أخبار عالميهالرئيسيةمقالات
البروفيسور مانويل حساسيان… قامة وطنية تستحق التكريم والاهتمام الرسمي
الدكتورة فاطمة أبوواصل اغبارية

هناك شخصيات لا يمرّ حضورها مروراً عابراً في ذاكرة الشعوب، بل تترك أثراً عميقاً يرسّخ معنى الانتماء والالتزام الوطني. ومن بين هذه الشخصيات التي خدمت فلسطين بصدق وإخلاص يستحقان كل تقدير، يبرز اسم البروفيسور مانويل حساسيان، الرجل الذي حمل رسالته الأكاديمية والدبلوماسية بوضوح وهدوء وفاعلية، وجسّد صورة الفلسطيني المثقف، الواثق، والمنتمي لقضيته في كل منبر ظهر فيه.

قيمة أكاديمية راسخة
قبل أن يدخل غمار العمل الدبلوماسي، كان البروفيسور حساسيان واحداً من أبرز الوجوه الأكاديمية الفلسطينية. فقد شغل منصب رئيس جامعة بيت لحم، حيث عرفته الأوساط الأكاديمية مديراً حكيماً، واسع الخبرة، متمكناً من إدارة مؤسسة تعليمية تُعدّ من أعرق مؤسسات التعليم العالي في فلسطين.
خلال سنوات رئاسته للجامعة، حافظ على حضور فلسطين العلمي في المحافل الدولية، وكان مدافعاً شرساً عن حق الطالب الفلسطيني في التعليم رغم كل الظروف القاسية.

دبلوماسي يجمع بين المعرفة والهدوء والحكمة
بعد مسيرة أكاديمية حافلة، تولّى البروفيسور مانويل حساسيان مهامه سفيراً لدولة فلسطين في المملكة المتحدة، إحدى أهم ساحات العمل السياسي والدبلوماسي.
كان صوتاً عاقلاً ومدافعاً قوياً عن الحق الفلسطيني في قلب المشهد البريطاني. عرفته الجالية الفلسطينية والعربية شخصية محبّة، صادقة، وقادرة على إيصال الرواية الفلسطينية بلغة حضارية تحترم الآخر وتُقنعه في الوقت ذاته.
ثم واصل أداء رسالته سفيراً لدولة فلسطين في الدنمارك، ليُكمل سنوات من الحضور المشرّف الذي لم يعرف التردد أو التراجع. بقي قريباً من الناس، منفتحاً، متعاوناً، يمدّ الجسور بين فلسطين والعالم أينما حلّ.

نهاية مرحلة… وبداية أثر باقٍ
ومع اقتراب انتهاء فترة خدمته الدبلوماسية مع نهاية هذا العام، يقف الفلسطينيون، والجاليات في أوروبا، وكل من عرفه أو سمع عنه، وقفة احترام أمام رجل أعطى من قلبه وفكره وجهده دون انتظار مقابل.
لم يكن مجرد سفير، بل كان وجهاً إنسانياً لقضية عادلة، ورمزاً للالتزام الوطني، وصوتاً هادئاً لا يتعب من الدفاع عن حقوق شعبه.

شخصيات كهذه تستحق التكريم
في زمن تتغير فيه المواقف سريعاً، يبقى البروفيسور مانويل حساسيان نموذجاً واضحاً للشخصية الوطنية الصادقة التي تخدم دون ضجيج، وتعمل دون أن تتباهى، وتبقى وفية لمبادئها مهما تغيّر العالم من حولها.
إن تكريمه ليس مجرد لفتة رمزية، بل هو اعترافٌ برجلٍ مثّل بلاده بكرامة، وصان رسالتها بعلم ومعرفة، وحمل اسم فلسطين في قلوب الذين عرفوه قبل أن يحمله على أوراق المراسم الدبلوماسية.

لماذا يجب تسليط الضوء عليه؟
- لأنه نموذج للدبلوماسية الهادئة البعيدة عن الضجيج، والقريبة من الفعل.
- لأنه قدّم لفلسطين صورة مشرّفة في دول مؤثرة.
- لأنه أكاديمي من طراز نادر جمع بين الفكر والممارسة.
- لأنه عمل بإخلاص دون انتظار شكر أو ترويج إعلامي.
- ولأنه يمثّل مدرسة لا بدّ من استحضار تجربتها للأجيال المقبلة.

رسالة للمسؤولين وصنّاع القرار
إن تكريم مثل هذه القامة الوطنية ليس خياراً، بل واجبٌ تجاه رجل خدم فلسطين بضمير واثق وعمل شريف.
وممارسات التكريم ليست مجرد احتفالات، بل هي تقدير لمقامات تستحق أن تبقى قدوة ونموذجاً.
تاريخ البروفيسور مانويل حساسيان يجب أن يُوثّق رسمياً، وأن تُكتب سيرته في سجلات العطاء الوطني، وأن يبقى اسمه حاضراً في ذاكرة الدبلوماسية الفلسطينية

كلمة أخيرة
شكراً للبروفيسور مانويل حساسيان على سنوات طويلة من الإخلاص الوطني.،والحضور المشرف في خدمة فلسطين.
شكراً لصمته الفاعل، لعلمه العميق، ولتمثيله المشرف لفلسطين في الخارج.
وشكراً لروحه الوطنية الصادقة، التي ستظل تلهم الأجيال القادمة بأن خدمة الوطن شرف، وأن التمثيل الحقيقي للقضية يكون بالعلم، والأخلاق، والصدق
ستبقى سيرته واحدة من الصفحات البيضاء في سجلّ العمل الوطني الراقي

