الرئيسيةثقافه وفكر حر

عفوا … لا تفهمني غلط / عزت أبو الرب

وإن كنتُ لا أنكرُ عليك، ولا أتطفلُ على شؤونِك الخاصة. إنما وددتُ أن أسألَك -وانت قعيدُ البيت-عن تلك المساحۃِ الواسعۃِ مِنَ الوقتِ الفائضِ لديك، ماذا صنعتَ به؟ كيف تعاملت معه؟ هل أرّقَك الفراغُ؟ أم استسلمت وغدَوْت أسيرَ الضجرِ والملل، وتعطلت طاقۃُ العطاءِ والإبداعِ عندك. ألم يشغلْكَ التفكُّرُ كيف تديرُ الوقتَ، وتحققُ النفعَ لنفسِك، وممن حولك؟ أم خلِدتَ إلی اللهوِ والسَّهرِ والأكلِ والشربِ ومتابعۃِ الألعابِ والأفلامِ والمسلسلاتِ ولِعْبِ الورق،ِ حتی صِرتَ عبئاً علی نفسِك وغيْرِك؟
أما شعرتَ بالتخمةِ تلوَ الأخرى من ألوانِ المكسراتِ والسكاكرِ والحلوياتِ والمعجناتِ والمشروباتِ ولذائذِ الأطعمةِ .
أكان للكتابَ نصيبٌ من فائضِ وقتك؟
وأيُّ الكتبِ أخترتِ لتسدَ ثغرةً ما لديك؟ أبادرتَ إلى أوراقِك المبعثرة، وأرشيفِك المتناثرِ ونسقتهُ في ملفاتٍ منضدۃ؟ أتأملت أشياءك الخاصۃَ، المنسيَّ منها، والزائدَ والمركونَ، وجعلْتها عند من هم أحوجُ إليها منك؟ أجلستَ معَ أهلِك وأولادِك، وتبادلتم حديثَ الأطفالِ والشبابِ والكهول، و حِكَمَ ما عَبَرَ وغبر.
أجمعتَ أهلَكَ للصلاةِ جماعةً في فرصةٍ لا تكونُ في غير هذا الوقتِ الإستثنائي؟ هل تعهدتَ شُجَيْراتِ و ورودَ حديقةِ منزلِك؟
أذهبتَ إلى حقْلِكَ وشاهدتَ الخُضْرۃ والنُّضْرۃَ، وتسلقتَ التلالَ والجبالَ المُفَوّفۃَ بالألوانِ والأزهارِ وبواسقِ الأشجار؟ ألم تُغْرِ بك عناقيدُ اللوْزِ الأخضرِ يانعۃً طازجۃً يسيلُ لها اللعابُ؟
أيمرّ شهرٌ وشهرٌ من عُمرِك سدىً على مائدةِ اللاشيء. أكْلٌ وسَهرٌ ونوْم؟ أيعقلُ أن يمضيَ شهرُ الجمالِ والبهاءِ والعبيرِ دونَ أن تكونَ نافعاً لنفسِك فيه؟ أعجزتَ أنْ ترفعَ يديْك خالياً، تدعو الله وترجو أن يَدفعَ عنا هذا الداءَ والوباءَ والبلاء؟
أسألتَ نفسَك عما مضی وما يتقدمُ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق