لمّا ذهبت حليمة إلى المطبخ ،أخرجت أرنبا لتطبخه ،لكنّها سمعت صوتا في الحديقة ،فأطلت من النافذة ، ورأت قطا يموء من شدة الجوع ،فنزلت بسرعة ، وحملته معها ،كان نحيفا إلى درجة أنه لم يبق منه سوى الجلد والعظم، فألقت له قطعة لحم ،ونظرت إليه بحزن وهو يأكل ويرتعد، وفجأة صاحت : لقد عرفت الآن معنى كلام السّاحر، ولماذا تغيب الغولة كامل النهار وتخرج في الليل لتنزل لذلك الولد ،إنّها تبحث عن الشّباب والجمال ،ولهذا أتت بذلك السّاحر ليصنع لها التّعاويذ ،والأدوية ،لكنّه فشل، ولمّا رأى جمال أختيها الفتاّن أدرك أنّه وجد الحلّ ،فحبسهما وبدأت الغولة تمتصّ شبابهما كما تمتصّ النّحلة الأزهار ،هذا يعني أنّهما في خطر وربّما في الرّمق الأخير، وعليها أن تتصرّف دون أن تنتنظر لحظة واحدة .
فأخذت ساطورا ،وعودا من النّار ،لكنها في عجلتها عوضا أن تفتح غرفة الغولة ،فتحت التي بجانبها ،وأدخلت القطّ الذي جرى إلى الدّاخل،وبعد قليل سمعته يموء بشدّة ،فمشت وراءه ،وهي تنظر إلى اليمين واليسار ، لقد كانت أمامها ممرات متشابكة لا يعرف أحد أين تأدّي ،و اكتشفت أنّ الغرف الستّة مرتبطةكلها ببعضها،وأخذت تتبع صوت القطّ، وفي الأخير وجدته ملتصقا بشبكة عنكبوت كبيرة، وهناك كثير من العظام لناس دخلوا وحصلوا في الفخّ ،ولمّا نظرت حولها كان هناك أكوام من المجوهرات والسّيوف الذّهبية ،وتاج كبير مرصع بالألماس ،وفجأة سمعت حركة غريبة كأنّ شيئا ما يتحرك ،ورأت العنكبوت يقتترب من القطّ ،وقد بدأ في تحريك فكّيه ،ولم تجد من حلّ لإنقاذه سوى وضع النّار في الشّبكة، ونجا القطّ ،لكنّ النّار وقعت على العنكبوت الذي بدأ يجري، ثمّ خرج إلى الرّواق المفروش بالزّرابي، وبسرعة إنتقل إليها اللهب ،وشمّت الغولة رائحة الدّخان ،ففتحت بابها ،وخرجت وهي تصرخ،وقد تملّكها الفزع .
أمّا حليمة فغافلتها ،وحين نظرت إلى ما يوجد داخل غرفتها كادت تسقط من هول المفاجأة ،فقد رأت أختيها جامدتين في ركن، وقد أصبحتا عجوزتين شعرهما أشيب ،أمّا الغولة فصار نصف وجهها جميلا ،أمّا الآخر فلا يزال قبيحا ،سمعت الغولة صوت حليمة ورائها ،فإلتفتت، ورأتها واقفة أمام غرفتها ،فقالت: تبا لك !!! اليوم ألحقك بأخواتك ،ثم هجمت عليها، لكن حليمة ألقت عليها القطّ الذيكان بين يديها،و غرز مخالبه في عيينها ،وفأخذت الغولة تدور وتصيح حتّى إقتربت من أحد النوافد فدفعتها حليمة في ظهرها فوقعت في الحديقة ،وتحطمت عظامه.ثمّ جرت لأختيها ،وفكّت وثاقهما ،وبدأت تبكي لما حلّ بهما ،وبينما هي كذلك رأت ضبابا يصعد ، ويدخل في فم الأختين ،و بدأت تدبّ فيهما الحياة رويدا رويدا، وأعطتهما طعاما وشرابا ،فتحسنت حالتهما وعاد شبابهما .
بعد قليل جاء السّاحر، فوجد النار تشتعل في الأثاث، وباب الغولة مفتوحا وكذك الأبواب السّتة ،فتعجّب وعرف أنّ العنكبوت حارس الكنز قد غادر مكمنه ،فتسلل داخل المتاهة ،وبفضل السّحر ،وجد التّاج المرصع بالألماس ،فأخذه، ولمّا خرج رأى البنات الثلاثة يحاولن مغادرة القصر ،فصاح :سيكون هذا القصر قبركنّ !!! وبدأ يتمتم بكلمات سحرية ليغلق عليهن البوابة، لكن في هذه اللحظة ظهر العنكبوت ورائ،ه وطرحه أرضا ،قالت حليمة لأختيها: خذا التاج، واخرجا، وسألحق بكما ،ثمّ نزلت إلى الدّهليز،وأخرجت الأمير ،وقالت له أسرع إنّ القصر يحترق ،ولو كنّا محظوظين، سنخرج قبل أن يتحوّل كلّ شيئ إلى رماد ،تحامل الولد على نفسه رغم تعبه الشديد ،والدّخان وفي الأخير كانا في الخارج …
…
يتبع الحلقة 6 والأخيرة