مقالات
الوهابية كما عرفتها./ نورالدين ختال.
قبل سنوات كانت كلمة “الوهابية” تتكرر كثيرا، وبكل صراحة لم أهتم بمعرفة من يكون زعيم الوهابيين هذا، بل لم أكن أعرف اسمه محمد عبد الوهاب أو محمد بن عبد الوهاب، لأن معرفته لن تزيد في إيماني ولن تنقص منه شيئا.
شهر نوفمبر 2008 كنت في بيت صديق ولفت انتباهي مقال بجريدة جزائرية عن محمد بن عبد الوهاب، قرأت المقال فوجدته منقولا من كتاب عنوانه “اعترافات الجاسوس الإنجليزي وعداوته للإسلام”، فالكتاب يحكي عن لقاءات دارت بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجاسوس بريطاني اسمه مستر #همفر، وأن ما يسمونه بالحركة الوهابية هي صنيعة المخابرات البريطانية، أثار المقال فضولي فبحثت عن الكتاب لتحميله من الانترنت.
المفاجئة وجدت كتابان وليس واحد، الأول بعنوان ” #مذكرات مستر همفر الجاسوس البريطاني” والثاني بعنوان ” #اعترافات الجاسوس الإنجليزي”. بعد المقارنة بين الكتابين وبحث معمق اكتشفت أن الأول مؤلفه شيعي انتحل صفة #همفر للترويج لعقيدة الشيعة والثاني مؤلفه صوفي ألف الكتاب للدفاع عن التصوف، كما اكتشفت أن الكتاب الثاني #اعترافات مقتبس من الأول #مذكرات، كما اكتشفت أن الجاسوس البريطاني هو شخصية وهمية لا وجود لها، ولا يوجد أي مصدر بريطاني يتحدث عنه، لا وزارة الخارجية البريطانية ولا المخابرات البريطانية الخارجية #mi6، وأن مؤلف الكتاب هو شيعي وليس نصراني بدليل الأخطاء البدائية التي وقع فيها عند كلامه عن عقيدة النصارى #البروتستانت، بالإضافة إلى جهله ببريطانيا مقابل إلمامه كبير بإيران والعراق.
من الحقائق المدهشة حول الجاسوس … أنه لا وجود للنسخة الإنجليزية التي هي المفروض النسخة الأصلية … بل توجد نسخة إنجليزية مترجمة من العربية.
خلال البحث اكتشفت أيضا أن مخابرات #مصر في عهد جمال عبد الناصر نشرت النسخة الصوفية في إطار الترويج للعلمانية الظلامية والاشتراكية المنحرفة، وفي إطار الخلاف السياسي مع السعودية !! كما نشرت المخابرات السورية النسخة الشيعية في عهد حافظ الأسد، تحت عنوان “محاربة السلفية” والحقيقة كان الهدف هو نشر التشيع.
بما أن الأكاذيب انتشرت بين الناس ووصلت إلى الجزائر، بل وحتى سمعت بعض المفكرين يستدلون بكتاب “مذكرات همفر” على أنه حقيقي، فقررت كتابة سلسلة مقالات ردا على الكتاب المزعوم، ونقلت المقالات التي كتبتها إلى رئيس التحرير (ف.إسماعيل) … غير أني لم أجد جدية من المسؤوليين بل أحسست منهم تعمد نشر الكتاب المزور وتعمد الإساءة، لهذا قررت أن أتوسع في البحث من مجرد مقالات إلى كتاب كامل في الرد على الأفكار المنحرفة التي تضمنها كتاب الجاسوس المزعوم، وانتهيت من تأليف الكتاب سنة 2010 لكني فضلت تحين الفرصة المناسبة لنشره، ولحد الآن لم أنشر الكتاب.
بالرجوع إلى ما سمي بعقيدة “الوهابية” بعد بحث تبين الآتي:
1- لا خلاف بين عقيدتنا كمالكية وعقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن ما دعا إليه هو عقيدة أهل السنة والجماعة.
2- أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يأتي بشيء جديد بل هو مجدد حاله حال جمعية العلماء المسلمين والإمام العلامة الشيخ عبد الحميد #بن_باديس، وله جهود في محاربة الشرك والخرافات وفي توحيد جزيرة العرب مع الأمير محمد بن سعود.
3- ان ما يعتبرونه “وهابية” كانت تسمى في كتب أهل السنة القديمة (بعقيدة أهل الحديث) والتي هي جزء من عقيدة أهل السنة والتي تقابلها عقيدة الأشاعرة.
4- أن من نعت السلفيين بالوهابية هي الدولة العثمانية التي كان لديها خلاف سياسي مع الدولة السعودية الأولى.
5- أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب تأثر بشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله، وهو واحد من أعظم العلماء في تاريخ البشرية وليس فقط في التاريخ الإسلامي.
6- أنه لا وجود لشيء اسمه وهابية بل هم سلفيون على عقيدة أهل السنة.
من المغالطات التي يروج لها البعض أن الخلاف بين السنة والشيعة خاص بالسلفيين فقط دون باقي أهل السنة والجماعة، وهذا قمة الجهل، لأن علماءنا المالكية ردوا على الشيعة قديما كالباقلاني 402 هـ، وبن عبد البر 463 هـ، وأبي بكر بن العربي 543 هـ، والقاضي عياض 544 هـ، وكل هؤلاء قبل ولادة شيخ الإسلام بن تيمية 726 هـ، كما أن طعون الرافضة في “أمهات المؤمنين زوجات النبي عليه السلام، الأئمة الأربعة، الصحابة، كتب أهل السنة … الخ”، يجعل من الخلاف مع كل أهل السنة والجماعة وليس فقط مع فئة معينة.
■ الصورة ■ من المكان الذي أسست فيه الدولة السعودية الأولى – الدرعية، الرياض، المملكة العربية السعودية، الصورة من بيت الأمير محمد بن سعود، وفي الخلفية يوجد بيت الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
كتبه / نورالدين ختال.