مقالات
كتب الإعلامي ماهر حشاش -المتحف المصري الكبير… حيث يتجلّى الجمال في صمت التاريخ
كوبنهاجن – ماهر حشاش

على مقربةٍ من الأهرامات، حيث يلتقي الأفق بالحلم، ينهض المتحف المصري الكبير كتحفة فنية تليق بعظمة المكان وروح الحضارة التي أنجبت الجمال منذ آلاف السنين.
إنه أكثر من متحف؛ إنه قصيدة معمارية مكتوبة بالحجر والضوء، تعيد تشكيل علاقة الإنسان المصري بجمال التاريخ .
من الوهلة الأولى، يشعر الزائر أنه أمام عمل فني نابض بالحياة، لا أمام مبنى ثقافي تقليدي. فالمساحات الواسعة، والانسيابية الهادئة في التكوين، تمنح العين متعة الاكتشاف والهدوء في آنٍ واحد. كل زاوية فيه مصمَّمة لتستحضر هيبة الماضي وأناقة الحاضر، كأنّ الزمن هنا يتصالح مع نفسه.
يحتضن المتحف جمالياتٍ لا تُقاس بالكمّ ولا بالمقتنيات، بل بالفكرة البصرية التي تسكنه. الضوء يتسلل في رقة عبر الفراغات، يعانق الحجارة القديمة كمن يوقظ ذاكرة الأرض، فيخلق مشهدًا فنيًا متبدّلًا يتغير مع كل لحظة نهار.
أما في المساء، فيتحول المكان إلى قصيدة من نورٍ وعمقٍ ودهشة؛ تتراءى ظلال الأهرامات خلفه، كأنها تشهد على ولادة جديدة للجمال المصري.
هنا لا يفصل الفن عن التاريخ، ولا الماضي عن الحاضر، بل يمتزج كل شيء في إيقاع بصري متناغم يلامس الروح قبل العين.
ختامًا، لا يكتفي المتحف المصري الكبير بعرض تراث الفن المصري، بل يصبح مصدر إلهام للفنانين المعاصرين؛ فالمساحات المفتوحة، ولعب الضوء والظل، والتناغم بين الحجر والطبيعة، تحفّز الإبداع وتدعو إلى إعادة قراءة الجمال والتاريخ بطريقة حديثة، تجعل كل زيارة تجربة فنية متجددة لكل عاشق للفن.


