اصحو باكراً في آب اللهّاب مبلّلاً بِرطوبة الصيف وأسير إلى الكورنيش البحريّ والتقي بالصبية التي تداوم على المشي وكانت وحيدة ، سألتها :
– وين جوزف ؟
– ما عِرِفْت ؟؟؟ جوزف مات !!!
كان عم يمشي مبارح بالجبل وضيعوه وبعد تلات ساعة لاقوه تحت العريشة . .
مع تلك الكلمات المبهمة والسريعة في لعبة البراءة والقصد سقط ” جوزف الدويهي ” الصديق الصامت .
سقط وحيداً ولم يسمع أحد صمته الصادح وموته الأكيد .
لم أسأل يوماً من أين أتى جوزف ومن هو جوزف كنت أحبّه لذاته .
يطلع كل صباح في شكل إنسان ملاك يمسح الكورنيش ذهاباً وإياباً بأجنحة خفيفة . نسأله عن ” جِنان ”
– وينها
– بكرا جايي من السفر
آخ يا جوزف بما تستحق من شجن إختبأ الدمع تحت سطح الكلمات . طفا وطفح اليوم بغيابك .
وَعَدْتنا بمشية في محميّة اهدن وبكأس عرق على الميدان .
لقد أتاك الموت غدراً على طريق سلكناه على غير هدى مع الياس غانم الحبيب ذات صباح بعيد .
يا صديقنا الصامت الوفيّ اذهب بخفتك كالندى وكما تشاء . لا تنسى أكواز الرمّان على منحدرات جبال الشمال الحزينة .
ظلّك سيتبعنا فقد تسمّر على الشاطىء وتحجّر ثم نما وسما في عمشيت . ندور حوله باحثين عن سلام ضائع في فوهة ليالٍ لا يحصيها عدد .
لقد اتسعت المساحة اكثر فاكثر لصمتك ولجنون كلام موحش بغيابك .
اذكر عندما التقينا اول مرّة بضيعة ” شخنايا ” في مساء مباغت وكنت هادئاً من دون ضجيج . اليوم تبتعد عن مكان حفظت خطواته . تترك خيالك معنا لينام قليلاً ويُشفى من الأرق . كيف ستمشي هناك بخفة لا تناسب ساعات نومك . كأنك محمول على ريح بجناحين. تمشي بخفّة هناك إلى موعد لم تضربه مع أحد .
جوزف مهما نأيت ستدنو .
سلِّمْ على الياس
جنان :
اكتبي بنفسكِ تاريخ قلبك
اغمركِ
جّو ، جاد :
لا تنسيان جنتكما المعلقّة بين عبث الأرض وعبث السماء وما في الخيال من متسّع لتقليب الألوان على جهات القلب .
لكما كل الحب