
عندما يغرق الأنسان في الحياة لدرجة لا يرى فيها سوى مصالحه الشخصية
عندما تجره الحياة بقوة تفقده القدره على الحركة، وكأن جسده بالكامل أصبح سجين لقوة الحياة وقوة المصالح الشخصية
ربما يكون ضميره في بادئ الأمر لا يزال يقظ، ويحاول المقاومة. ولكن إذا كانت تلك الشعره الرقيقة التي تسمى “الضمير الحي” غائب
إذا كان ذاك الصوت الخافت جداً الآتي من ضمير الوجدان فقد صاحبه القدره على سماعه، هنا تبدء أول سطور الضياع في كتابه
وإذا لم يحاول أستعادة ذلك الصوت، إذا لم يحاول الأتصال مرة أخرى بذلك الضمير، إذا لم يقاوم بكل ما فيه من قوة، إذا تم قطع هذا الخيط الرفيع
هنا يرحل من منطقة صوت الضمير الى منظقة المصالح الشخصية
وهنا تبدء قصة جديدة
ربما في عمر مبكر، وربما في عمر الشباب، وربما أستطاع أن يقاوم الى ما بعد الجامعة، وربما كانت قوته ضخمة وأستمر يقاوم لما بعد الأربعين والخمسين.
خلاصة القول أنك في اللحظة التي تفقد فيها صوت الضمير كل شئ يتغير. أنت تصبح شخص أخر حتى أنت لا تعرفه، شخص لم يعد هو، بل أصبح دمية تحركها المصالح الشخصية.
وهكذا أشخاص يفقدو الأتصال بحواسهم فلا يسمعون ولا يرون ولا يشعرون. بل يعيدون صياغة كل ما يقال وكل ما يشعرون به وكل ما يسمعونه ليتناسب مع مصالحهم ومع ما يغذي رغباتهم.
وهنا المقاومة تكاد تكون معدومة، وهنا الشخص فَقد كل شئ. وربما هو بحاجة لمعجزة حقيقية لتعيد له أنسانيته
في الجهة الأخرى،
هناك من يقاوم حتى وأن كانت قواه ضعيفه. رافض بكل جوارحه أن يغادر ضميره ويتنازل عن قيمه.
وفي يومنا هذا، كل شئ أصبح له شكل جديد، لا يستطيع العقل التمييز بين ما هو زيف وبين ما هو حقيقي
ولكن يظل ذلك الضمير منار لصاحبه، يظل هناك شعور داخلي يخبر ضميرك -إذا كنت تسمعه- أن هناك خطأ ما في الأمر وأن هناك أمر مريب واجب الحذر منه
وأنا أعتقد من وجهة نظري الشخصية أن فطرة الشخص الذي أنولد بها، والبيئة التي تربي فيها، والأشخاص الذين كبر وتربى معهم، لهم دور محوري في يقظة ضميره. ولكنها ليست قاعده
المستشار د. آمنة الريسي

