الدين والشريعة

الحلقة رقم (23) العمل من المنهج الإسلامي

وحيد راغب

العمل هو منبع الحياة , وهو إثبات للذات الإنسانية وتحقيق ما تحتاجه من الإنفاق على النفس وإزاحة العجز , والإنفاق على من هم مسؤولين منك الزوجة والأولاد ومن تكون عائلا لهم , وهو الذي ينهض بالأمم تقدما ورفاهية , وهو مهد الحضارات والمدنية , فالأمة التى لا تمتلك قوتها هى أمم تابعة وخاضعة , وقال الشعراوي أمة لا تملك قمحها فلا تملك رأيها
وقد حضنا الله عز وجل على العمل سواء كان عملا للإعالة وسواء كان عملا للعبادة
ولا نركن للعبادة بدون عمل , فيجب إعطاء حق الله له بالعبادة وإعطاء حق الإعالة بعمل الرزق والإنتشار فى الأرض , وقد ربط الله بينهما فى آية واحدة من سورة الجمعة ” فاذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ” الجمعة 10
“.. فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور ” الملك 15
والحديث ” قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : لأن يغدوا أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق منه ويستغنى به عن الناس خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أومنعه” البخاري ومسلم
الحديث ” خيركم من لم يترك آخرته لدنياه , ولا دنياه لآخرته ولم يكن كالا على الناس ” والحديث يعنى ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليك “القصص 17
وقال ابن عباس الفقر مجمع العيوب .وقال عمر الفاروق : ما من موضع يأتينى فيه الموت أحب الى من موطن أتسوق فيه لأهلى أبيع وأشتري
قال لقمان : يا بني استعن بالكسب الحلال عن الفقر , , فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال : رقة فى دينه , وضعف فى عقله وذهاب فى مروءته ”
يقول الناس لى فى الكسب عار فقلت العار فى ذل السؤال
ولكن على الدول التى تريد إزاحة الفقر عن شعبها أن توفر العمل اللازم للشباب والمناسب للمواهب والإمكانيات فلا يتخرج شاب من كلية العلوم كلية المدنية والمصانع وأوفر له عمل إداري مثلا , ويجب عل كل دولة يكون خريجيها مناسب لفرص العمل الحقيقية فى الواقع وما يلزم الواقع , فالبطالة معناها المرض النفسي والحاجة والعنف والإرهاب وانحراف الذات المنطلقة لاثبات نفسها
فالعمل شموخ الشخصية التى تستطيع الكسب وتحقيق الذات , ألم تر ما حالة شاب تخطى الثلاثين عاما ووالده ما زال يعطيه مصروفا لبطالته رغم عنه
وقال النبي صلي الله عليه وسلم عندما رأي أخوين أحدهما متفرغ للعبادة والآآخر محترف ,أن المحترف خير من العابد بلا عمل , وفى حديث آخر ليكتمل المعنى قال للمحترف لعلك ترزق به ليعلمه أن أخيه ربما لم يجد عملا أو به عجز ما
ألم تر جماعات النمل لا تكد لتوفر حاجة الشتاء فى الصيف , وكذلك النحل والعمل فى جماعات منظمة وكذلك الطير تهاجر الى حيث القوت ومناخ التزاوج هى والأسماك
وقال الفاروق عمر : السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ليقول للناس العمل العمل
وما تأخر المسلمون اليوم إلا للتفريط فى العمل والكد , فأصبحوا زيل الأمم , ويفرض عليهم ما لايرضون لتوفير القوت
فجزء من التفريط فى العمل راجع للشباب الكسول , وجزء راجع للدولة لعدم توفير فرص العمل , بل تجعل جامعاتها غير مناسبة لسوق العمل إما لضعف مناهج الدراسة وإما لبعد النخصصات عن سوق العمل الواقعي وإما للدراسوة النظرية دون الدراسة العملية التى تعتمد على المعمل والموهبة ” وقل اعملوا فسيرى عملكم الله ورسوله ”
فالعمل هو النيشان الذى يوجد على كتف الشاب كما توجد رتب الجيش
والعمل وضاءة فى الوجه وتوازن نفسي لأنه يبعد عن الكبت والهموم
والعمل يبعدنا عن الإنحرافات الناتجة عن الفراغ وعن الإضطرابات النفسية التى يستغلها ألأعداء الوطن من الداخل والخارج
والعمل يوفر للدولة نفقات العلاجات التى تنتج عن الأمراض وعن العنف ومحاربته
وفى المثل الصينى : اعطنى شبكة ولا تعطنى سمكة
وقلت لخال لى وأنا شاب قال لى خذ مالا واتصرف , قلت له : لا بل وفر لى فرصة عمل
وفى حالة التآخي بين الأنصار والمهاجرين اب ن الربيه تآخى وعبد الرحمن بن عوف فقال اب الربيع لعبد الرحمن إثارا علة نفسه أتنازل لك عن دارا لى وأطلق إحدى زوجاتى وتتزوجها , لكن عبد الرحمن يعرف قيمة العمل طبعا بع أن شكر أخيه لإيثاره , عرفنى طريق السوق , فتاجر عبد الرحمن وكان بعد ذلك أغنى أغنياء المدينة , والحديث الذى كان فيه أنه تبرع بقافلة كاملة للمسلمين بعدم ساومه أهل المدينة فى تجارته الدينار بست وسبع , فقال أن الله يعطيه الدينار بعشر وأضعافها فتبرع بها للمسلمين
ولكن ما يحدث بين دول المسلمين هو شيء غير إسلامي , فلو كانت هذه الدول فهمت الإسلام لتكاملت بينها وعملت سوقا للعمالة وللمنتجات المشتركة والصناعات المشتركة , بمعنى من عندها كثرة عمالة تستغلها دولة مسلمة عندها العمالة قليلة , ومن عندها منتجات صناعية أو مما تنتجها الأرض من نفط ومعادن لو كانت السوق العربية الاسلامية المشتركة ما احتاج العرب والمسلمون لتحكم الدول الكبري الصناعية بصادراتها لنا , فمثلا تأخذ البترول الخام بقليل الدولارات ثم تصنعه عندها وتصدره لنا بباهظ الدولارات
وللأسف نضع أموالنا فى بنوك الغرب والدول الكبري , بدلا من أن نضعها فى مشاريك مشتركة بيننا توفر المال وفرص العمل , والمستفاد الدول الغربية المستغلة لنا
وعند اللزوم تتحفظ على هذه الأموال وتجمدها وتضيع علينا
منهج الإسلام واضح وصريح وليس أمامنا سواه لنكون في ركب الأمم المتقدمة إقتصاديا ونزيد عنهم أخلاقيا , نتكامل ونتعاون ونوفر فرص عمل من عندياتنا ولا نساعد هجرة المواهب والكفاءات على الهروب للخارج عندما يجدوا من يهتم بموهبتهم ويقدرها .
فكل الدراسات والواقع يقول أن تقدم الدول الغربية وغيرها ناتج من مواهبنا التى احتضنوها وقيموها فوجدت ضالتها من هو أحمد زويل ومن هو مجدى يعقوب ومن هو فاروق الباز ومن هو مشرفة والأسماء لا تنتهى حتى عرفت أن من يقيم أكبر مشاريع الكباري وغيرها فى فرنسا هو مصري ولكن غاب عنى اسمه الآن
والله عزوجل دائما يقول لنا لا محاسبة الا بعد كسب وسعر .فكيف يكون غير المسلمين كل همهم العمل ونحن رغم أن منهجنا الإسلامى السعي والعمل نفرط فى ذلك
أليست الهند والصين بضخامة عدد سكانها هى دول تقدمت نتيجة العمل وتوفير فرص العملا وتمجيد العمل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق