مكتبة الأدب العربي و العالمي

سدير_الصياد -الجزء الثاني

أمسك سدير بالحجر وصوب نحو الفتاة بكل جدية فارتعدت فرائصها هلعا وصاحت لا أرجوك أنا آسفة لكنه رماها بالحجر فكانت المفاجأة فلقد أصاب سدير ثعبانا ساما كان قد زحف على كتفها يريد لدغها من عنقها
مكثت الفتاة تنظر للثعبان المطروح وقد عقدت المفاجأة لسانها ثم التفتت لسدير وقالت بغرور :كيف تجرؤ على إخافتي بهذا الشكل  قال لا تقولي إن هذا الثعبان صديق لك أيضا
لم تعلق هي بأكثر من أن قالت هيا لنواصل المسير أيها الهمجي
نظر إليها سدير مليا فبالرغم من عدم تأدبها في الحديث معه إلا أنه شعر أن هناك دافعا خفيا يجبرها على ما تصنع ويدفعها لأن تتعامل معه بفظاظة وكأنها تحاول متعمدة أن تبعده عن طريقها خشية أن يصيبه مكروه أو ما شابه
لأن فتاة بمثل جمالها وعذوبتها ورونقها لا يمكن أن تكون ذميمة الأخلاق كريهة النفس وقبيحة الفعال !
واصل الإثنان في المسير الى مفترق طريقين فأرادت الفتاة أن تأخذ الجانب الأيسر فمنعها سدير وأشار الى الطريق الأيمن لكنها أصرت على اختيارها وسحبت السلسلة بعنف لتجبره على الرضوخ لطلبها
فاستاء سدير وقال أنا أعرف هذه الغابة جيدا صدقيني ولو لمرة واحدة عندما أقول أن الجانب الأيسر خطير للغاية
لكنها تمردت عليه وجمدت في مكانها فما كان منه إلا أن اقترب منها ورفعها من خصرها وحملها على كتفه ثم سار بها نحو الجانب الأيمن
فثارت ثائرة الفتاة وأخذت تلوح بعنف بيديها ورجليها وتصرخ عليه إلى أن استسلمت في النهاية عندما وجدته مصر تماما على موقفه وبعد مسيرة قليلة قالت بغضب الظاهر هذا يكفي أنزلني الآن أيها الوقح عديم الأخلاق
لم يكترث سدير لها وواصل سيره فقالت له مجددا بنبرة أقل حدة أعدك أني سأسير معك ولن أعارضك هذه المرة هيا انزلني
قال أنا لا أعمل لديك
هنا قالت باستعطاف أرجوووك
آنذاك أنزلها سدير من على كتفه وسار بسرعة ولم يلتفت إليها أو ينطق بكلمة ساحبا إياها فأخذت تركض خلفه لتجاري سرعته في المشي حتى قالت له تمهل علي قليلا فأنا لست بقوتك أو سرعتك
قال دون ان يلتفت لكنكِ تملكين لسانا قادحا سريعا
قالت أرجوك سدير إلى متى أبقى أتوسل إليك في كل شيء
خفف هو من سرعته فسارت هي بجنبه كتفاً الى كتف .ة
هنا تأوهت الفتاة
فالتفت إليها سدير وقال ما خطبكِ الآن ؟
قالت لا عليك واصل طريقك
سار قليلا ثم استدار نحوها مجددا فشاهدها تحاول أن تخفي تقاطيع الألم التي شنجت وجهها فاقترب منها وقال هل أصبتي دعيني أرى
أجابت بسرعة أنا بخير فلتواصل السير
شاهد سدير أثر جرح في فخذها الأيمن يقطر دما منشأهُ غصن ناتئ فجلس على الأرض ليعاينه بينما هي واقفة فقالت أخبرتك أني بخير
قاطعها قائلا لا لست كذلك إذا لم يُعالج هذا الجرح فورا فستفقدين وعيك خلال نصف ساعة وسأضطر لحملك ثانية أهذا ما تريدينه ؟
سكتت الفتاة وراقبت ما سيفعله سدير
أمسك سدير لحسن التطواني ببدلة الفتاة من منطقة الفخذ وأراد أن يمزقها فتراجعت الفتاة وصاحت ماذا ستفعل
قال يجب تمزيق السروال لإظهار الجرح
قالت مستحيل هذه البدلة عبارة عن قطعة واحدة وهي مهمة جدا للسفر عبر الفضاء ولن اسمح لك بتمزيقها
قال إذن يجب أن تخلعيها
احمر وجه الفتاة وقالت بحياء أخلعها تقول
قال إما هذا وإما أن تضحي ببدلتك الغالية
قالت بصوت متردد حسنا حسنا سأنزع بدلتي لكن عدني ألا تنظر
قال باستغراب وكيف أعالج جرحا لا أنظر إليه
إسمعيني يا بنت الأكارم يبدو أنك فتاة طيبة وطاهرة النوايا رغم أنك تحاولين إظهار عكس ذلك ولست أفهم السبب لكني أحاول مساعدتك ما استطعت وأقسم لك أني لا أضمر لك شرا أبدا
هنا قالت الفتاة إذن استدر ولا تسترق النظر
كان الزي يحتوي على سحاب
إلتفت سدير فيما خلعت هي زيها وربطته على وسطها لتستر عورتها ثم استندت على إحدى الأشجار وأشارت لسدير أن يلتفت ويباشر عمله
تصرف سدير باحترافية فقصر نظره على الجرح وقام بعلاجه وربطه بما يحمله في جيوبه من مواد رغم أن الفتاة قد لاحظت عليه حمرة الخجل وهي تشع من تحت عينيه فابتسمت فشعر هو بابتسامتها فقال وهو منهمك بربط الجرح :وأخيرا إبتسامة !!
هنا ضحكت هي فقامت دون أن تشعر برفع إحدى كفيها وغطت بها ثغرها الضاحك فانكشف بعض من صدرها فأسرع سدير بتغطية عينيه وقال وكأنه ارتكب جرما آسف لقد نظرت سامحيني
فقالت هي باستياء بعد أن ارتدت زيها :لقد تعمدت أنت أن تفعل ذلك
قال لا أبدا لم أقصد ذلك مطلقا
قالت وهي ممتعضة منه أوه كيف تجرأت على ذلك سدير أنا لن أسامحك ولن أخاطبك بعد الآن
سارت وسار معها يكلمها فلا ترد عليه
وقف فوقفت هي ولم تنطق
مشى فمشت خلفه وهي مطرقة برأسها
استاء سدير فقال أنتي فتاة جاحدة عالجت جرحك وهكذا تجازينني
لكنها شمخت برأسها وتجاهلته إنها حتى لا تنظر إليه
لا تنظر على الإطلاق
لم يحتمل سدير صمت تلك الفتاة الغريبة فأخذ يحفها بنظراته ويتأمل جمالها ثم فكر باستدراجها للكلام فقال
لا بأس إن لم تنطقي لكني أرغب أن تعلمي بما يجول في خاطري أولا إن عينيك جميلتان جدا وأنا لم أر أجمل من تلك العينين من قبل في الحقيقة لم أر أجمل منك على الإطلاق يا فتاة
بقيت الفتاة تشمخ بتكبرها وزهوها
فاضاف سدير أما الأمر الثاني قالها سدير ثم توقف
فلاحظ أنه قد استرعى انتباه الفتاة
فقد التفتت إليه ألقت نظرة سريعة ثم أشاحت بوجهها
تقرب سدير إليها من الخلف أخذ يهمس في إذنها
أما الأمر الثاني أيتها الجميلة فأنا معجب بك كثيرا
إلتفتت إليه بسرعة وأرادت صفعه لكنه أمسك بكفها فقالت بانزعاج دع ذراعي
قال نعم هل تخاطبينني أيتها السيدة ؟
صاحت بلى أنت أيها الوقح ومن غيرك في هذه الغابة مغلول معي بنفس السلسلة
قال سأترك ذراعك لكن إن صفعتني فأنا الذي لن أكلمك ولن أنظر إليك أبداً بعد الآن ثم تركها
نظرت إليه بحدة ثم صفعته هنا شهقت هي بعمق ووضعت كفها على فامها كأنها استغربت بشدة تصرفها المفاجئ ذاك
إلتفتت سدير عنها وأشاح بوجهه
فأسرعت هي لتقف مقابل وجهه وتقول أسفة سدير والله ما قصدت
لكنه تجاهلها وسار بسرعة فركضت خلفه وقالت :سدير غصبا عني والله لم أكن بوعيي ويحا لي شُلت يميني يا إلهي ماذا فعلت ؟
استمر بتجاهلها وهي تخاطبه فلا يكلمها تستجدي نظراته فيبخل عليها الى أن أمسكت بذراعه وأوقفته وقالت وهي تبكي أنتم الرجال أنتم ظالمون للغاية لماذا لا تسامحون لماذا لا ترحمون ثم أخذت تضرب صدره بقبضتيها وقد دخلت في نوبة بكاء عنيفة
سدير دهش ورثى لحالها فأحاطها بذراعيه وضمها لصدره باستعطاف فانقادت إليه وأخذت تجهش بالبكاء بين أحضانه وهي تقول لم أر منكم معشر الرجال إلا الأذية والألم وأنت لا تختلف عنهم تجرحني وتبتعد
قال اسف إن جرحتك لكنك لا تساعديني لكي أفهمك فأنا لا أعرف عنك شيئا
ابتعدت عنه ومسحت دموعها وقالت أجل أنت لا تعرف شيئا عني ومن الأفضل أن يبقى الحال كما هو خيرا لك ولي
ثم استمرا بالسير وهو ينظر إليها وقد أشفق على حالها دون أن يفهم السب
حينها أخذت الغابة تزداد ظلاما رغم انتصاف النهار وشرعت تضج بأصوات المخلوقات المرعبة فتمسكت الفتاة بذراع سدير بتوتر وهي تدير بصرها في الأرجاء ثم قالت :
ظننتك قلت إن هذا الجانب آمن ؟
قال بل قلت أن الجانب الآخر خطير لكن لا تقلقي فهذا الجانب أقل خطورة بكثير
وبعد برهة تبدل الجو فتلبدت السماء بالغيوم ثم أخذت تمطر بغزارة فهرع الاثنان للإختباء فجلسا تحت كومة من الأحراش عريضة الأوراق ثم شرعت الصواعق تضرب المنطقة
الفتاة فزعت من صوت الرعد فصرخت والتجئت الى صدر سدير فالتصقت به بشدة
سدير تفاجئ ولم يدري ما يفعل سوى أنه طوقها بذراعيه ببطئ وأخذ يربت على ظهرها قائلا :لا تخافي هذا شيئ شائع جداً هنا أليس لديكم صواعق في المكان الذي جئتي منه ؟
بقيت الفتاة ملتصقة بسدير ترفض تركه وهي مغمضة العينين فلما اشتد وقع الصواعق قالت وهي تبكي برعب لا تتركني فأنا خائفة للغاية أرجوك ضمني إليك بقوة
زاد سدير من ضمه لها وأخذ يطمئنها بكلمات رقيقة حتى أحست هي معه بالأمان رغم استمرار قصف الرعود فزال خوفها وكف دمعها وتبدلت تقاطيع وجهها الى ابتسامة هادئة
بل أنها حتى ما عادت تسمع شيئا سوى صوته الهادئ فيما هي مستغرقة في أحضانه إلى أن غفت كالطفلة بين ذراعيه وهي تشعر باطمئنان عجيب
بقي هو مستيقظاً ينظر إليها وقد خامره شعور بالألفة نحوها لم يسبق لسدير أن شعر بمثل ذلك مع أي فتاة أخرى لذا قرر أن يساعدها مهما كان الثمن
بعد أكثر من ساعتين إستيقظت فتحت عيناها وكان أول ما عملته أنها نظرت إليه فشاهدته وقد أحنى رأسه للخلف أبعدت رأسها عن صدره وشرعت بترتيب شعرها ثم نهضت وقالت لقد توقف المطر هيا لنواصل السير
وما إن نهض هو حتى توقف لثواني متألما فقالت هي باستغراب ما بك لماذا لا تمشي ؟
قال صبرك علي إن ساقي خدرة
قالت خدرة ؟
قال نعم إنها مصابة بالخدر لانك أمضيتي الساعتين الأخيرتين نائمة بحيث لا أستطيع تحريكها دون أن أوقظك
هنا شعرت الفتاة بالإطراء فقالت أنا ممتنة لك فعلا يا سدير حقا أنا كذلك قال على الرحب يا سيدتي
قالت سدير أنا عطشة
قال أنتي محظوظة لأننا قريبون من ألذ مصدر ماء قد تتذوقيه يوما
أخذها سدير الى حافة مرتفع وعلى بعد متر من الحافة يتساقط الماء من جدول في الاعلى قالت لا استطيع بلوغ الماء سأسقط من الحافة
قال ضعي قدميك على الحافة الصخرية وأميلي بجسدك نحو الماء
قالت بذعر لكن ماذا لو سقطت
قال لا تخافي فأنا متمسك بك بهذه السلسلة إذا سقطتي فسأسقط أيضا لأني متورط معك لكني لن أدع ذلك يحدث ثقي بي
نظرت هي إلى عينيه الوديعتين وقالت :يحق لكل من تنظر إليها بتلك العينين أن تعهد إليك بحياتها
وقف سدير والفتاة الغريبة قرب تلك الشلال على الحافة يتساقط الماء من جدول في الاعلى ومالت الفتاة بجسدها الى الخلف كما ذكر لها سدير دون تردد حتى بلغت المياه ففتحت فامها وشربت حتى ارتوت وقالت الله ما أطيب هذه المياه وأنعشها
ثم قالت لي سدير لقد حان دورك الآن
قال أنا لا ينفع أن أقف على الحافة فوزني لا يساعد
قالت إذن انتظر قليلا
عادت هي وفتحت فمها تحت الماء المتساقط حتى امتلئ ثم أشارت لسدير أن يسحبها ففعل ..
فاقتربت منه بهدووء قالت له اغمض عينيك وافتح فمك وفعل ثم قامت برش الماء الى فمه
أخذ الإثنان يتطلعان سوية الى بعضهما البعض لعدد من الثواني دون كلام حتى قطع سدير الصمت بالقول :لقد جلبتي لي شيئا هذه المرة
قالت وهي كيف كان الماء ؟
قال ما ذقت أحلى منه ربما لأنه مُزج برضاك
إعتراها الحياء من وقع كلامه فاحمرت المنطقة تحت عينيها وقالت سدييير .. أوه لا لابد أنك تمزح سدير إياك أن تفكر بشيئ آخر أنا قصدت أن أروي ضمأك فقط
قال وأنا ما قلت شيئا الحقيقة فقط
ثم اضاف ياااااه كم أعشق عندما تنطقين اسمي بتلك الطريقة بتطويل الياء وكأنك تنزلقين من السماء نحو احضاني بلهفة
قالت مستمتعة سديييير يا سدير أنت تخجلني بكلامك هذا
قال تخجلين أنتي لا أظن
أحببتُ تلك العفوية يا ليتك تتصرفين دائما بعفوية وليس بتكلف
قالت ماذا تقصد ؟
قال تعرفين ما أقصد من الواضح جدا أنك كنت تتصنعين شخصية متمردة غير شخصيتك الحقيقية منذ لقائنا
قالت أنت محق لأني لم أرغب بأي ارتباط عاطفي فيما بيننا لكن يبدو إن لتلك السلسلة التي تربطنا رأي آخر ثم أطرقت قليلا
فقال لها لا بأس لا تحاولي أن تقفي في طريق قلبك دعي الأمور تجري بعفوية وسترين كم ستصبح تلك الأمور أسهل وأحلى يا سيدتي ..
قالت لا تنادني بذلك ثانية
قال أنسيتي أنك لم تخبريني باسمك حتى الآن
قالت لن يعجبك اسمي
قال حاولي
قالت حسنا ان اسمي هو جي أم 53 أعرف إنه إسم غريب جدا لديكم لكنهم هكذا يسموننا في موطني
انذهل هو فقال أنتي محقة لم يعجبني الأسم جي أم …!!!!
قالت إذن اختر أنت لي اسماً مناسبا
قال جي أم .. جي أم … وجدتها .. سأطلق عليك اسم أول شيئ خطر على بالي عندما رأيتك لأول مرة هو جميلة
احمر وجه الفتاة وقالت اسم بديع
قال :والآن لحسن التطواني أيتها الفتاة النيزكية الجميلة ألا أستحق أن أعرف القليل عنك عن عالمك الذي جئتي منه ولماذا رفضتي مغادرة حدود الغابة ؟
قالت لقد حاولت جاهدة أن لا أورطك معي في مشاكلي ولكن يبدو أنني كلما أبعدتك عني أزددت أنت قربا مني وهذه السلسلة ترفض أن تفرقنا عن بعض
قال لقد أصبحت أنا شريكا في تلك المشاكل منذ أن سقطتي في غابتي لذا لا عليك مني ودعيني أساعدك ثم مد إليها يده وقال جميلة إقبلي مساعدتي إقبليها
ترقرق الدمع في عينيها الخضراوتين الرائعتين فوثبت الى أحضانه مجدداً وهي تقول أوه سدييير هلا ساعدتني أرجووك سدير
استقبلها بين ذراعيه ثم قال لا تخافي بعد الآن يا جميلة لكن عليك أن تخبريني ما حكايتك ؟
رفعت رأسها الى السماء محدقةً الى الأفق ثم قالت
لقد جئت من مكان بعيد جدا هنالك في أغوار الفضاء السحيق وأشارت بأصبعها الى السماء ثم أضافت :وهناك قام الأعداء باحتلال موطني الجميل وسخرونا جميعاً للعمل كالعبيد في خدمتهم
أنا ولدت في زمن الإحتلال وبعد ولادتي أخذوني مباشرة من أهلي وفرقونا عن بعض وقاموا بإطلاق تلك التسميات الغريبة علينا بعد بلوغي عزلوني عن بقية الفتيات وصنفوني ضمن الفتيات الجميلات ونقلونا للعمل كجواري في قصورهم
وهناك صنفوني مرة أخرى من ضمن أجمل الفتيات لغرض تزويجي بأحد سادات المحتلين ويدعى رودي من أجل أن أنجب لهم أمراء وسيمين
لكني وقبل أن يتم الزواج استطعت الهرب بواسطة تلك المركبة الكروية التي رأيتها والتي تشبه النيزك بعد أن سرقتها منهم انقذفت بها الى جوف الفضاء
وبقيت هائمة في خبايا المجهول عدة أسابيع الى أن قررت إتخاذ مسار الأرض فأنا أذكر أنه قد سبق لجدي ان اكتشف مسار كوكبكم وهرب اليه برفقة حيوانه المدلل الناطق بارق وكان وقتها ذئبا صغيرا
وهكذا وعلى خطى جدي وصلت الى هنا الى نفس المكان الذي هبط فيه جدي قبل عدة أعوام وكان في استقبالي بارق كما شهدت بنفسك
وقد اخبرني ان جدي توفي اختناقا بعد ان ترك الغابة مرغما لأننا نعتمد في تنفسنا على الطاقة المنبعثة من الآلة الطائرة والتي تتيح لنا التنفس ضمن حدود الغابة فقط
قال سدير وماذا عن تحذير بارق لكِ بأنهم قادمون ؟
قالت العدو المحتل لاحقني وهم في أثري الآن وقد يصلون في أي لحظة إما لقتلي أو لإعادتي الى الأسر ثانية
لذا تراني أحاول إبعادك عن طريقي حتى أجنبك التورط معي
أمسك سدير السلسلة التي تربطهما معا وقال قدرنا أن نكون سوية وإذا جاء المحتلون فإن مصيرنا أنتي وأنا واحد
أمسك سدير السلسلة التي تربطهما معا وقال
قدرنا أن نكون سوية وإذا جاء المحتلون فإن مصيرنا أنتي وأنا واحد
قالت بتأثر آسفة إن عاملتك بخشونة لم أرد لك هذا المصير لا أطيق نفسي عندما يتأذى أحدٌ بسببي
قالت ذلك وهي تمسك بيديه وتضمهما
تأثر نظر الى شعرها الأحمر الناري فإلى جمال عينيها
ثم قال نار شعرها أم نورُ
تأثرت هي بشدة ثم قالت لم أعلم أنك رقيق المشاعر الى هذه الدرجة
قال إذن ففي النهاية لست بهمجي وقح عديم الأخلاق
قالت بخجل سدييير أرجووك أخبرتك أني اصطنعت تلك الأمور كي أجنبك أذى أعظم منها
قال بلى أعرف وأنا ممتن لك والآن هيا
قالت الى أين ؟
قال :لقد اقتربنا من كوخي الثاني إنه صغير في الحقيقة إنه أشبه بمخزن أضع فيه بعض العدد وستساعدنا على قطع السلسلة
وصل الإثنان الى غرفة خشبية محشورة بين جذور شجرة عملاقة استخرج سدير منها وتدا حديديا ومطرقة وأخذ يطرق به السلسلة حتى انقطعت وانفصمت حلقاتها
ثم رفع نظره الى جميلة فشاهدها تذرف الدموع فقال
هل آذيتك ؟
قالت كلا ولكني حزنت على افتراقنا فقد حملت هذه السلسلة لي الكثير من الذكريات الجميلة معك إنها هي من جمعتنا معا
قال لكني أشعر أن الرابط الذي يجمعني بك أقوى من كل السلاسل ولن تحطمه أعتى الظروف
نظرت اليه ثم قالت بعد تردد سدير أعتقد أني أحبك
ظل هو صامتاً فقالت قل شيئا لماذا لا تنطق
قال أعتقد أني أحبك أيضا
إبتسمت ثم ضحكت ثم غطت وجهها براحة يديها من الخجل
فضحك هو لضحكتها وقال ما الأمر
قالت بحيوية :أشعر بنشوة عارمة سدير أهي نشوة الحب ؟
أمسك سدير يدها وقال لم تري شيئاً بعد تعالي
قالت :الى أين
قال سترين أخذها سدير لحسن التطواني سيراً لمسافة قصيرة داخل تخوم الغابة فلما اقتربا قال لها الآن أغلقي عينيك ؟؟
قالت ماذا ؟
قال ثقي بي يا جميلة
نظرت إليه بكل ثقة وقالت سدييير بالطبع سأثق بك
ثم أغلقت عيناها
فسار بها قليلاً حتى اخترقا جداراً من الأوراق الكثيفة ثم قال الآن انظري
فتحت هي عينيها بلهفة فراعها حقاً ما رأت الى درجة أن فاضت عينيها بالدموع فلقد كانت تقف على صخرة تطل على أجمل منظر طبيعي يمكن للمرء أن يحظى برؤيته يوما
شلالات هادرة تحف بها الصخور الخضراء العالية والتي تزينها الأشجار ذوات الأوراق البنية و الوردية والحمراء
إضافة الى منظر الورود التي حفلت بها شواطئ النهر تداعبها الفراشات الملونة والبساط العشبي شديد الخضرة الذي ترعى فيه قطيع من الغزلان المرقطة ..
كل ذلك جعل جميلة تسقط على ركبتيها مبهورة
فقال لها سدير لا أظن أن أحداً رأى هذا المكان من قبل وأنا آتي إلى هنا في كل مرة أخرج للصيد وهذا المكان هو السبب الذي جعلني أعشق الغابة وأرفض تركها
ثم التفت إليها وقال أردت أن أشاركك إياه فقد كان أجمل شيء شاهدته
إلتفتت هي إليه وقالت كان تقول
قال نعم كان بالنسبة لي أجمل شيئ إلى أن وقعت عيناي عليك ثم أمسك بيدها وحسر بيده الأخرى شعرها الأحمر الناري عن عينيها وقال جميلة أنتي أروع ما شاهدته في حياتي كلها وهذا المنظر لا يقارن بجمالك أردتك أن تعرفي هذا لأنها الحقيقة
أثرت كلماته في صميمها فكان لوقعها على قلبها كوقع السحر تطافر دمعها فقفزت الى أحضانه مرة أخرى وعانقته بشغف ..
فانطلقو يجرو ورا بعض يمازحها وتمازحه تعلوهما أصوات الضحك الممزوجة برنين الفرح والمسرّة
أمضى الحبيبان ساعات من المتعة في تلك الواحة الغنّاء
فلما حل المساء أحس سدير بعيون تراقبهما من بين الأحراش الكثيفة
أحس سدير بعيون تراقبهما من بين الأحراش الكثيفة فطلب من جميلة أن تتراجع لكنها قالت لا بأس يا سدير إنه ليس سوى بارق
هنا قفز ذلك الذئب الضخم من بين الأحراش وانظم إليهما
عانقت جميلة ذئبها المدلل وتحدثت معه بلغة كوكبها الأم فأطرقت قليلا بوجوم ثم تبدلت ملامحها وبانت عليها إمارات الفرحة فالتفتت الى سدير وقالت أخبار سعيدة يا سدير
فقد أخبرني بارق بأن المحتلين لم يظهروا حتى الآن وهذا يعني أنهم لم يكتشفوا مسار هروبي نحو الأرض ولو فعلوا ذلك لكانوا هنا منذ ساعات
قال سدير هل يعني ذلك أنك أصبحتي بمأمن هنا من الآن فصاعدا
هزت رأسها بالإيجاب وقالت بلى لكن في حدود الغابة فقط
قال إذن سأبقى معك في الغابة ولن أتركها أبدا حالي من حالكي
شعرت هي بالغبطة والسرور فقالت أنا محظوظة للغاية لأني سقطت هنا لتعثر أنت علي يا حبيبي من دون كل الناس
قال اسمعي لدي في الكوخ قميص سيبدو واسعا عليكي لكن بإمكانكي ارتداؤه لهذه الليلة بدلا من تلك الملابس الضيقة جدا وغير المريحة والتي تكشف تقاطيع جسدك بأدق التفاصيل عذرا لصراحتي
قالت تقصد أني لن ارتدي سوى ذلك القميص ؟
قال حسنا قلت لك أن القميص واسع وهو سيغطي جسدك ويسترك كما تعلمين حك رأسه وهو يقول ذلك بشيئ من الحياء
فابتسمت هي وقالت حسنا سأرتديه فقط لأنك طلبت مني ذلك
دخلت جميلة الكوخ واستبدلت ملابسها بذلك القميص
ثم خرجت وقالت أنت محق أشعر وكأني قد تحررت تواً من سجن آخر
نظر هو لساقيها العاريتين فأشاح بوجهه حياءا
فضحكت هي وقالت لماذا تشيح بوجهك عني ألست أنت من طلب مني ذلك ؟
قال كنتُ مخطئا عودي للزي السابق فهو أستر
قالت لكنه غير مريح في جو الغابة الحار الرطب هذا خذه فلم أعد أريده ..
رمت عليه بزيها الفضائي وجلست على الأرض
فتلقفه وقال لحسن التطواني حسنا فقط لهذه الليلة سأذهب الآن لأعلقه لئلا تمزقه الحيوانات الليلية الزاحفة ونهض
ثم قالت إلي أين ؟
قال :سأقوم بتعليق الزي وأعود حالا
قالت سأنتظرك على أحر من الجمر
إبتسم لها وانصرف أخذ سدير الزي وقد أغرته رائحته العطرة فشمه مستمتعا ثم أحس بوجود شيئ بداخله في منطقة الحزام فاستخرجه فإذا هي ورقة صغيرة مطوية دفع الفضول سديراً الى أن يفتحها ففوجئ بها مكتوبة بلغة لا يفهمها
وهنا سمع صوت جميلة تخاطبه من الخلف ماذا تفعل ؟
اتجهت جميلة نحوه فشاهدته يمسك بالورقة التي وجدها فاختطفتها من بين يديه وقالت ودموعها تنحدر على خديها
كيف أمكنك أن تفعل ذلك بي لماذا ؟
استغرب هو تصرفها بشدة فقال آسف إن كانت هذه الورقة تعني لك شيئا ولكني لم أفهم اللغة المكتوبة فيها أقسم لك
قالت ودموعها ما تزال تجري بحرقة لا يهم إن كنت فهمتها ام لا المهم أنك رأيتها لن أغفر لك أبدا هذه المرة ثم تركته وركضت نحو الكوخ المخزن وأغلقت الباب على نفسه
ركض هو خلفها يستسمحها لكنها رفضت الإصغاء إليه
جلس وظهره الى الباب وقال باستياء :لا يمكنك أن تفعلي هذا بي يا جميلتي 😔😔إنه خطأ غير مقصود مني وأنتي تعرفين ذلك جيدا فلماذا تعاقبينني بشدة هذا غير عادل بالمرة
لكنه لم يسمع سوى صوت بكائها ثم قالت له أرجوك أتركني وكف عن مخاطبتي ..
قال حسنا حسنا سأدعك لكني سأستلقي قرب الباب لحراستك هذه الليلة
بعد دقائق جاء الذئب بارق وتكلم مع سدير بلغة يفهمها قائلا :
ماذا حدث ؟
أجابه سدير بما جرى مستغربا في الوقت نفسه من ردة فعلها غير المنطقية
فابتسم بارق ثم تمدد على الأرض جنب سدير وقال :لا تقلق لقد فعلت هي ذلك لأنها تحبك وتخاف عليك بشدة
إزداد استغراب سدير وقال لا أعرف كيف تجري الأمور في كوكبكم ولكني هنا لا أفهم تصرفاتكم بتاتا
قال بارق من اي كوكب انت وألم تفهم بعد أن دموعها الغزيرة تلك هي لأجلك
سدير :تقصد أنني السبب في بكاؤها ؟
بارق :لا أيها الأرضي الأحمق إنها تبكي عليك لأنها تخشى أن تفقدك
سدير :لكنها قالت إنها لن تغفر لي أبدا
بارق: بالطبع لن تغفر لك بعد أن تسببت أنت بما يعرض حياتك للخطر ويبعدك عنها وهي التي تعشقك كثيرا
سدير :أرجوك تحملني قليلا أيها الذئب الحكيم واخبرني ما الذي فعلته أنا بالضبط ؟؟
قال بارق حتى انك جرحتني بسهمك في اول لقاء بك لاكنك قمت بتضميد الجرح جيدا وشفيت سوف اخبرك الحقيقة التي لم تخبرك بها جميلة

من قصص حكايا العالم الاخر _

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق