الدين والشريعة

{ زُهدُ الحياة } أبو طارق الحوَّاس

قد يفشلُ الإنسانُ عندما يزدري الحياةَ تَرَفاً..
ويقنطُ من أوجاعها وآلامها وآمالها..
ويصيبهُ اليأسُ من كثرةِ مَصائبها وعظيم مُصابِها..
فيزهدَ فيها ويتقوقعُ على نفسه..
تاركاً لليأسِ مساحةً كبيرةً ونصيبَ الأسدِ من حياته..
لذلك.. قد ينظرُ إلى الآخرةِ كملجئٍ آخر..
وتعويضٍ لهُ عن الحياةِ الدنيا..
فَيَنصَّبُّ تفكيرهُ بالآخرةِ.. وينحسرُ فيها..!!
فيعملَ لما بعدَ الموت..!!
وهذا في حَدِّ ذاتهِ عملٌ جيد..
وأُولُ خطواتِ النجاح..!!
ولكن لا بد من الاخذِ بالاسباب..
وبذل الممكن من الجهد والعمل..
حتى تُعذَرَ في ذلك..!!
كما قال الله تعالى..!!
{ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}
لذا.. لا بُدَّ من المثابرةِ في الدنيا..
والعملِ على خلقِ فرصٍ جديدة..
لنهزمَ القنوطَ من حياتنا..
ونصنعَ من رحمِ الفشلِ النجاح..
فإذا لم تحاول أخي العزيز أن تفعلَ شيئاً أبعدَ ممّا تُتقِنُهُ..
فاعلم أنكَ لن تبرحَ مكانكَ ولن تتقدمَ أبداً..
واعلم كذلك.. أن ظلامَ الدنيا كُلَّهُ..
لا يستطيـعُ أن يطـفئَ نـورَ المعرفـة..
أو يحجبَ شعاعَ الهدى عن قممِ الجبال..
لــًذٰلـك نــرى دائــمـاً..
أنَّ الإنسان السامي..
يسعى لتحقيقِ ما يَكمُنُ في ذاته..
أما الدَّنِيءُ فيسعى لما لدى الآخرين..!!

واعلم اخي في الله..
أن الله لم يخلقنا ليتركنا ..
ولم يَقذِف بنا إلى الدنيا لنعاني بلا مُعين..!!
بل إنَّ كُلَّ ذرةٍ في الوجود..
تُشيرُ بإصبعها إلى رحمةِ الرحيم..
حتى الألمَ لم يَخلقهُ الله لنا عبثاً..
وإنما هو البوصلةُ التي تُشيرُ إلى مكان الداء..
لتلفتَ النظرَ إليه.. كي يتم علاجه..!!
سبحانك ربي ما ألطفك وما أحلمك وما أرحمك..

أخي الكريم.. لتحقيق آمالك..
عليك أن تحقق الأشياء التي تعتقد أنه ليس بإستطاعتك فعلها..
كي تثبت لنفسك..
أن لا يأس مع المثابرة والمصابرة..
حينها ستدرك أنك لم تخلق عبثاً..
وأنك قادرٌ على فعل المستحيل..
فتغدو الحياة في طاعة الله أكثر إشراقاً..
ويصبح الأمل في الغد أفضل واكبر..
والإنسان بطبعهِ يعشق حياة الأحرار..
فمن عاشَ الحرية أحب الحياة..
ومن ضُيِّقَ عليهِ.. زَهِدَ الحياةَ ورغبَ الموتَ..
مع أنَّ الموت لم يكن غاية الأحياء..
إلا أن يكونَ هوَ الطريقُ إلى الحياة..

أخي الفاضل..
هذا ما سَطَّرَهُ قلمي من بديعِ أفكاري..
واجتَزَئَهُ قلبي من صميمِ احساسي..
أقدمهُ بين يديك اخي في الله..
ناصحاً لنفسي.. قبل ان أنصحك..
فقد يتقبّل الكثيرون النصح..
لكن أكثر مَن يستفيدُ منهُ الحكماء..!!
فكن حكيم نفسك.. ومرشد قلبك..
وصدق الله العظيم إذ يقول..
{وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}

اللهم إجعلني وإياكم من الحكماء والعلماء..
اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق