الدين والشريعةالرئيسيةمقالات

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (96)

بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* تناسل النبات
يقول الكاتب الباحث الناقد موريس بوكاي تحت هذا العنوان الذي جاء في الصفحة رقم: (221) يجب أن نذكر بأن التناسل يتم في عالم النبات بطريقتين: الأولى جنسية والأخرى غير جنسية، والحقيقة أن الطريقة الأولى هي فقط التي تستحق إسم التناسل، فهي التي تحدد العملية البيولوجية التي تهدف إلى إظهار فردٍ جديدٍ مطابق لذلك الذي أوْلده.
– أما التناسل اللّاجنسي فهو مجرد تكاثر، وذلك ينتج عن طريق انقسام عضو يكتسب بانفصاله عن النبات الأصلي نموًا يجعله شبيهًا بذلك الذي خرج منه… ويتم التناسل الجنسي بواسطة تزاوج عناصر ذكرية بعناصر أنثوية تنتمي إلى مكونات التجديد المجتمعة على نفس النبات أو المنفصلة، والقرآن لا يذكر إلا هذه العملية، حيث قال: ﴿..وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ﴾ (طه: 53) زوج (الجمع: أزواج) وهو ما يتكوّن من إثنين وتنطبق الكلمة على زوج من الأحذية كما تنطبق على وحدة تتكون من ذكرٍ وأنثى وجاء هذا المفهوم كذلك في الآية التي تقول: ﴿…وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ (الحج: 5) … المعروف أن الثمرة هي نتاج عملية تناسل النباتات العُليا التي تمتلك نظامًا مركبًا والمرحلة التي تسبق الثمرة هي مرحلة الزهرة بأعضائها الذكرية (الإبر) وأعضائها الأنثوية (البويضات) وبعد نقل اللقاح تعطي هذه الأخيرة الثمار التي تعطي هذه الحبوب بعد النضج، وهذا يعني أن كل ثمرة تتضمن بالضرورة وجود أعضاء ذكورة وأعضاء أنوثة، وهذا ما تؤكده الآيات القرآنية.
– مع ذلك يجب أن نلاحظ أن الثمرات في بعض الأتواع تستطيع أن تنتُج عن زهورٍ غير ملقّحة… ويتم ذلك عندما تنبت الحبة بعد أن ينتفخ غطاؤها الخارجي، وعندها يصبح غطاء الحبة صلبًا فتتكون النواة، ويسمح هذا الانفتاح بخروج الجذور التي تنهل من التربة ما يلزم لنباتٍ بطيء الحياة؛ أي الحبّة- وذلك حتى تنمو وتعطى فردًا جديدًا ويمكن أن تلاحظ دقة هذه العملية في الآية التي تقول: ﴿..إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ..﴾ (الأنعام: 95) وإذا كان القرآن يكرر كثيرًا وجود عنصري الزوجية هذه في عالم النبات فإنه يسجل مفهوم التزاوج في إطار أكثر عمومية لا يُعيّن حدوده:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ (يس: 36)، ويُنهي بوكاي حديثه حول هذا العنوان بقوله: “نلاحظ مرّة أخرى من جديد أننا لا نجد في القرآن تنافرًا مع علوم هذا العصر” وأعتقد أن بوكاي في كل مرّة يتفاجأ من دقة القرآن في الوصف الدقيق لكل ما جاء فيه عن الحقائق التي يذكرها الله في كتابه عندما يصف ما خلقه في هذا الكون.. وانتظروا أن ننتقل إلى عنوان جديد: “عالم الحيوان” وهو العنوان الذي سوف نبدأ به مقالتنا القادمة صبيحة الغد بمشيئة الله تعالى، فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1688)
05. صَفَر. 1446 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد، وجمعة مباركة
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق