اقلام حرة

نيتشة : ” الدولة ؟ ما هذا ؟ أصغوا جيّدا … سأحدّثكم عن موت الشعوب ” ( هكذا تكلم زرادشت) تعريف الدولة (أ.د.حنا عيسى)

“ليست الدولة ملكا من الممتلكات , وانما هي مجتمع لا يمكن لأحد التحكم فيه او استعماله لاي غرض من الأغراض , فهي وحدها التي تتحكم في نفسها و تستعمل نفسها كما تشاء”(كانط)
” يقول مثل شهير ان نصف الفلسفة يبعد عن الله و أن الفلسفة الحقّة تقود اليه , و يمكن قول الشئ نفسه عن الدولة “( هيجل)
” الشعب الحر يمتثل و لا يخدم أحدا , له قادة و ليس له أسياد , يمتثل للقوانين و لا يمتثل الّا للقوانين . و لا يمتثل للقادة الا بقوّة القوانين “(جون جاك روسو)
إن كلمة “دولة” مشتقة أصلاً في اللغة العربية من فعل (دالَ) بمعنى تغيّر الزمان وانقلب، ومن هذا قولهم “دالت دولتهم” بمعنى ذهبت وأتى مكانها دولة أُخرى، وفي هذا جاء قول الشاعر أبي البقاء:
هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ من سرهُ زمنٌ ساءته أزمان
وقول شاعر آخر “لكل زمان دولة ورجال”، وفي هذا تأكيد على عنصر التغيير في الدولة.
وقد بُدىء باستخدام الكلمة العربية في هذا المعنى منذ بدء تقهقر الدولة العباسية وانقسامها إلى دويلات، واما الكلمة اللاتينية، وما يقابلها باللغات الأُوروبية التي تفرعت عنها، فيقال إن أول من استخدمها في هذا المعنى هو “ميكافيلي” في كتابه المعروف (الأمير) عام 1515م حيث يقول: “إن كل أشكال الحكم التي لها أو كان لها سلطة على البشر هي دولة سواء كانت على شكل جمهوريات أو إمارات”.
وإذا حاولنا إعطاء تعريف علمي دقيق لمفهوم الدولة فإننا سنجد ذلك أمراً صعباً، لأن الدولة مفهوم قانوني سياسي قبل كل شيء، لذا لابد من أن يتأثر التعريف بعقيدة صاحبه السياسية، وهذا ما ينقص من قيمة التعريف ودقته.
وهكذا فالتعريف الليبرالي للدولة مثلاً يختلف عن التعريف الماركسي لها، حيث أن الأول يركز على توافر أركانها بينما الثاني على عنصر”الإقسار” الذي يمارسه الحاكمون تجاه المحكومين في كل دولة.
وحتى في التعريفات الليبرالية نفسها فإننا نجد اختلافات جزئية، حيث تركز التعريفات الجرمانية على عنصر”السيادة” في الدولة، وتركز التعريفات الفرانكو- لاتينية على عنصر”الإرادة المشتركة” فيها، بينما تركز التعريفات الأنجلو- ساكسونية على شرعية تمثيل السلطة السياسية الحاكمة للمحكومين.
وبعد كل ما تقدم أعلاه، يمكن تعريف الدولة بأنها “جماعة من البشر يعيشون بشكل مستقر فوق أرض مشتركة ومحددة خاصة بهم، ويخضعون في ذلك لهيئة سياسية منبثقة عنهم”.
ومن استقراء هذا التعريف يتبيّن لنا أنه هناك ثلاثة عناصر ينبغي أن تتوفر في الدولة وهي:
1. عنصر ديموغرافي يتمثل في “جماعة من البشر” يطلق عليهم اسم (السكان).
2. عنصر جغرافي يتمثل في “أرض مشتركة” يطلق عليها اسم (الإقليم).
3. عنصر قانوني – سياسي يتمثل بوجود “هيئة سياسية مستقلة” أي سلطة ذات سيادة.
ويضيف بعض الفقهاء إلى هذه العناصر الثلاثة عنصراً قانونياً هو “الإعتراف” الذي يمكّن الدولة من الدخول في علاقات مع الدول الأخرى، ولكننا لن نبحث ركن الإعتراف ضمن الأركان اللازمة لنشوء الدولة لأن الفقه القانوني المعاصر يرى أن الإعتراف ذو طبيعة مظهرة الدولة، أي أنه تكتمل عناصر نشوء الدولة بصرف النظر عمّا إذا اعترفت بها بقية الدول ام لا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق