مكتبة الأدب العربي و العالمي

بنات_الحطاب_والغزاله_الجريحه الجزء الرابع

زينة بائعة الفطائر (حلقة 4 )

في الصّباح ذهب الأب مع بناته لسوق المواشي، وإشترى قطيعا كبيرا من الغنم ،وبقرتين ،ودجاجا كثيرا وكلبا ،وبنى زريبة ،وأصلح الدّار، ورغم ذلك ما زال الذّهب ،فوضعته البنات في حفرة في الحديقة ،وغطّينه بحجر،لكن مفيدة كانت تراقبهن من بعيد، و عرفت أين يخفين الذّهب ،وفي الغد إنتظرت خروجهن مع أبيهنّ لرعي الغنم ثمّ ذهبت إلى الحديقة ،وسرقت الذّهب، وقالت في نفسها : ما أحضرته البنات جزء صغير،ولمّا لا يجدن الذّهب سيرجعن إلى الغابة، وأنا سأكون ورائهن !!! بعد أيّام قال الأب لبناته : ما رأيكنّ أن نفرش الدّار بزرابي جديدة ؟ قلن فكرة جيدة، وسنأتيك بالمال، ولمّا أزلن الحجرة الموضوعة على الحفرة لم يجدن بها صرّة الذّهب، فسألن بعضهنّ لكن كلّ واحدة أقسمت أنّها لا لم تأت إلى هنا ،وفي النهاية شكّوا في امرأة أبيهم ،فهي طمّاعة وتكرههم . فكّرت الكبرى قليلا ،ثمّ قالت: أنا متأكّدة أنّها فعلت ذلك لكي نرجع إلى الغابة ،وتعرف أين نخفي الكنز ،وربّما حاولت تدبير مكيدة لنا، لكنّنا سنتغدّى بها قبل أن تتعشّى بنا
لمّا رجعت البنات إلى الدّار ،قلن لأبيهنّ غدا سنأتيك بالمال ،فرحت المرأة وفي الغد خرج الرجل للرعي مبكرا ،أمّا البنات فلبسن ثيابهنّ، وخرجن، وقالت الكبرى سنذهب ناحية منزل الغولة ،ثم نختفي بسرعة، ونتركها هناك ،،فلن تقدر على الرّجوع !!!أمّا مفيدة فانتظرت قليلا ،ثم لحقتهم وفي يدها صفيحة من النّفط ،وقالت في نفسها :سآخذ الكنز، وأحرق الغابة ،وهذه المرّة لن ينجو منكم أحد ،أخذت البنات يمشين وسط الغابة حتى دخلن مكانا موحشا مليئا بالخرائب ،ثم إختفين فجأة داخل واحد منها ،فصاحت مفيدة في ذعر: أين ذهبن ؟ إني لا أراهنّ !!! أمّا الأخوات فتسلّلن في صمت، ثمّ هربن، وهنّ يضحكن ،فستخرج لها الغولة ،وتجري خلفها ،وقد تأكلها ،فيسترحن منها ،ثم رجعن إلى الدّار ،وقد إنتصف النهار،وفتّشن في أمتعتها ،فرأين أنّها جمعت ثيابها في صرّة ،وفي نيّتها الرّحيل،ولمّا فتحنها وجدن الذّهب، فأخذنه،ثمّ ألقين ثيابها في القمامة ..
ولمّا رجع أبوهن إستغرب من عدم وجود مفيدة ،فقالت له البنات: لقد أخذت إمرأتك صرّة ملابسها، ورحلت ،فهي لا تطيق وجودن ا!!!فصمت الأب ،ولم يحزن عليها ،فهو يعرف أنّها لا تحبه ،وتزوّجته فقط لينفق عليها هي وإبنها، أمّا مفيدة فبقيت تدور في ذلك المكان الموحش ،ولا ترى سوى الغربان ،وفجأة رأت شخصا يقترب منها، ولما شاهدته ،صاحت من الفرحة فقد كان إبنها الذي فقدته منذ شهرين ،لكنّه كان غريب الشكل ،ولمّا حضنته عضّها في رقبتها ،فلقد أصبح غولا يحبّ أكل اللحم ،وعرفت أنّها في أرض الأغوال ،وأنّ أولئك البنات كنّ أكثر ذكاء منها ،ونصبن لها فخّا لن تنجو منه .
مرّت الأيّام ،وكبرت الخرفان ،فقام الحطاب وبناته بجزّ صوفها، وجمعوا قدرا كبيرا فوضعها على ظهور الحمير ،ونزلوا للمدينة لبيعها لتجّار الصّوف ،وفي الطّريق رأوا دكّانا فيه امرأة تبيع الفطائر، فدخل الجميع، وأكلوا حتى شبعوا ،وأحبّت تلك المرأة البنات، ودللتهنّ ،وكان أبوهنّ يرمقها بطرف عينه ،فلقد كانت جميلة ،وذكّرته بزوجته ،وكيف كانت تعطف على أطفاله، والضّحكة لا تفارق وجهها . ثمّ وقفت البائعة فجأة، وقد بدا عليها الاستغراب، وقالت لهنّ:يا لها من مصادفة !!! لقد شاهدت بنتا تشبهكنّ كثيرا في الحيّ المجاور، وهي تسير دائما مع درويش، وتردّد شعرا حزينا :
دخلنا لكوخ الغولة
وخرجنا منه أحياء
وستأتي أخواتي وينتهي العناء
فكم ظلمت الدّنيا من أطفال أبرياء
صاحت البنات في وقت واحد :زينب !!! وتوسّل لها الحطاب لتدلّه على مكانها ،فمنذ أن إختفت إبنته الصّغيرة لم يحلو له أكل ولا شرب .،ولا غمض له جفن ..

يتبع الحلقة 5 والأخيرة

 

من قصص العالم الاخر ” واقعية “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق