مقالات

الموسيقى الداخلية للكلمات: دراسة في الأبعاد الصوتية والجمالية للنص ( ملخص محاضرتي لطلاب الدراسات. العليا )

الدكتورة فاطمة أبرواصل إغبارية

الملخص (بالعربية)

تتناول هذه الدراسة مفهوم الموسيقى الداخلية للكلمات بوصفه بُعدًا صوتيًا وجماليًا في النصوص الأدبية، يتجاوز المعنى المباشر إلى ما تحمله الكلمات من إيقاع خفي يثير أثرًا نفسيًا وجماليًا لدى المتلقي. اعتمد البحث على المنهج الوصفي ـ التحليلي للكشف عن عناصر الموسيقى الداخلية مثل الإيقاع الداخلي، الجرس الصوتي، الانسياب الموسيقي، والتوقف والتنفس. كما تناولت الدراسة حضور هذه الظاهرة في الشعر والنثر من خلال نماذج مختارة، مبرزةً دورها في تشكيل البنية الأسلوبية، وتعزيز التفاعل الشعوري مع النص. خلصت الدراسة إلى أنّ الموسيقى الداخلية ليست عنصرًا ثانويًا، بل تمثل مكوّنًا أساسياً في بناء النصوص الأدبية، بما يجعلها مجالًا خصبًا للتحليل النقدي والبلاغي.

الكلمات المفتاحية: الموسيقى الداخلية، الإيقاع، الجرس الصوتي، الشعر، النثر، علم الصوتيات، البلاغة.

Abstract (in English)

This study examines the concept of the inner music of words as a phonetic and aesthetic dimension of literary texts. Beyond the direct meaning, words generate hidden rhythms that create psychological and aesthetic effects on the reader. The research employs a descriptive–analytical approach to identify the main elements of inner music, including internal rhythm, sound color, musical flow, and pauses. It also investigates the presence of this phenomenon in both poetry and prose through selected examples, highlighting its role in shaping stylistic structures and enhancing the reader’s emotional engagement. The study concludes that inner music is not a secondary aspect but rather a fundamental component in the construction of literary texts, offering fertile ground for critical and rhetorical analysis.

Keywords: Inner music, rhythm, sound color, poetry, prose, phonetics, rhetoric.

المقدمة

لا يقتصر الأثر الجمالي للنصوص الأدبية على المعنى المباشر للكلمات فحسب، بل يتجاوزه إلى ما تحمله من إيقاع داخلي ونغم خفي يترك أثرًا وجدانيًا في المتلقي. يُطلق على هذا البعد الصوتي الجمالي مصطلح الموسيقى الداخلية للكلمات، وهي البنية الإيقاعية التي تنشأ من أصوات الحروف، وطول المقاطع، وتكرار الكلمات، وتوزيعها داخل النص. ومن خلال هذا المستوى تتجلى الطاقة التعبيرية للكلمة، فتتحول الكتابة إلى تجربة حسية ـ نفسية، تعكس مقاصد الكاتب وتؤثر في القارئ أو السامع (الجرجاني، 1992؛ Jakobson, 1960).

إشكالية البحث

تتمحور الإشكالية الرئيسة في التساؤل:

كيف تسهم الموسيقى الداخلية للكلمات في تعزيز الأثر الجمالي والدلالي للنصوص الأدبية، شعرًا ونثرًا؟

وينبثق عن ذلك عدة أسئلة فرعية:

  1. ما العناصر المكوّنة للموسيقى الداخلية للنص؟
  2. كيف يتجلى هذا البعد الجمالي في الشعر مقارنة بالنثر؟
  3. ما أثره النفسي والجمالي على القارئ؟

أهداف البحث

  1. تحديد المفهوم النظري للموسيقى الداخلية للكلمات.
  2. تحليل عناصرها الرئيسة من خلال نماذج شعرية ونثرية.
  3. إبراز قيمتها بوصفها أداة لفهم النصوص الأدبية وتحليلها.

منهج البحث

يعتمد البحث على المنهج الوصفي ـ التحليلي، عبر:

  • توصيف العناصر الصوتية والجمالية المكوّنة للموسيقى الداخلية.
  • تحليل نماذج مختارة من الشعر والنثر العربي.
  • توظيف مفاهيم من علم الصوتيات والبلاغة والنقد الأدبي (حسان، 1979؛ Finegan, 2004).

العرض والتحليل

أولاً: عناصر الموسيقى الداخلية

  1. الإيقاع الداخلي: يتشكل من تتابع الأصوات وطول المقاطع (Jakobson, 1960).
    مثال: “إذا الشعرُ غابَ عن قلبِي، فأينَ أنا؟”.
  2. الجرس الصوتي (Sound Color): تأثير الحروف في المشاعر.
    • رخوة (م، ل، ن) → هدوء.
    • مفخمة (ط، ص، ق) → قوة وتوتر.
      مثال: “المطر يسقط بهدوء على الأسطح، يملأ القلب سكينة.”
  3. الانسياب الموسيقي: سلاسة الإيقاع العام.
    مثال: “كانت المدينة تغفو تحت ضوء القمر، وكأنها تحلم بسلام لم يأت بعد.”
  4. التوقف والتنفس: علامات الترقيم كإيقاع داخلي (طه حسين، 1965).
    مثال: “أحببتها. ثم رحلت. وتركت خلفها صمتًا كبيرًا.”

ثانيًا: الموسيقى الداخلية في الشعر والنثر

  • الشعر: يعتمد على الوزن والقافية وتكرار الأصوات (قباني، 1995).
  • النثر: يستند إلى توازن الجمل وتوزيع الأصوات (محفوظ، 1956).

ثالثًا: التأثير النفسي والجمالي

  • الألفاظ الرقيقة تولّد الطمأنينة (Richards, 1924).
  • الأصوات الحادة تستثير التوتر.

رابعًا: أدوات التحليل

  • علم الصوتيات لدراسة طبيعة الأصوات.
  • البلاغة (الجناس، الطباق، التكرار).
  • التحليل النصي المقارن (Todorov, 1977).

الخاتمة

تؤكد الدراسة أنّ الموسيقى الداخلية للكلمات ليست مجرد عنصر إضافي، بل تمثل بُعدًا بنيويًا وجماليًا مؤثرًا في النصوص الأدبية. فهي تكشف العلاقة بين الصوت والمعنى، وتُبرز أثر اللغة على التجربة الشعورية للقارئ. وبذلك، فإن استثمار هذا البعد في النقد الأدبي يعزز من قدرة الباحث على قراءة النصوص قراءة أكثر عمقًا وشمولًا.

المراجع

  • الجرجاني، عبد القاهر. دلائل الإعجاز. تحقيق محمود شاكر، القاهرة: دار المدني، 1992.
  • حسان، تمام. اللغة العربية معناها ومبناها. القاهرة: عالم الكتب، 1979.
  • حسين، طه. حديث الأربعاء. القاهرة: دار المعارف، 1965.
  • محفوظ، نجيب. الثلاثية. القاهرة: مكتبة مصر، 1956.
  • قباني، نزار. الأعمال الكاملة. بيروت: منشورات نزار قباني، 1995.
  • Richards, I.A. Principles of Literary Criticism. Routledge, 1924.
  • Jakobson, Roman. Linguistics and Poetics. MIT Press, 1960.
  • Todorov, Tzvetan. Poetics. Cornell University Press, 1977.
  • Finegan, Edward. Language: Its Structure and Use. Thomson Wadsworth, 2004.

إغلاق