مكتبة الأدب العربي و العالمي

القبيله_المتوحشه الجزء الثاني

وبعد ان انهكه التعب , غفى قليلاً .. الى ان ايقظه رجلان يشيران بيدهما ان يرافقهما .. فذهب معهم مُرغماً .. وقد وضعوه في خلفية شاحنة صغيرة قديمة , وأقفلوا عليه بابها ..
وقد تجمّع افراد القبيلة حول السيارة يودّعونه بابتسامة , وكأنهم يشكروه على أخذهم لأصابعه !

وكم رغب جون بشدّة في فهم ما يحصل حوله , مثل : أين هم اصدقائه الآن ؟ ولما بُترت هذه القبيلة اصابعه ؟ وهل كان المترجم يعرف بأن هذا سيحصل له , ولهذا طلب منه الهرب ؟ وهل فعلوا الشيء ذاته مع جاك وبقيّة فريق العمل ؟
عشرات الأسئلة كانت تدور في ذهنه , لكن الرجلين اللذين كانا معه في الشاحنة لا يعرفان الإنجليزية ..

وفي منتصف الطريق , أغميّ على جون مجدّداً .. فتوقفت السيارة وركب أحد الأفريقين معه بالخلف , وصار يُشربه الماء ويغيّر له الضّماد الذي غرق بدمائه ..
فاستفاق جون بإرهاقٍ شديد وسأله : ارجوك إخبرني .. لما قطعوا اصابعي ؟ والى اين نذهب ؟ واين هم اصدقائي ؟
لكن الرجل لم يجيبه , بل ظلّ يغير له الضّماد بصمت ..
***

في المساء .. استيقظ جون داخل معسكرٍ مليء بالمهاقين ! رجال ونساء واطفال جميعهم من الإفريقين المصابين بمرض المهق .. وكان كثير منهم مقطّعي الأطراف ! ومن حسن حظ جون انه وجد احدهم يعرف الأنجليزية , لكن ما أخبره به أفزعه تماماً

حيث قال له الرجل :
– هنا في تنزانيا توجد اسطورة قديمة تقول : ان المهق عبارة عن لعنة , وبأن المصابين به ليسوا بشراً بل شياطين , وعلى اهاليهم التخلّص منهم كيّ لا يصابوا بالفقر والعار .. ومن جهةٍ اخرى يعتبرون السحرة والمشعوذين بأن أعضائنا تُساعدهم في إستخراج الذهب .. اما المرأة المهقاء فالإعتداء عليها يساعد في الشفاء من بعض الأمراض المستعصية كالإيدز
فصرخ جون بعصبية وخوف : ما هذا الغباء ؟! أيقتلوننا ليستخدوا أجسادنا بالسحر ؟!

الرجل الأفريقي الأمهق بحزن : ليتهم يقتلوننا لنرتاح من هذا العذاب .. فأنا كما ترى أكبر الموجودين هنا , وقد عشت سنواتي الأربعين في قلقٍ تام .. وبالنهاية وقعت في ايديهم .. فنحن في معسكرٍ لبعض التجّار الذين يجرون الصفقات مع اهم المشعوذين الذي يأتونونهم من كافة دول افريقيا ليحصلوا على اجزاءٍ منا .. وتعتبر انت محظوظاً جداً لأنك خسرت فقط ثلاثة اصابع .. انظر لذلك الطفل الصغير الذي لم يصل بعد لعمر السنتين , فقد باع والده اطرافه الأربعة ..
جون بخوف : والده ؟!

– نعم .. فبيع اعضاء المهق تعتبر تجارة ناجحة هنا .. ويمكنك تخيّل ألم هذا الصغير وهو يقطّع دون استخدام ايّ بنج او دواءٍ مسكّن
جون بخوف : يا الهي ! لابد ان اهرب من هنا , وفي اسرع وقت
الرجل بيأس : لا تحاول , فالمكان مقفلٌ علينا بإحكام ..
ثم عاد الرجل الى سريره , تاركاً جون يفكّر طوال اليوم بطريقة للهروب من هذا المعسكر اللعين
***

وبعد ثلاثة ايام .. وصل الدور على جون .. حيث تمّ بيع رِجله اليمنى بمبلغٍ كبير لمشعوذ قدِمَ من اواسط افريقيا الى تنزانيا ..
وبعد ان حملاه رجلان ضخام البنية الى وسط ساحة المعسكر , حيث كان يقف الجلاّد ومعه ساطورٌ كبير .. استطاع حينها جون تنفيذ خطته التي فكّر بها البارحة .. حيث أسرع بطعن احد الرجلين (اللذين كانا يقتادانه للمشرحة) بشظيّة من الزجاج كان وجدها في زاوية المعسكر.. فأسقطه الرجل من يده بعد ان شعر بألم الطعنة , ثم أسرع جون بسحب الشظية من كبد الرجل , ليفقأ بها عين الرجل الثاني .. وبينما كان الرجلان يتألمّان , ركض بسرعة ناحية سيارة المشعوذ المركونة قرب الساحة , ولحسن حظه وجد المفاتيح في مكانها ..

وعلى الفور !! هرب من امام المعسكر , بينما لاحقته سيارات تجّار الأعضاء بغضبٍ شديد .. ووصلت المطاردة لأعلى الجبل .. وكان امام جون طريق واحد للنجاة بحياته , وهو ان يقفز ناحية النهر الموجود بالأسفل .. ودون تردّد منه , قفز الى هناك ليبتعد عن القتلة الذين ظلّوا يراقبون الوضع من فوق , الاّ انهم لم يروا أثراً لجون , وكأن الأسطورة الأفريقية القديمة صحيحة والتي تقول : ان جثث المهق الشيطانية تختفي بعد موتهم , تماماً كالأشباح !

وبهذه النهاية ..عادوا بخيبة امل الى المعسكر , في محاولة من قائدهم لإقناع المشعوذ الغاضب باختيار أمهقٍ آخر من المعسكر بدلاً من جون الذي خسروه بالمطاردة
***

استيقظ جون بعدها في سريرٍ بلاستيكي دافىء داخل خيمةٍ صغيرة .. فخرج منها قلقاً وهو يصرخ : اين انا ؟!!
لكنه ارتاح كثيراً حين رأى صديقه جاك خارج الخيمة .. فأسرع بحضنه وهو يعاتبه بحزن :
– لما تركتموني مع تلك القبيلة المتوحشة ؟

من قصص حكايا العآلم الآخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق