة ويتحوّل السّماع إلى عيان كماهو معلوم في عمود الشّعر القديم يكسو التّجسيم الصورة الشعرية فتطريز الحكاية بالمحسوس واضح اذ كان الهجر ريحا صرصرا والوصال سقيا و غدت الكآبة نهرا يجري و صار الحبّ شمسا ،فليست غاية الشّاعر عربدة في أهواء الحرف.
بل جعل منه تعبيرا عن الرغبة والرّهبة والطّرب والغضب .ولاشكّ ينصهر ذلك في سياق جمالي افليس الشعر والجمال صنوان مهما بلغت درجة قبح الموصوف؟
لقد كانت القصائد عند شاعرالامّة كتابة بالذات ،باللذة أو الجراحات،
هي سطور في ملحمة الكيان والفعل رغم خذلان الأنثى وسريان الوجع ودواعي العجز.
بقلم الناقدة التونسية
هدى كريد

