اقلام حرة
صياغة خريطة جديدة وفق صفقة القرن. بقلم الكاتبة: تمارا حداد.
صياغة خريطة جديدة وفق صفقة القرن. بقلم الكاتبة: تمارا حداد.
منذ تولي ترامب منصب الرئاسة الامريكية ومصطلح “صفقة القرن” يلازم معظم خطاباته،
بدأت تتكشف خيوطها شيئا فشيئا وسط غموض يحيط بها، ولكن المتابع لخطوات الصفقة يجد انها خطة سارية من قبل الاعلان عنهاـ لو رجعنا الى الوراء نرى ان التاريخ يعيد نفسه وصياغة المعاهدات القديمة هي تُصاغ بشكل جديد وبتحالفات جديدة وبتقسيمات جديدة لمنطقة الشرق الاوسط وبشكل جديد، فبعد انتهاء الحروب العالمية الاولى والثانية تم ابرام المعاهدات على اساس التقسيم،
والذي يحدث في الماضي القريب البعيد، يحدث اليوم بتحالفات جديدة لتقسيم المنطقة من جزء الى اجزاء والهدف السيطرة على الثروات وإرساء النفوذ بين الدول العظمى، وبالفعل تم تقسيم النفوذ بين قوتين روسيا وامريكا وذلك حسب اتفاق لوزان الثالثة في سويسرا 2016،
ويبدو ان الاتفاق تخلله تفاصيل صفقة القرن، وهي خطة شاملة لا تستهدف فلسطين فقط، بل العالم العربي الذي سوف يصبح فى أغلبه عبارة عن دول تدور فى فـلك النفوذ الإسرائيلي واستبدال العداء العربي لإسرائيل بعداء عربي -عربي، والخطة الأميركية تشمل الإقليم،
والفلسطينيين أحد أطرافها وليسوا الطرف المقـرِّر فيها. وقبل النجاح بتحويل العداء العربي لاسرائيل الى تطبيع عربي، استطاعت القوى العظمى تحويل العداء الفلسطيني لاسرائيل الى عداء فلسطيني- فلسطيني وهذا ما ظهر فعلا بظهور سلطتين لا تريدان التنازل عن الحكم رغم ادراك الاثنين مخاطر اغلاق القضية الفلسطينية. يبدو ان التسريبات القائمة باعلان تفاصيل صفقة القرن بعد رمضان فقاعات اختبار جديدة،
ولكن قد يُعلن عنها بيوم النكبة 15-5 والذي سيتم فيها اغلاق الملف الفلسطيني والإعلان على انتهاء قضية فلسطين كمحطة أساسية في المخطط الأمريكي – الإسرائيلي لإعادة رسم المنطقة الشرق أوسطية من جديد على اعتبار أن العالم العربي بمفهومه القومي لم يعد قائما وبالتالي لم يعد يشكل أي عقبة خطيرة أمام المخططات والأحلام الصهيونية، والعقبة أمام تحقيق ذلك تتمثل الآن فى الفلسطينيين أنفسهم والجماهير العربية، ولكن بتجويع الشعوب سيتم تحقيق مراد الاحلام الصهيونية، وتحقيق اهدافها والتي تتمثل:-
1. هدف إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية.
2. التخلي عن فكرة حل الدولتين.
3. سلاما إقليميا في مواجهة إيران. أركان “صفقة القرن”:-
تقوم الخطة على تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية شرطًا لتهميش القضية الفلسطينية، ويأتي ذلك من خلال إنشاء مناخ سياسي إقليمي ملائم لعلاقات عربية – إسرائيلية، يستوعب الجانب الفلسطيني، ويمارس الضغط اللازم عليه لقبول الطرح الأميركي الذي يركز على التعاون والتكامل الاقتصادي، مع تجاهل أركان القضية الفلسطينية. بدأ تنفيذ الخطة التي تقوم على التخلي عن قضايا الوضع النهائي (وهي القدس، والمستوطنات، والحدود، واللاجئين، والمياه)، إلى جانب المحافظة على المستوطنات الإسرائيلية كلها في الضفة الغربية، وتكريس الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة الأغوار، وضم مناطق “ج” إلى السيطرة الإسرائيلية. ومن ثمّ، لا يتبقى للفلسطينيين سوى ما يضم التجمعات السكانية الفلسطينية الكبرى، وبذلك تتخلص إسرائيل من مراكز الكثافة السكانية الفلسطينية العالية في مقابل احتفاظها بأكبر جزء من الأرض، أمّا غزة، فيجري تحويل قضيتها إلى قضية خدمات، والتعامل معها على أنها قضية إنسانية وإغاثية تتولى دول الخليج العربية الغنية تزويدها بما تحتاج إليه من مشاريع ماء وكهرباء وبنية تحتية وغيرها مما يلزم لتخفيف معاناة السكان ومنع انهيار الوضع الإنساني، وذلك تحت رقابة إسرائيلية. محاور الصفقة:-
1. بناء الدولة العبرية اليهودية، وتجميع اكبر عدد ممكن من اليهود في فلسطين.
2. تصفية ما تبقى من الكيان الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، عبر التوسع في سياسة الاستيطان اليهودي في الضفة، وعمليات تهويد القدس. خيارات لمسارات التسوية حسب الصفقة:-
1. الفيدرالية الهاشمية الأردنية، وهي الدولة التي من المُفترض أن تضمّ ثلاث ولايات على شاكلة النظام الفيدرالي الأميركي، الأردن والضفة الغربية وقطاع غزّة. تُعطى في النظام الفيدرالي لهذه الدويلات استقلالية المال والشرطة والتشريع، وحماس تستأثر بغزّة، وفتح بالضفة، والهاشميون بالأردن.
2. الخيار الثاني ان تقام دولة فلسطينية منزوعة السلاح ليضع خاتمة للنزاع بين الجانبين الفلسطيني الاسرائيلي وفق تفاهم مشترك يحتفظ بحقهم في السيادة التي تتطابق مع تلك التي يتمتع بها الفاتيكان او تلك التي تتمتع بها كوستاريكا، بان يكون للفلسطينيين علم خاص بهم وعملة خاصة بهم وشرطة مزودة باسلحة خفيفة بالعدد الذي تراه ضروريا لامنها الداخلي، واي قوات اخرى عسكرية تتواجد فيها ستكون بعلم اسرائيل وموافقتها، ولكن الامن الحدودي لاسرائيل، ومن ثم الاقرار من قبل الجانب الفلسطيني بان دولة بحدود عام 1967 فكرة خيالية ملغاة.
الموقف الاردني:- يتعرض الاردن لضغوط اقتصادية وسياسية مرتبطة بموقفه من القدس وما يتصل بالوصاية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة، ولكن الملك عبد الله الثاني يؤكد مرارا وتكرارا ان القدس والمقدسات خط احمر. موقف اوروبا:- موقف أوروبا السلبي من سياسات إدارة ترمب الأخيرة تجاه القدس والحقوق الفلسطينية يعكس تضارب المصالح المتزايد بين أوروبا وأمريكا وليس تعاطفا أوروبيا مفاجئا تجاه الحقوق الفلسطينية. القرارات الدولية:- يعلم ترامب تماماً أن قراراته وما يصبو اليه من صفقة القرن تتعارض مع القرارات والقوانين الدولية. خلاصة:- • صفقة القرن لا تُعدّ خطة تسوية أصلًا، بل فرض لوجهة نظر مفادها أنه لا توجد قضية وطنية فلسطينية بل قضايا إنسانية معيشية. • اجتماع الدول العربية “الوزراء الخارجية” في الجامعة العربية يوم الاحد المقبل بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس لعلها بوادر لتغيير مسار اقرار الصفقة.