الرئيسيةمقالات

جنرالٌ إسرائيليٌّ: “صفقة القرن” حولّت الكيان لقوّةٍ إقليميّةٍ وأغرقت الدول العربيّة بمشاكلها الداخليّة وأديبٌ “تقدميٌّ”: أوباما كان الوجه الحقيقيّ للمسيحانيّة الصهيونيّة وترامب وضع أسس العزل العنصريّ

ما زال النقاش في كيان الاحتلال مُستعِّرًا حول “صفقة القرن”، حيث يرى كبار المُحلِّلين والخبراء ومراكز الأبحاث أنّ خطّة السلام الأمريكيّة لن تخرج إلى حيّز التنفيذ بالمرّة، على الرغم من أنّ اليمين الإسرائيليّ بقيادة نتنياهو هو الذي قام بصياغتها، ولكن بالمُقابل بدأت تُسمَع أيضًا الأصوات التي يُمكِن تسميتها بالتقدّميّة، والتي نعَتْ ما يُطلَق عليه اليسار الصهيونيّ بالدولة العبريّة، بسبب موقفه المخزي من الصفقة، كما قال الكاتِب يتسحاق لاؤر في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس)، لافِتًا إلى أنّ الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، سيذهب عاجلاً أمْ آجلاً، وسيترك لإسرائيل تنفيذ سياسة الترحيل (الترانسفير) والعزل العنصريّ (أبارتهايد). وتابع لاؤر أنّ الرئيس الأمريكيّ السابق، باراك أوباما، كان الوجه الحقيقيّ للمسيحانيّة الصهيونيّة، وعليه سمح للكيان بتعذيب الفلسطينيين والتنكيل فيهم وسرقة أراضيهم، واستخدام الإرهاب ضدّهم من قبل الجيش، مُشدّدًا على أنّ لسان حال الكيان كان يؤكّد للفلسطينيين: أنتُم أنذال ووضيعين، وأقّل شأنًا منّا، وبالتالي يجِب طردكم من هنا والتخلّص منكم، لأنّكم غير ضروريين، كما قال الأديب لاؤر.

من ناحيته، رأى الوزير الإسرائيليّ ورئيس جهاز الأمن العّام (الشباك) سابقًا، عامي أيالون، رأى أنّ خطّة السلام الأمريكيّة، التي باتت تُسّمى إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، هي ليست خطأً تكتيكيًا إضافيًا، بل خطأً إستراتيجيًا سيجلِب حمامات من الدماء والمآسي على الفلسطينيين والإسرائيليين، وسيؤدّي لإشعال المنطقة برّمتها، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ البدء بنقاش القضايا الاقتصاديّة قبل الخوض في المسائل الجوهريّة هو خطيئة لا تُغتفر لمَنْ قام بإعداد الخطّة، ولمَنْ يُحاوِل تسويقها، على حدّ تعبيره.

على صلةٍ بما سلف، قال جنرالٌ إسرائيليٌّ إنّ “صفقة القرن” أشبه ما تكون بحلمٍ يُوشِك على الاختناق، لأنّها تتحدّث عن تفكيك سلاح حماس، ونزع قطاع غزّة من سلاحه، وربط الضفّة الغربيّة والقطاع عبر نفقٍ أرضيّ. وأضاف عاموس غلبواع، الخبير الأمنيّ الإسرائيليّ، في مقاله بصحيفة (معاريف)، أنّ هذه الصفقة تُعلِن أنّ إسرائيل أصبحت قوّةً إقليميّةً، والدول العربيّة غارقة في مشاكلها الداخليّة، والولايات المتحدة باتت ذات تأثير غير مسبوق، لكن ذلك لا يلغي أنّ أمام إسرائيل خطرين ماثلين: الأول عدم قدرة ساستها الإسرائيليين على التعامل مع التحديات الماثلة أمام الدولة، والثاني عدم انتخاب ترامب لولاية رئاسية ثانية، حسب رأيه.

وساق قائلاً إنّ هناك جملة ملاحظات لا بُدّ من الإشارة إليها في هذه الصفقة، أولّها أنّنا أمام خطةٍ أمنيّةٍ سياسيّةٍ لعلّها الأفضل من وجهة نظر إسرائيل التي تعرض عليها في الملف الفلسطيني، وإسرائيل يجب أنْ تقبل بها، وبكلّ تفاصيلها، بما في ذك البنود التي لا تبدو مريحةً لها، طبقًا لأقواله.

ولفت إلى أنّ “صفقة القرن” تضع حدًّا للتطلّعات الفلسطينيّة لإقامة دولتهم على حدود67 وعاصمتها القدس الشرقيّة، وإخلاء المستوطنات، ومنح إسرائيل حق ترسيم حدودها، واعتراف أمريكيّ بالاحتياجات الأمنيّة لإسرائيل، والقدس الموحدة، وشرعية المستوطنات، وتخرج من النقاش السياسي مصطلح “الاحتلال”، وبذلك فإنّ (صفقة القرن) تحظى بإجماع معظم الطبقة السياسيّة الإسرائيليّة، باستثناء الحمقى من أقصى اليمين وأقصى اليسار، على حدّ قوله.

وأوضح: الملاحظة الثانية أنّ “صفقة القرن” تُعيد الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة إلى نقطة الصفر، فلا عودة لحدود 67، ولا عودة للاجئين، ولا استئناف للهدايا التي تلقوها من ايهود باراك وايهود اولمرت خلال المفاوضات معهم في حقبتي ياسر عرفات ومحمود عباس، ومنها السيطرة الكاملة على ما يقارب 95 بالمائة من الضفّة الغربيّة، وإخلاء المستوطنات، والقدس مقسمة، والعودة لموضوع اللاجئين، والسيطرة على الحرم القدسيّ، كما قال الخبير الأمنيّ غلبواع.

كما أكّد أنّ الصفقة تتكلم عن إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ فقط بعد أربع سنوات، لكن عاصمتها في القدس الشرقيّة، بمعنى في بعض أحيائها مثل أبو ديس وقلنديا، لكن الفلسطينيين قبل أنْ يحصلوا على هذه الامتيازات عليهم الالتزام بسلسلة تعهدات، وعلى رأسها الاعتراف بالدولة اليهوديّة، أمّا الملاحظة الثالثة، فقال الكاتب إنّها تتعلّق بقطاع غزة وحماس، فالصفقة تتحدث عن نزع سلاح الحركة، وربط غزة بالضفة عبر نفقٍ أرضيّ، لكن ذلك حلم فارغ لن يتحقق، لأنّه يثير سؤالاً عمَّن سيُفكك سلاح حماس، هذا وحده يقدم بشائر سيئةٍ للصفقة، واختتم أنّ مَنْ يستطيع إثارة أيّ توترٍ أمنيٍّ ميدانيٍّ هي فقط حماس في غزة، فهل سيُقرّبنا من لحظة الحسم لمُستقبل حماس في القطاع، مُشدّدًا على ضرورة الشروع في ضمّ غور الأردن، الآن وفورًا، كما قال.

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق