الرئيسيةمكتبة الأدب العربي و العالمي

كَمَال همَاش والتين والزَيتُون

بقلم / اسماعيل رمضان

سَلبته وحدة المبيت منفرداً في بيته برام الله اليقظة، وغَفَى قَبل مِيعاد نَومه وصَحي قبل أن يَكتمل في رأسه الحلم، استيقظ باكراً وعلى صَمت ووُجود طاقة فيها حُلم مَكتوب بصدفة مُبهمة غَير مفهومة وغَير مَعروفة، وساقته قدماه بين الحُقول والجدران الحجرية والتربة الندية التي تتنفس عَبق الفجر الممزوجة بإشراقة خفيفة من أشعه الشمس .

استمر بالمسير حيث تأخذه قدماه وامتلأت رئتيه بالهواء وطَعم التراب الذي استيقظ للتو، ومَنعت كُل ما لديه من رغبة في إشعال السِيجارة الصَبِاحية إلى أن التقى بأحد الجيران، وزاده عزماً وجِود رفيق أن يبتعد أكثر من المُعتاد، وجابا السهول وبعض التلال والتقاهما بعض الثمار من عنب وزيتون وتين وكَانت جزء من طَعم ومذاق عادي وروتين

واصلا المسير وأخَذ منهما التعب مَأخذه وأرادا الاستراحة لتدخين سيجارة، وفجأة وكأنها ولدت للتو أمام أعينهما شجرة زيتون ضَخمة ولكن بدا لهما أن أوراقها من شجر التين .

نظر كًل مِنهما للآخر و انتقلت أقدامَهما في ذات اللحظة نحو الشَجَرة سِاقها زيتونة عَظيمة وجُذورها تَمتد بالتربة، ولكِن في الساق أخاديد وتجاويف نمت فيها سيقان شجرة تين وكأن لهما سَاق مُشتركة وجذر واحد وكأنها نبتة هجينة من تين وزيتون، تتغذي من تُربة واحدة ولها خلايا مشتركة، ولست اعرف رأي (ماندل) في ذلك ولكن بهجة المنظر سِيقان وفروع شجرة زيتون تحتضنها فروع وأوراق شَجرة تين أخَرس آلة التَصوير غير الموجودة في يد كمال، وأسكتت الشعر في لسانه المتدفق ووقف مشدوها أمام جمالية المنظر وعَمقه.

لقد كان المنظر أكبر من كل بلاغته وقدرته على الوصف وأبعد من روحه الشعريه وحسه الجمالي بالطبيعة، وقف صنماً ونظر إلى جاره صامتا للحظات وهما يتأملان الشجرة التي يبدو أنها بعيدة ولا احد يعتني بها سوى إرادتها فأرضها غير محروثة.

بلحظة تنبها لوجود ثمار ناضجة وكثيرة وكبيرة من التين، وجربوا مذاقها وكانت الحبة الواحدة أجمل من كل ما أكله أحدهما طوال عمره من تين، وكل مذاق لحبة من الثمار يستدعي الرغبة لتذوق أخرى دون إحساس بالاكتفاء أو الشبع، فلقد كانت هذه الشجرة كامرأة الصدفة التي تلتقيها مرة واحدة في حياتك وتَستبدلها بِكل النساء، ويبقى مَذاقها على لِسانك دون أن تستطيع فِقدان المَذاق أو استعادته

فكَم في حياتنا من لَحَظات ينقطع فيها الزمان، ونُصبح مُعلقين بين الصَحو والحُلم بين الماضي والحَاضر بين وبين وبين إنها التينه والزيتون المذكورة في القرآن خَاصة أننا فقدنا طور سِنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق