الدين والشريعة

حكم صيام 6من شهر شوال؟

مع بدء صيام أيام الست من شوال، تساءل الكثير عن الحكم الشرعي في صيام أيام الست من شوال قبيل قضاء رمضان ؟.

جمهور العلماء اختلف بين الجواز الرفض معتمدين على عدد من الأدلة وهي كالتالي :-

من أجاب بالإيجاز بَنَى جوابه على دليل قائم على الاحتمال، وليس القطع كما اعتقد، فهم يستدلون بحديث عائشة – رضي الله عنها – الموجود في صحيح البخاري: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنْ النَّبِيِّ، أَوْ بِالنَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

يقولون: ليس من المعقول على أم المؤمنين ألا تصوم الست من شوال، وعاشوراء، وعرفة، وقد قضت رمضان في شعبان؛ فهذا يقتضي صومها التطوع قبل القضاء.

أما من أجاب بعدم الجواز فاستدل بالآتي:

1- إن الله تعالى قال: ((من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب، و ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءلته))؛ ويستنبطون من الحديث أن التقرب لله يكون أولًا بالفرائض ثم النوافل، وقاسوا ذلك على القضاء والتطوع.

2- عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ))؛ أخرجه مسلم؛ فهم يستدلون بقول الرسول: (صام رمضان وأتبعه)، وهذا الشرط غير متحقق في من عليه القضاء، فهو لم يصم رمضان كاملًا؛ فيتوجَّب عليه إتمام صيام رمضان ثم التطوع.

3- دليل عقلي: بأن مثلًا – من عليه دين، وأراد أن يتصدق، فهل له أن يتصدق أم يسد ما عليه من دين؟ فالأولى طبعًا – سد الدين؛ وكذلك القضاء، فهو دين علينا لله – بدون تشبيه – وصوم التطوع صدقة؛ فعلينا بالصوم ثم القضاء، أفيدوني، وبارك الله فيكم.

وقال النووي: “ومذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير السلف والخلف، أن قضاء رمضان في حق من أفطر بعذر، كحيض وسفر يجب على التراخي، ولا يشترط المبادرة به أول الإمكان”..

وهذا الجواب ليس مبنيًّا على الاحتمال – كما يظن السائل – لأنه لما ثبت عندنا بالنص أن قضاء رمضان يجوز تأخيره إلى شعبان الذي يليه، أصبح القضاء من الواجب الموسع، بشرط ألا يتَعَمَّد التأخير لبَعْدِ ذلك، ولما كان صيام الست من شوال وقتها أضيق من هذا، قُدِّم البدء بصيام شوال؛ لهذا، وليس لشيء آخر، وأيضًا؛ فإن هذه المسألة ليست مبنية على الخلاف في صحة صوم التطوع قبل قضاء رمضان، وإن كان الراجحُ جوازَ التطوع وصحته، ما لم يضق الوقت عن القضاء، والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق