مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الجان المسحور والأميرة بدور #الجان_المسحور_والأميرة_بدور إلاجزاء الثاني والثالث والرابع

لما طلع الصباح سار الحطاب للقصر ،واستأذن في الدخول على السلطان، ولمّا مثل في حضرته،قال له :يا مولاي أريد خطبة إبنتك الصّغيرة لولدي غول الغابة !!! لمّا سمع السّلطان هذا الكلام لم يتمالك نفسه من الغضب، وإعتقد أنّ الرّجل يستهزأ به ،ثم أمر السّياف بقطع راسه، لكن الوزير أشار له أن ينتظر، وقال له: يا ملك الزّمان طوّل بالك ،فهذا الولد هو من غلب حرّاسنا في السّوق، ولا بدّ أن نرّبيه !!! ثم همس في أذنه شيئا ،فأجابه السّلطان: والله قلت الصواب يا وزير،.ثم إلتفت إلى للحطاب، وقال له إسمع :أريد من ولدك أن ينّفذ لي تلات شروط ،إن قدر عليها ،فابنتي بدور حلال عليه ،وهذا وعد مني، لكن أعلمك انّه لو عجز عن شرط واحد، سيجي كلّ يوم لينظّف الإسطبلات ،ويجمع روث الخيل من الصّباح للمساء، ولو رفض لرميته في سحن لا يدخله النّور ، لأنّه تجرّأ ،ونظر لإبنتي هل فهمت؟ بلع الحطاب ريقه بصعوبة ،وحرّك رأسه بالموافقة .
قال الوزير: الشّرط الأوّل:هو أن يأتي ولدك للسّلطان بعنقود عنب تأكل منه الحاشية والعساكر، ولا يخلص !!! إندهش الحطاب ،وأراد يتكلّم ،لكن الكلمات إنحبست في حلقه ،و رجع لبيته، وقلبه يكاد ينخلع من كثرة الخوف.، وقال لإبنه: ويحك ،لقد ورّطت نفسك مع السّلطان، وان لم تنفذ شروطه سيجعلك تعمل مثل العبيد في إسطبلاته االنّتنة، لا أكل ولا مال ، لكن الولد سأله قل لي: ماذا يريد السلطان أن أفعله ؟ أجابه الحطاب :عنقود عنب يأكل منّو كلّ القصر، وما ينتهي ،هذا الشّيئ ليس موجودا ،ولا أحد يمكن أن يأتي به قال الولد :لا يهمك ،سأذهب للغابة هذه الليلة ،وأبيت هناك ،وآتيك عند الفجرومعي ما طلبته.ظنّ الحطاّب أنّ غول الغابة يريد الهرب ،وقال في نفسه: يا ليتني لم أمش للسلطان ،وبقيت في حالي فما أنا إلا رجل فقير ،وظلّ طول الليل يتقلب في فراشه يفكّر في حلّ،ولم يقدر أن ينام، وفي الفجر لما بدأت الديكة في الصياح سمع الباب يفتح ،ودخل الولد وحطّ أمامه صينيّة فيها عنقود عنب حبّاته سوداء عجب ،وقال للحطاب :إنهض يا أبي ، واقصد الله للسلطان.
أخذ الحطاب الصّينية، وهو غير مصدّق لما يراه ،وسار للقصر يقدّم خطوة ، ويأخر أخرى وهو خائف حتى وصل للقصر، فأذن له السّلطان بالدّخول وكان الوزير بجانبه ،ولمّا رأى العنب إنحنى على سيّده ،وهمس له :لا شكّ أنّ الحطاب يستهزأ بنا !!! أجاب السّلطان : سنرى ذلك ،وويحه لو كان يكذب !!! ،فأخذ حبة وتذوقها فأعجبه طعمها، فأكل من العنب حتى شبع ،وكلّما أكل حبّة طلعت مكانها واحدة أخرى، وتعجب لمّا رأى العنقود كاملا لم ينقص منه شيئ ،أحسّ بالحرج الشديد، وقال: لن يغلبني ابن هذا الحطاب ،فمدّ الصينية للوزير الذي أكل حتى امتلأت معدته ،والعنب مازال موجودا، وقال: آه لم أعد أقدر يا مولاي على الأكل ،، تجنّن السّلطان ،وقال للوزير : هذا تدبيرك أيها الأحمق ،هيا تصرّف و أفرغ الصّينية، فنادى الوزير الحاشية، وبعد ذلك الحرس ،والجواري والطباخين ،وكلّ من في القصر أكل حتى الدّجاج والأرانب .وفي الأخير، إعترف الوزير بأنّ العنب لا يمكن أكله ،وقال للحطاب: حسنا ،لقد نفّذ ولدك الشّرط الأوّل ،وهو سهل ،الشّرط التاني سيكون أصعب: السّلطان يريد منك جوزة في وسطها زربيّة تفرش أروقة القصر ،ويزيد، رجع الحطاب يجرّ رجليه، وهو حيران ،ولمّا رأى ولده ،قال له :إسمع يا بنيّ، هذه المرّة ،سنجمع حاجياتنا ،ونرحل من هذه الأرض ، ،هذا الحلّ الوحيد ،ولا مفرّ من الهرب، فهزّ الولد راسه يمينا وشمالا ،وقصد الغابة دون أن ينطق بكلمة .
تساءل الحطاب بحيرة : ماذا سيفعل ذلك الشّقي هناك، فهذه المشكلة ليس لها حلّ ،إلا إذا إجتمع الجان ،وجاءونا بخاتم سليمان .

يتبع الحلقة 3

حكاية #الجان_المسحور_والأميرة_بدور
الجزء الثالث

الليلة العجيبة (حلقة 3 )

في الصّباح رجع الولد يحمل صينية عليها جوزة ، ،فأخذها أبوه ،ولما وصل للقصر، وأعطاها للسلطان الذي كسرها لنصفين، و قال له: أين الزربية يا رجل ؟ إبتسم الوزير وقال :هذ المرة خسر غول الغابة ،وغدا يأتي للعمل كالعبد لكن الحطاب سحب خيط صوف من الجوزة ،وبقي الخيط يخرج ،ويلتفّ على بعضه، حتّى تحوّل لبساط أحمر رائع الجمال غطى قاعة العرش ،وبعد ذلك أخذ يدور في القصر، وكلّ مكان يدخله يصير الخيط بساطا ،ويصير حتى أكمل كلّ القصر، وطلع على الشّارع ، والخيط لا يتوقّف على الطلوع من الجوزة المسحورة فطار عقل الملك ،ونادى الوزير، وقال له : يبدو أنك لم تعد تنفع لشيئ ،عليك أن تعطيه شرطا مستحيلا ، وهذا في مصلحتك ،وإلا قطعت رأسك، هل فهمت !!! إبنتي عمرها ما تتزوّج صعلوك ، مهما يكون حاله .أحسّ الوزير بالحيرة ثم فكر قليلا، وقال للحطاب: الشّرط التالت ،السّلطان يريد أن تبني لبدور قصر أكبر من قصره وليس له مثيل بالبلاد من هنا للصّبح!!! رجع الحطاب إلى الولد، وحكى له عن طلب السلطان، وقالو :يا ولدي نم اليوم ،وغدا إذهب للقصر ،ونظّف إسطبلات الملك !!! فهزّ الولد راسه، وفي الليل ذهب بجانب قصر السّلطان، وصنع واحدا صغيرا من الحجر والخشب، وصبّ عليه دلو ماء أتى به من الغابة، وفجأة بدأ القصر يكبر ،وأوّل ما طلع الصّباح، صار أعلى من كلّ أبنية المدينة ،وفيه عشرة أبواب مزخرفة بالذّهب والفضة ،لمّا رأى الوزير ذلك ،أمسك رقبته ،وقال وهو يرتجف : ويحي، اليوم يقتلني السّياف ،والله من أوّل يوم عرفت أنّ ذلك الولد أقوى منّا .
لكن السلطان لمّا رأى القصر ،قال: أنا وعدت الحطاب ،وبنتي حلال عليه ، فصاح اعلى لبنى ،وقال لها: لقد خطبك إبن الحطاب ،وأنا موافق ،في الغد جاء غول الغابة، ولما نظرت البنية إليه لم يعجبها شكله ، كان شعره طويلا جعله في ظفيرة ،ورجلاه كبيرتين . صارت البنت تبكي وتنوح على حظها ،قال لها أبوها :أنا وعدته، ولست أنوي التّراجع ،لكن إقبلي بالزواج وسآتي لأطلقك منه بعد سبعة أيام ،فمسحت دموعها ،وقالت لا أدري كيف سأنتظر كل هذه الأيام في المساء جاء شيخ وكتب قرانهما وأركبها الولد على عربة وأذها لغرفته ،لم دخلت لم تر سوى حصيرة قديمة ، وملاءة من الكتان الخشن ،فجلست في ركن دون طعام ولا شراب حتى نامت، وفي نصف الليل نهضت البنت على صوت جميل يناديها،فوجدت نفسها نائمة على فراش من ريش النّعام، وعليها غطاء من الحرير ،وبجانبها فتى وسيم متل القمر ما متله بالعالم .
استغربت ،من هذا المكان، إفتكرت نفسها تحلم، حرّكت يد الفتى ،وهي تصيح : أين أنا ؟ و من أنت ؟ ففأشار لها الفتى أن تهدأ وقال: هذا سر بيني وبينك، لا تحكيه لأحد أنا شعلان إبن ملك الجان، مسحور ،بالنّهار أكون غولا، وبالليل أرجع لحالي، وإذا قلت هذا السرّ لأحد ،فلن ترين وجهي بعد اليوم.،سكتت الأميره ،وفرحت من هذا الخبر ،وكتمت السر ،أما السلطان فبعد سبعة أيام ذهب لدار الحطاب وعزم على إتهام ذلك الولد بالسحر،وتطليق الأميرة منه،ولما وصل إستغرب لمّا رأى إبنته فرحانة ،وهي جالسة تطبخ طعامها على الحطب ،ولما رأت أباها جرت إليه ،ودعته أن يأكل معهم ،وأثناء الططعام شكرت إبن الحطاب وقالت لأبيها أن الكل هنا يحبها وهم لطفاء جدا ولم تر منهم إلا خيرا ،قال السلطان هل متأكدة أنك تريدين البقاء يا إبنتي ؟ ردّت عليه نعم يا أبي ،ولم أكن أتصّور أنّ الحياة في هذا الكوخ الخشبي جميلة لهذا الحدّ …

يتبع الحلقة ٤

#الجان_المسحور_والأميرة_بدور
الجزء الرابع

حمّام الرّخام (حلقة 4 )

مضت الأشهر، وسرّ الأميرة في قلبها، وأحد الأيام مصار فيه غزو ،وطلع الرّجال والفرسان للحرب، ومثل أزواج أخوات الأميرة، بدور، قام غول الغابة ،ولبس بدلة فرسان كموني، وتلثم، وحمل آلة حرب ،وقال لها: لا تخبري أحدا، بأمري ، وقامت معركة حامية ،وراح يحارب مع الفرسان، ،في المساء كانت النّسوان تجتمع للإفتخار بأزواجهنّ، أما الأميرة ،يا حرام، فهي تسمع ،ولا تقدر أن تقول شيئا ،فعايرتها صاحباتها بزوجها ،ويقلن لها: رجالنا طلعت على الحرب، وأنت تزوّجت غولا يقعد في البيت ، هكذا أحسن لك !!! فتلوّحت لهنّ برأسها، وأنشدت:
يا ناس لا تلوموني
زوجي أبو بدلة كمّوني
جماله ما خلق
أحبّه قلبي الرّقيق
وعشقته عيوني
آه، لو عرفتموه يا نسوان
ما ضحكتنّ عليّ
وبغول البرّ عايرتموني
صار الولد يقاتل بشجاعة ،ويضرب يمينا وشمالا، والسلطان يتفرج عليه، من بعيد ويتعجّب من أفعاله ،وتواصلت المعركة حتى هرب العدوّ ،ولمح أنّ يد الفارس جرحت، فقام ،وأعطاه منديله حتى يضمد به جرحه ،وبعد انتهاء الحرب،رجعت الفرسان إلى بيوتها، وبقي السلطان يحكي على الفارس أبو البدلة الكموني ، وقوّته، وقال لابنته: ليته كان زوجك يا لبنى بدل ذلك الغول !!! لكن البنت من شدة فرحتها نست وصية غول الغابة ، وصاحت :أبشر يا أبي، ذلك الفارس هو زوجي ،و قد كان من أمراء الجان !!! الذي كانوا في خدمة سيدنا سليمان، لكن أصابه سحرجعله على هذا الشكل الذي ترونه به .فرح السّلطان كتيرا، وذهب مع إبنته وحاشيته على دار الحطاب حتى يرون الأمير،لكن لمّا وصلوا وجدوا غرفته فارغة ،ففتّشوا عنه في كلّ مكان، وذهبوا للغابة ،وسألوا عنه الصّيادين ،لكن لم يعرفوا له خبرا، ولا أين اختفى .لم يمض زمن طويل حتى مرضت بنت السّلطان على زوجها، ولزمت الفراش حتى كادت تموت كمدا . أحد الأيام سمعت عجوز ساحرة بقصّتها، وأتت لها، وقالت لها: يا أميرة الزّمان إذا أردت خبرا عن غول الغابة ،فافتحي لي لي حمّاما على مفترق طرق دمشق، واتركي الباقي عليّ. وافقت الأميره على مطلبها،وتفاءلت بالخير، وبنت هذا الحمّام بأسرع وقت وزينته بالمرمر والرخام ،وسلمته للعجوز، واشترطت السّاحرة على كل أحد يريد أن يستحم يحكي لها حكايه غريبه عوضا عن الفلوس .
وصار كل واحد يحكي حكاية ،ويستحم ويمشي..حتى أتت امرأة فقيرة في أحد الأيام ،ومعها ثلاث بنات ، وتريد أن تدخلهن للحمام ،لكن عمرها ما سمعت حكاية ،ولا تعرف تحكي، و لم تسمح لها العجوز أن تدخل . وكانت الدّنيا مساء ،فراحت هي وبناتها على الغابة، وطلعت على شجره عالية ونامت معهنّ بانتظار طلوع الصباح.، بالليل صحيت المرأة على صوت وخربشة، ولما نظرت تحتها لمحت ولدا متل القمر طالع من سرداب، ووقف قرب الشّجرة ،وقال: يا أرض انفرشي ، ويا مقاعد اصطفّي.!!! ففرشت الأرض بالزّرابي ،واصطفّت المقاعد، وجلس على كرسي، وأخرج ثلاثة تفّاحات من جيببه، ورمى واحدة، وقال: هذه لليمامة ،ورمى الثانية وقال: هذه للحمامة. ورمى التالتة ،وقال: وهاي للبنت اللي ما حفظت الأمانه ،والله ما تدرين شوقي إليك،لماذا لم تستمعي إلى كلامي ؟ و صار يبكي من قلب مجروح، ودموعه تنزل حارّة على وجهه، حتى قارب يطلع الضبح، بعد ذلك اختفى كل شيء ،ورجع الولد من المكان الذي طلع منه !!!
فرحت المراة ،ووطلبت من بناتها أن يفقن ،وقالت لهنّ :لقد صارت لنا حكاية ، قوموا على الحمّام .لما وصلت قصت ما شاهدته قدّام العجوز، ففرحت بما سمعته وقالت في نفسها :دون شك فهذا أمير الجان ،ثم ،جرت للأميرة ،وروت لها الخبر ،شهقت البنت، وصاحت : هو زوجي ،وأنا السبب في هروبه لأنّي لم أحفظ لساني . ثمّ شكرت العجوز !!! وقالت لها: الحمّام وكلّ ما فيه صار إلك، الله يبارك لك فيه، ،أمّا أنا سأنتظر في الغابة قرب ذلك السّرداب …

يتبع الحلقة 5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق