مقالات

المسند والمفصل في كتب الحديث / البروفيسور لطفي منصور

تنقسم مجموعات الحديث النبوي الشريف إلى قسمين:
المسند والمُصنِّف.
نعني بالمسند كتب الحديث التي رُتبت فيها الأحاديث حسب اسم الصحابي الذي رواها. فهناك مسند أبي بكر الصديق، ومسند عمر بن الخطاب وهكذا إلى سائِر أسماء الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.
وطريقة تأليف المسانيد جاءت متأخرةً عن المصنف الذي رُتِّبت فيه الأحاديث حسبَ الموضوع. مثل كتاب الصلاة، كتاب الصوم، كتاب الزكاة.
ففي كتاب الزكاة مثلا جمعت فيه كلُّ أحاديث الزكاة، وكذلك كتاب الصلاة.
وخيرُ مثالٍ على ذلك كتب الصحاح أو كتب السنن، مثل صحيح البخاري، صحيح مُسلَّم، سُنن الدارمي، سُنن ابن ملحة، الترمذي، الدارَقُطني وغيرها كثير.
وأكبر كتب الأسانيد عندنا هو مُسنَد أحمد. هكذا يُعرف. وهو جمع وترتيب أحمد بن محمد بن حَنْبَل صاحب المذهب الحنبلي. يُقال إنه يحتوي على أكثر من ثلاثين ألف حديث.
وأوّلُ مُسندٍ في الإسلام هو مسند يحيى بن عبد الحميد الْحِمّاني (ت ٢٢٨ هج).
هذا الرجل كان شاعِرا ًوراويةً للحديث النبوي الشريف. عاشَ في الكوفة بعد خراب بلدهِ حِمٌان، ويقال إنه كان يحفظُ عشرةَ ًآلاف حديث يسردُها سَرْداً.
وقد أردتُ أن أورِدَ شيئًا من شعره وهو يتحسّرُ على بلده حِمّان: (من بحر الطويل)
وقائِلَةٍ والسَّكْبُ منها مُبادِرٌ
وقَد قَرَحَتْ بالدّمْعِ منها الْمَحاجِرُ
وقدأبْصَرَتْ حِمّان َ من بَعْدِأُنْسِها
بِنَا وهْيَ مِنَّا مُقْفِراتٌ دَواثِرُ
كَأنْ لم يَكُنْ بينَ الْحَجُون ِ إلى الصَّفَا
أنيسٌ ولَم يَسْمُرْ بِمَكَّة َ سامِرُ
فقلتُ لها والقلبُ مني كأنَّما
تَخّلَّبَهُ بينَ الجناحَيْنِ طائِرُ
بلى نَحْنُ كنّا أهلَها فَأزالنا
صُروفُ الليالي والْجُدودُ العواثِرُ
………….
البيت الثالث والأخير اقتبسهما الحمّاني من مَضّاض بن الحارث الجرهمي. قالهما عندما خَرََّبَ العماليقُ مكة في الجاهلية الجهلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق